الجزيرة - أحمد الجاسر
اختتمت الورشة التأسيسية الأولى لكرسي الجزيرة لدراسات الإعلام الجديد أعمالها، والتي عقدت في مبنى المؤتمرات والتعليم المستمر بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بمشاركة عدد كبير من أساتذة الإعلام من كافة الجامعات السعودية.
وأشاد المشاركون بمبادرة مؤسسة الجزيرة للصحافة في تمويل الكرسي، وبالفكرة الرائدة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي اقترحت وتبنت مجال الإعلام الجديد.
القطاع الخاص ودعم البحو
بدأت الورشة بمشاركة د. سعود كاتب أستاذ تكنولوجيا الاتصال بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الذي أشاد بموضوع الكرسي لأهميته للإعلام السعودي، معتبراً اختيار عنوان الإعلام الجديد دليلاً على حيوية جامعة الإمام ومواكبتها لمتطلبات العصر، مشدداً على أهمية القطاع الإعلامي الخاص في المملكة بدعم التوجهات البحثية الحديثة.
واعتقد أن الإعلام الجديد مجال مهم جداً وتستحق جامعة الإمام ومؤسسة الجزيرة التهنئة باختيار هذا المجال، لأن هذا المجال ظهر منذ عدة سنوات وبدأت مخاوف كثيرة لدى الصحف التي تمارس عملها التقليدي، معتبراً ذلك بمثابة الخطر القادم بالنسبة إليهم، مؤكداً أن الإعلام الجديد لم يكن خطراً على الإعلام التقليدي، وإنما بمثابة فرصة الربح له إذا أُحسن التعامل.
وبيَّن د. سعود أن ما يعرف بالإعلام الجديد له أشكال ونظريات وممارسات تختلف بشكل جذري عن ما يعرف بالإعلام القديم أو التقليدي، مشيراً إلى أهمية قيام الجامعات ومراكز البحث بالاهتمام بدراسة كل ما يتعلق بهذا الإعلام حتى يتمكن المختصون في المملكة من توظيفه أولاً ومن ثم احتوائه وتوفير الفرص للإعلام التقليدي الوطني ليصبح الإعلام الجديد امتداداً طبيعياً للإعلام التقليدي دون أن يكون مصدر تهديد.
وقال إن الإعلام الجديد لن يؤثر على الإعلام التقليدي القديم بل سيدعمه، موضحاً أن أهداف الكرسي غطت على الكثير من الجوانب، ولكن هناك ثلاث مشكلات رئيسة يجب أن تضاف إلى هذه الأهداف هي: القوانين والتشريعات (ما زال هناك قصور واضح وكبير في مجال القوانين والتشريعات الخاصة بالإعلام الجديد، وأعتقد أنه تواجهنا مشكلات كبيرة إذ لم نحسن ونبدأ التخطيط من الآن)، وكذلك الأخلاقيات بما أن هناك إعلاماً جديداً لا بد أن يكون هناك أخلاقيات جديدة مرتبطة بالمجال نفسه، إضافة إلى مجال الحماية والأمان بالنسبة للجهات التي تستخدم الإعلام الجديد، مشيراً إلى الأعمال التخريبية التي أحدثها قراصنة الإنترنت (الهكرز) لموقع العربية نت في الأيام القليلة الماضية، مشدداً على أن مجال (الحماية والأمان) يستحق أن يكون جزءاً من البحث في هذا الموضوع.
رؤية معاصرة لجامعة الإمام
إلى ذلك، أكد د.فايز الشهري أستاذ الإعلام بكلية الملك فهد الأمنية بالرياض في مداخلته على ضرورة العمل أولاً على ضبط مصطلح الإعلام الجديد قبل الانطلاق في المسارات البحثية الأخرى.
وقال: (نحتاج إلى ورشة معمقة لإعادة تعريف أركان العملية الاتصالية في ضوء الإعلام الجديد، والتركيز على مفهوم المرسل والمستقبل، وأركان العملية الاتصالية، ومفهومها وماذا يعنى بها، وكذلك الجمهور الخفي خاصةً إذا كان الحديث عن موضوع شبكة (الإنترنت)، والقنوات الفضائية الإخبارية وبالأخص عندما تنتقل عبر الهاتف النقال فهي تحتاج إلى دراسة وتأسيس).
وأشاد د. الشهري بمبادرة مؤسسة الجزيرة للصحافة في إنشاء الكرسي، وكذلك الرؤية المعاصرة للجامعة التي جعلتها تقترح مسمى (الإعلام الجديد)، وهو نهج ريادي للجامعة ملحوظ اليوم.
وهنأ أ. د. عثمان العربي أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود بالرياض إدارة جامعة الإمام ومؤسسة الجزيرة للصحافة على حسن اختيار هذا العنوان للكرسي، مشدداً على ضرورة أن تكون هذه المبادرة الرائدة حافزاً للجامعات والجهات المعنية في مجال عمل الكرسي للمشاركة بفعالية من خلال المناشط المختلفة التي سيتولى الإعداد لها كرسي الإعلام الجديد، داعياً القائمين على الكرسي أن يجعلوا هذا التوجه واقعاً عملياً ملموساً.
وأوضح أن دارسي الإعلام أمام مرحلة جديدة، لأن نظريات الإعلام لم تعد تتماشى مع هذا الإعلام، مؤكداً على أننا نعيش مرحلة مختلفة كلياً في الممارسة الإعلامية شكلاً ومضموناً، ولذلك تتأكد أهمية الدراسة والبحث تأصيلاً واستكشافاً لكل جوانب العملية الاتصالية.
ووافقه الرأي الأستاذ الدكتور محمد البشر أستاذ الاتصال السياسي بقسم الإعلام في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حيث أكد على أهمية التأصيل ودعم الجهود البحثية والترجمة وتشجيع الدارسين في الدراسات العليا لبناء أرضية مناسبة تنطلق منها دراسات الإعلام الجديد، وأشاد بريادية جامعة الإمام في اختيار موضوع الكرسي، مبيناً أهمية الجوانب التطبيقية والدراسات الاستكشافية للكرسي، معتقداً أن العمل المثمر الذي من الممكن أن يلتمس إنجازاته هو الذي يكون له رؤية أو إستراتيجية على المدى البعيد أو القصير.
واقترح بأن يكون للكرسي برنامج زمني خلال عام جامعي يتم من خلاله اختيار القضايا المهمة والملحة وترتيبها حسب أولويات اهتمام الكرسي، حتى يكون هناك مرجعية نظرية لدراسات الإعلام الجديد يبادر الكرسي باستكتاب متخصصين في مجال الإعلام الجديد أو بعقد ندوات أو ورش عمل.
وأوضح البشر أن البرنامج سيساهم في تحقيق أمرين هما: ضمان مناقشة القضايا التي تم اختيارها كأولويات في هذا الكرسي، وقياس الإنجاز الذي تم خلال عام جامعي.
بعد ذلك طرح د. عبدالله الحقيل الأستاذ المشارك في قسم الإعلام بجامعة الإمام رؤية عملية للكيفية التي يمكن أن تشكل الخطوات الأولى للكرسي، وأشاد بمبادرة الجامعة لدعوة الأكاديميين والمهتمين بالإعلام الجديد في هذه الورشة التي من المتوقع أن تكون المشاركات المختلفة للحاضرين مرجعاً مهماً للرؤية الإستراتيجية والخطة التنفيذية للكرسي.
وفي السياق، أكد د. عبدالله الحمود مدير العلاقات العامة والنشر بوزارة الداخلية ضرورة الاهتمام بضبط المصطلح وتحديد معالم هذا الإعلام، لأن التفاعلية لم تعد من خصائص الإعلام الجديد، وهو ما وافقه عليه الدكتور محمد الخرعان أستاذ الإعلام الإسلامي بقسم الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الذي أكد على أهمية اعتبار الإعلام الجديد تطوراً في مسيرة الإعلام وليس تهديداً للإعلام القديم.
دعم وتشجيع الباحثين
من جانبه، شدد د.سعد آل سعود على أهمية دعم الباحثين السعوديين والعرب وتشجيعهم ليكون لدينا بحوث وكتب في هذا المجال، إضافة إلى العناية بالورش التدريبية والتطبيقية المختلفة في مجال الإعلام الجديد.
وهو ما أكد عليه د.مساعد المحيا أستاذ الإعلام والإذاعة والتلفزيون بقسم الإعلام في جامعة الإمام، وبيَّن مدى أهمية الجوانب التطبيقية في الإعلام الجديد خصوصاً في تطبيقاته ضمن الإعلام التقليدي.
إلى ذلك أكد د. عبدالحافظ صلوي رئيس قسم الإعلام في جامعة الإمام على أهمية هذا الكرسي لدارسي الإعلام وممارسيه، ودعا إلى التعاون المشترك بين الكرسي وأقسام الإعلام المختلفة.
وبيَّن د. محمد الصبيحي وكيل قسم الإعلام في جامعة الإمام أن موضوع الكرسي يؤكد اهتمام الجامعة ومؤسسة الجزيرة بالمجتمع المحلي، حيث أصبحت تطبيقات الإعلام الجديد تشغل حيزاً مهماً في المجتمع السعودي وقطاعات العمل المختلفة.
إلى ذلك بيَّن د.حمد الموسى وكيل كلية الدعوة والإعلام للتدريب والتطوير أن الإعلام الجديد أصبح يشغل حيزاً كبيراً في المجتمع السعودي ولذلك لابد من الاهتمام بالجوانب التطبيقية من خلال دراسة الإشكالات المختلفة التي تواجه الممارسين للنشاط الإعلامي بشكل عام.
وتمنى الموسى أن يتبنى الكرسي هذه القضية باعتبار آفاق التكامل بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد خاصة وأن المؤسسة الداعمة لهذا الكرسي هي إحدى المؤسسات التقليدية.
ودعا د. الموسى إلى عدم الإغراق كثيراً في البعد عن الإعلام التقليدي، لأن الإعلام التقليدي له أهميته ودوره الكبير الذي يمكن أن يدعمه الإعلام الجديد أو يتكامل معه.
وتفاءل بأن يسهم الكرسي في دعم الإعلام التقليدي والرقي به، وأن يقدم الاستشارات التي تسهم بالرقي فيه، وبصحيفة الجزيرة، داعياً إلى البدء من الصحيفة التي قامت بتبني هذا الكرسي وأن تشعر صحيفة الجزيرة بقيمة أن يكون لها كرسي في جامعة في صرح أكاديمي معترف به.
من جانبه أكد د. سعد الراشد أستاذ الإعلام المساعد بقسم الإعلام في جامعة الإمام على أهمية البعد عن المبالغة في التنظير وضرورة التركيز على الجوانب التطبيقية التي يمكن من خلالها الوصول إلى نتائج استكشافية وتأصيلية تساعد المهتمين بمجال الإعلام الجديد في بناء دراساتهم على أسس علمية سليمة.
من جهته، أكد أستاذ كرسي الجزيرة لدراسات الإعلام الجديد المكلف د. عبدالله بن محمد الرفاعي على عزم الكرسي في أن يكون له نشاط شهري ما بين ورشة تطبيقية، ومحاضرة متخصصة، ومشاركة علمية - بإذن الله تعالى-، موضحاً أن المشاركة في هذه الورشة دليل على انفتاح الكرسي نحو الجميع.
ونوه إلى أن الخطوات التي اتخذها مجلس كراسي البحث في جامعة الإمام تبشر بحراك مستمر للكرسي، مشيراً إلى أن هيئة الكرسي ستبادر بطرق جميع الأبواب ليشارك الجميع في برامجه المختلفة.
وأضاف: (هناك تهديد حقيقي للإعلام وبالذات الإعلام المكتوب، مشيراً إلى أن هناك تراجعاً حاداً في أعداد المبيعات للصحافة وزوار مواقع الصحف السعودية، الكرسي يهدف إلى دعم العقول الوطنية في السعودية بالدرجة الأولى والعقول العربية بالدرجة الثانية).
وبيَّن الرفاعي أن إدارة الجامعة ممثلة بمعالي مديرها رئيس مجلس كراسي البحث الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل وسعادة الدكتور عبدالله الخلف وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي نائب رئيس كراسي البحث والأستاذ الدكتور فهد العسكر عميد البحث العلمي أمين مجلس الكراسي وكذلك الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير صحيفة الجزيرة جميعهم يؤكدون على ضرورة أن يكون هذا الكرسي مفتوحاً لجميع المهتمين بمجال الإعلام الجديد من الأكاديميين والممارسين من مختلف الأقسام والوسائل الإعلامية العلمية، وأن يكون نشاطه شاملاً وعاماً لمختلف الجوانب البحثية والنظرية بما يحقق الرؤية الإستراتيجية الشاملة للكرسي، ويحقق توطين هذا النوع من الدراسات من خلال الاستفادة من الخبرات العالمية وتوظيفها لخدمة الغرض الذي من أجله طرح مسمى الإعلام الجديد من قبل الجامعة، ومن أجله مولت مؤسسة الجزيرة هذا الكرسي والمتمثلة في التنمية المستدامة للمواطن بحيث تكون للإنسان السعودي القدرة والأدوات التي جعلت منه رائدة في مجال الإعلام الجديد.
وفي ختام الورشة تبنى المشاركون الورقة المقدمة من أستاذ الكرسي بعد مناقشتها، وإضافة الكثير من النقاط المهمة التي يمكن أن تكون أساساً للخطة التنفيذية للكرسي.