إحدى آ ليات السوق وضبط أسعار السلع، بأنه كلما قلت السيولة انخفضت الأسعار، ولأن الأسواق العالمية التي تصدر السلع لأسواقنا بحاجة إلى أموال سائلة فإنها خفضت كثيراً من قيم السلع التي تصدرها مما انعكس إيجابياً على الموردين الذين خفضوا بدورهم الأسعار حيث شهدت أسعار السلع في الدول المجاورة انخفاضاً وصل في كثير منها إلى النصف. وقد عرضت الصحافة المصرية في الأيام الأخيرة قائمة للأسعار التي شهدت انخفاضاً كبيراً وخاصة السلع الغذائية المستوردة والمحلية على حد سواء. وأظهرت القائمة المنشورة للسلع بأن تأثر الحركة التجارية العالمية بالأزمة المالية التي تشهدها الأسواق الدولية، حيث عجزت الدول المستوردة من تخصيص مبالغ كبيرة كالتي كانت توفرها قبل الأزمة الدولية مما أوجد ركوداً فرض على أصحاب السلع المصنعة والمصدرة تخفيض أسعارها وهو ما انعكس على الأسواق التي تستورد تلك السلع.
حدث هذا تقريباً في كل الأسواق وخاصة في الأسواق النامية وبانت الانخفاضات بصورة واضحة وهي حالة طبيعية لوضع الاقتصاد الدولي إذ كلما قلت السيولة انخفضت الأسعار وانخفض التضخم، والعكس صحيح، وهو ما كان سائداً في أسواقنا أسواق الخليج فبعد ارتفاع أسعار البترول وزيادة السيولة في بلداننا رفعت الأسعار في البلدان المصدرة لعمل توازن، وكان طبيعياً أن تنخفض الأسعار بعد انخفاض التضخم، وهو فعلاً ما تحقق.. ولكن في أسواق غير أسواقنا..!!
في مصر تضم قائمة السلع التي انخفضت أسعارها من بين ما تضم الحليب والأرز والسكر، وهذه السلع تعرض الآن في الأسواق المصرية بنصف الأسعار التي كانت تباع فيها مثل الأزمة الدولية وقد التزم تجار (بيع القطاعي) بقائمة الأسعار التي وضعتها الدولة التي أخذت في الاعتبار أسعار الاستيراد مع وضع هامش للربح، أما التجار الذين لم يلتزموا بأسعار الحكومة المصرية فقد قبض عليهم وأدخلوا السجن لأنهم حرموا الشعب المصري من الحصول على الغذاء بأسعار عادلة. هنا في بلادنا في المملكة العربية السعودية لا يزال التجار متمسكين بنظرية الذي يرتفع لا ينخفض..!! وهذه النظرية لا تحظى بتمسك التجار بل وبمساندة من وزارة التجارة التي للتجار في اسمها نصيب، فلا تحاسبهم وتترك المستهلكين يئنون من سطوة الأسعار دون مغيث.. لتكون مصيبة المستهلك مصيبتين ضياع المدخرات بعد خراب سوق الأسهم و تواصل الغلاء بثبات أسعار السلع لأن تجارنا ضمنوا سكوت وزارتهم حتى وإن خالفوا النظريات الاقتصادية، ولسان حالهم يقول: (لسنا بأفضل من زملائنا هوامير أسواق الأسهم الذين يبتلعون الدعم والتدخلات ويخالفون كل إجراءات الإصلاح) فلماذا إذن يستجيب هوامير الأسعار لنظريات الاقتصاد وآليات السوق..؟!
jaser@al-jazirah.com.sa