أخيرا استفاقت وزارة الصحة من غفوتها، واعترفت بأن للمرضى حقوقا ينبغي حصولهم عليها، وأنها انتهكت، فقررت إنشاء لجان لحمايتها، وما قصة اختفاء جثة مولودة في مستشفى الرس إلا مثالا واحدا على هذه الانتهاكات، فضلا عن غيرها من حالات انتهاكية، أثارت الرأي العام السعودي، وأصابته بالفزع، والخوف، بسبب الاستهتار واللامبالاة التي تتعامل بها بعض المؤسسات والمنشآت الصحية مع بعض المرضى.
جميل جدا تأليف (تشكيل) هذه اللجان، والأجمل تحديد حقوق المرضى بصورة واضحة، لا تقبل تأويلات وتفسيرات خاطئة (غير قانونية) وتحديد واجبات المستشفيات، والمراكز الصحية، والأطباء، وهيئة التمريض، والفنيين، والأهم من ذلك ألا تتعرض مخالفاتهم وعقوباتهم للاختراق، وأن تتوه شكاواهم بين لجان وضعتها في أدراج مكاتبها، ودعوات تطلب من أعضائها الحضور، فيعتذرون تحت ذريعة الانشغال بأعمال أخرى.
يتردد أن معظم المرضى لا يتمتعون بحقهم الأساس، في تلقي العناية الطبية التي تحفظ كرامتهم، واحترام قيمهم الدينية والاجتماعية والثقافية، ويتردد أن معظمهم لا تسعى المؤسسة الطبية لتفهم واحترام قيمهم، ويتردد أن معظمهم لا تلبى احتياجاتهم الصحية، ضمن طاقة المؤسسة الطبية، ونظامها، ولوائحها المنظمة لعملها، أليست هذه انتهاكات لحقوق المرضى؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك - افتراضا - فمن يعتني بهم بكل احترام؟ ولماذا لا يحصلون - أو معظمهم على الأقل - على معلومات كاملة من الأطباء المعالجين عن حالاتهم الصحية؟ وهل من الواجبات الإنسانية والطبية انتهاك سريتهم وخصوصيتهم؟
صحيح أن هذه الانتهاكات تحدث في معظم المؤسسات الطبية في العالم، لكن القوانين والأنظمة هناك التي تحدد العلاقة بين المريض والمؤسسة تسود، وتطبق بكل حزم وقوة، وبلا مجاملات أو واسطات، أو متنفذين، وذي مصالح وغايات خاصة، أو مستفيدين من تردي الخدمات الصحية، فلا انتهاك لحقوق المريض بدون عقوبات، ولا انتهاك لحقوق المؤسسة الطبية بدون عقوبات، وهنا لا تُسَهِّل آليات الفساد الطبي أهدافا عبر عناوين براقة، تدعي معرفة بالحقائق وهي غائبة عنها.
مَنْ يضمن حصول المرضى على حقوقهم؟ وكيف يحصلون عليها؟
ولماذا لا ينصفون عندما يشتكون؟ ومن المسؤول عن حمايتهم وضمان عدم انتهاك حقوقهم، أسئلة تجيب عنها اللائحة المنتظرة لحقوق المرضى، الذين انتظروا كثيرا، فلينظروا إنهم لمنتظرون.