استطاعت المملكة بفضل الله تعالى أن تحبط أكثر من 190 عملية إرهابية في السنوات القليلة الماضية، ولو كان قدر ونجح الإرهابيون في تنفيذ عملياتهم الإجرامية لكانت النتائج كارثية بحق. ولأن المملكة دولة تقيم شرع الله تعالى وتنفذ حدوده فإنها تحيل الإرهابيين إلى القضاء ليحكم فيهم بما أنزل الله تعالى. واليوم تبدأ محاكمة سبعين شخصاً تورطوا في أعمال إرهابية، وسيلقون بإذن الله تعالى جزاءهم العادل.
تجربة المملكة الناجحة في مكافحة الإرهاب لاقت أصداء إيجابية واسعة على مستوى العالم، وحثت دول عديدة على محاكاة التجربة السعودية في هذا المجال. وعلى سبيل المثال، امتدح مركز (كارنيجي) للسلام في دراسة نشرها قبل أقل من شهر جهود المملكة في مكافحة الإرهاب، وأكدت الدراسة أن تجربة المملكة الناجحة في تخفيف حدة هذه الظاهرة اعتمدت على ثلاثة مقومات وهي: (الوقاية، وإعادة التأهيل، وبرامج ما بعد العناية).
إلا أن من الأهمية بمكان التأكيد على أننا لم نصل إلى نهاية المطاف، فمكافحة الإرهاب ستظل مستمرة، والقضاء عليها قد يستغرق وقتا يمتد إلى ثلاثين عاما، كما أفاد بذلك خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في لقاء صحفي سابق مع (بي بي سي) البريطانية العام الماضي. ولذلك لابد من استمرار اليقظة الأمنية، والحذر الواجب من جميع المواطنين على حد سواء لأن الإرهاب قد يطل برأسه القبيح في أي وقت وفي أي مكان، وقد يزداد حدة وقد يخف طبقا للظروف المحيطة.
المعركة طويلة والنصر على الإرهابيين لن يتأتى بعد توفيق الله تعالى إلا بتعاون دولي كبير، ولذلك فإن المملكة نظمت مؤتمرا عالميا في عام 2005م لمناقشة سبل محاربة الإرهاب ودعت من أجل ذلك إلى إنشاء مركز دولي للتعاون المعلوماتي، وذلك لوجود قناعة بأن الإرهاب ظاهرة دولية مركبة وينابيعه عديده. فهو على مستوى دولي مرتبط بظواهر إنسانية أخرى قد لا تقل عنه خطورة كالفقر المدقع، والفساد، والصراعات الإقليمية التي تتحول مناطقها عادة إلى مراتع خصبة لتفريخ الإرهابيين. كما أن الإرهاب متداخل مع ظواهر إجرامية أخرى كغسيل الأموال وتهريب الأسلحة وتجارة المخدرات. وبالتالي، من الضروري كشف العلاقات بين هذه الظواهر والسعي إلى حلها، وإلا فلا سبيل إلى القضاء على الإرهاب والوقاية منه.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244