كثر الحديث عن الذين يحاولون أكل أموال الناس بالباطل من الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم على سبيل النهي بقوله سبحانه وتعالى في الآية رقم (188) من سورة البقرة بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم.
حيث يحلو لبعض الناس غمط الآخرين حقوقهم واللجوء إلى المحاكم ومحاولة التسويف والتعطيل من أجل الوصول إلى هدفهم وهو أكل أموال الناس بالباطل. فقد بلغني من أحد أصحاب العقارات الذي استلم عقاراته بعد خمسة أشهر من إلغاء العقد بينه وبين المستأجر النصاب والعقارات في حالة يرثى لها وعليها التزامات مالية بعشرات الآلاف رسوم استخدام خدمات للفترة التي استغلها المستأجر، بلغني أن ذلك المستأجر حسب ما نقل عن أحد وكلائه قد أعلن ندمه على سرعة تسليمه العمائر أي أن وجودها بين يديه دون وجهة حق ما يزيد عن خمسة أشهر لم تكفه فهو على حد قوله لم يندم على شيء في حياته بقدر ندمه على تسليم الحق إلى أصحابه مع أنه سلم هذا الحق ناقصا ومتأخرا عدة شهور؛ لأنه كان يريد على حد قوله أن تبقى العمائر ظلما وعدوانا تحت يديه ليمر موسم وموسمان وأصحاب الحق يتلطشون على أبواب الجهات المختصة فيما هو يتنعم في الحرام الناتج عن تأجيره واستغلاله لما لا يملك.
ولعل بعض الناس الذين لا يدركون خطورة هذه الفئة يقعون بين أيديهم كالفراشات التي تقع على النار فتراهم يقدمون للمجتمع مشاريع استثمارية وهمية ويجمعون من البسطاء مبالغ مالية بدعوى استثمارها لهم وإعطائهم فوائد استثمارية عليها فيما يستخدمون هذه الأموال لأغراضهم الخاصة ولا يعطون الملاك حقهم من الربح ولا يعيدون ما أخذوه من أموال معتمدين على أساليب الغش والخداع والتضليل لأفراد المجتمع ومن تلك الأساليب ما يستخدمونه من لوحات إعلانية مزبرقة تجذب إليهم الضحايا لما تحمل من وعود استثمارية حسنة ولكنها في حقيقتها قبيحة لأن نتائجها النهائية وبال على الذين يتعاملون مع هذه الفئة وكان الأولى أن يكتب على تلك اللوحات مؤسسة الأشرار للنهب لا للاستثمار فهذا العنوان الدعائي هو اللائق بهم والمعبر عن حقيقة أعمالهم.
ومما ساعد هؤلاء على أكل أموال الناس بالباطل طول الإجراءات التي تسير من خلالها معاملات الشكوى للإخلاء أو لاسترداد الحق منهم ووجود من يعينهم على الباطل عن تقديم شهادة الزور التي حذر منها المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام وكان متكئا فجلس وأخذ يردد ألا وشهادة الزور ألا وقول الزور حتى فزع الصحابة لذلك وقالوا ليته سكت لما ظهر لهم من تحذير نبوي شريف لشهادة الزور ولكن هؤلاء يجدون من يشهد لهم هذه الشهادة ويقدمها لهم بطريقة فيها وقاحة وجرأة على الحق ما يجعله لا يتورع عن تقديم شهادة الزور وربما أظهر للناس صلاحا وادعاء العلم ولكن عمله غير صالح. وأخيرا وحتى لا يضيع الحق بيننا فإنه لابد من إعادة النظر في جميع الإجراءات المتخذة في مثل هذه الأمور حتى لا يزداد عدد النصابين وشهود الزور و يصبح أكل أموال الناس بالباطل مصدر رزق لكل من تلذذ بأكل الحرام! والله الموفق،،
assas.ibrahim@yahoo.com