هل فوز المرشح الديمقراطي باراك أوباما في انتخابات الرئاسة الأمريكية - فيما لو فاز - سيعني أن أمريكا استطاعت أن تقضي على العنصرية ضد الآخر سواء كان هذا الآخر أسود أو عربياً أو مسلماً، بدليل وصول رجل أسود ومشكوك في انتمائه الديني إلى كرسي الحكم، أم أن فوزه المحتمل سيحدث ردة فعل عنيفة ليبدأ فصل جديد من العنصرية ضد السود والأجانب؟!.
لقد عانى الأمريكيون من أصل إفريقي طوال تاريخ أمريكا من التفرقة العنصرية، وكانوا مضطهدين ومجبرين على القيام بالأعمال الشاقة من أجل مصالح البيض. وفي هذا يقول المفكر الأمريكي دان لابوتز إن (قيود الأفارقة الأمريكيين صنعت في مصانع الحديد الرأسمالية في شمال أمريكا كما في جنوبها، وأن العمال الأفارقة في مزارع العبودية في الجنوب انبثقت من صناعة الأقمشة في انجلترا وانجلترا الجديدة).
وحتى عندما حصل السود على حقوقهم المدنية بعد كفاحهم المتواصل فإن مشاعر الكراهية بين العرقين لم تختف، لتعود وتظهر بوضوح مع الحملات الانتخابية الحالية. وخاصة أن ثمة شكوكاً لدى بعض الأمريكيين بأن باراك (حسين) أوباما رجل مسلم، لتصبح في هذه الحالة عنصرية مركبة وأكثر تعقيدا. وهذه الإشكالية جعلت رائحة العنصرية تفوح من خطب منافسي أوباما، حتى إن هيلاري كلينتون وهي من حزبه وداعمته اليوم لم تترك فرصة خلال انتخابات الديمقراطيين من دون محاولة لتحريك المشاعر العنصرية ضد أوباما وفقا لما أفاد به بعض المتابعين عن كثب. كما أن حملة ماكين ومؤيديه ظلوا طوال الأسابيع الماضية يهاجمون بطريقة صريحة أو خفية شخص أوباما، مما أثار استياء المرشح الديمقراطي وحنق مناصريه.
وقد أفرزت هذه الحملات عن قيام بعض المتطرفين الأمريكيين بالتخطيط لاغتيال أوباما، فها هي وللمرة الثانية في غضون أشهر يعلن عن إحباط مؤامرة لقتله وقتل أكبر عدد ممكن من السود في وقت واحد.
إذن نحن أمام واقع أمريكي متغير، وعادة ما تكون فترات التغير مضطربة لصعوبة قبول الجديد. ولن نعجب إذ رأينا ازدياد حدة العنصرية في أمريكا ليس ضد السود فحسب ولكن ضد كل ما هو أجنبي وخاصة العربي المسلم.
ولهذا نخشى فيما لو فاز أوباما بالرئاسة أن يسعى هو بدوره إلى تأكيد أمريكيته والتخلص من عقدة اللون عبر اللجوء إلى سياسات (عنصرية) ضد الآخرين ونقصد بهم هنا المسلمين.! ولا ننسى عندما صرح أوباما ذات مرة بأن صراعات الشرق الأوسط نشأت بسبب ما سماه (أيديولوجية الكراهية في الإسلام الراديكالي)، كما لا ننسى دفاعه عن (يهودية إسرائيل)، وعن ضرورة بقاء القدس (عاصمة موحدة وإلى الأبد لدولة إسرائيل).
وهذا ما يهمنا نحن من هذه المسألة، فهل سيقوم أوباما (الرئيس) بمعالجة الداء بالتي كانت هي الداء؟!
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244