نشرت صحيفة الوطن بتاريخ 28-9-1429هـ خبراً مفجعاً يقف بسببه شعر رأس كل من لديه ضمير حي، وقد جاء عنوان الخبر كالتالي: (مصرع أب وأم وإصابة طفلين هوت سيارتهم في نفق خميس مشيط)، وقد جاء الخبر متضمنا أن أبا وأما في الثلاثين من عمرهما، لقيا مصرعهما وأصيب طفلاهما (6 و4 سنوات) بعد أن هوت سيارتهم من ارتفاع أكثر من 10 أمتار في مشروع إنشاء نفق في خميس مشيط.
المصيبة ليست في وقوع الحادث، فالحوادث مقدرة ومكتوبة من رب العالمين ولا اعتراض على ذلك، ولكن المصيبة تكمن في ذلك الإهمال واللا مسؤولية الذي كان عليه رئيس بلدية محافظة خميس مشيط والعاملون معه والذين سمحوا لذلك المقاول بأن يحفر حفرة عمقها أكثر من عشرة أمتار لاقامة النفق على الطريق دون أن يلزموه بوضع صبات خرسانية أو حواجز حديدية صلبة، حيث أوضحت الصورة التي نشرتها صحيفة الوطن مع الخبر بأن المقاول لم يضع سوى ستارة من الخيش، وبالتالي تكون قد أسهمت مع المقاول في اصطياد العديد من الضحايا من خلال السقوط في تلك الحفرة العميقة، علماً بأن الخبر المنشور في صحيفة الوطن قد أشار إلى أن هذا المشروع (قد أصبح حجر عثرة في طريق السالكين ومصيدة تتكرر منها المآسي).
المصيبة الأخرى، بل الطامة في اعتقادي تكمن في ذلك التهرب من المسؤولية والتهرب من الاعتراف بالإهمال والتقصير من قبل رئيس بلدية خميس مشيط، فبدلا من الاعتذار عن التقصير وبدلا من قيامه بمواساة أهل المتوفين والمصابين ذهب إلى إلقاء كامل المسؤولية على المقاول وبمبرر أقل ما يقال عنه أنه مبرر سخيف حيث قال سعادته مبرراً وقوع الحادث (... بأن المقاول قد ماطل في إنجاز وتسليم المشروع حسب العقود المبرمة معه حيث لم يف بالوعود المتكررة لإنجاز المشروع وتسليمه في وقته المحدد، مشيراً إلى أن مدة تنفيذ المشروع قد انتهت منذ قترة طويلة...) كما أضاف سعادته وبكل برود (بأن المقاول قد تجاهل وضع اللوحات الإرشادية على جانب المشروع لضمان إرشاد عابري الطريق إلى أن المكان يوجد به منطقة عمل لأخذ الحيطة والحذر).
في ظني أن تأكد رئيس البلدية بأنه لن يتعرض لأي نوع من المسألة عن تقصير البلدية والذي كان السبب الأساسي في الحادث وقتل الأنفس البريئة هو ما جعله وبكل برود يجرد نفسه من المسؤولية ويتجرأ بالتصريح للصحيفة بمبررات سخيفة لا تؤدي سوى لزيادة وتعميق حزن ذوي الضحايا الأبرياء في ذلك الحادث، وفي ظني أنه لو وقع مثل هذا الحادث في دولة أخرى لما اكتفى بأن يقدم رئيس البلدية استقالته بسبب تقصيره في حدوث مثل تلك الجريمة، وإنما وصل الأمر إلى مساءلته قضائياً أيضاً.
للمعلومية:
السماح للمقاولين بحفر مثل تلك الحفر التي يزيد عمقها عن 10 أو 20 متراً من أجل إنشاء أبراج سكنية أو أنفاق أو غيرها في وسط المدينة دون إلزامهم بوضع حواجز خرسانية أمر يتكرر في الكثير من مناطق ومحافظات المملكة، وهو أمر نشاهده يومياً في العديد من الأحياء والطرق، ولذا ندعو كافة أمناء ورؤساء البلديات لملاحظة ذلك قبل ارتكاب المزيد من الجرائم بحق مثل تلك الأنفس البريئة التي تم قتلها في حفرة خميس مشيط.