كنت قبل سنوات ضد الشفافية المطلقة في معالجة بعض القضايا، وكنت أميل إلى فكرة عدم إشاعة التفاصيل وجعلها مادة صحافية أو إعلامية؛ لأن ذلك قد يتحول إلى ورشة عمل تدريبية وتثقيفية في الاتجاه المضاد وفيها فتح آفاق للجريمة، والفساد يغري المنحرفين بالمزيد من التجريب.
الحديث المفصل عن طريقة صنع المخدرات واستخدام الغراء وغيره وآثاره الوقتية التي تسهم في ارتخاء الأعصاب وتغييب الوعي المعمق في المشكلات وأعباء الحياة.. قد يقود إلى الرغبة في التجريب مظنة أن الإنسان يستطيع أن يتوقف عندها متى شاء.
وكانت قضية العنف مع الأطفال تندرج ضمن القضايا التي كنت أتحفظ على معالجتها إعلامياً وكنت ممن يرى أن تكون معالجتها ضمن نطاق ميداني.. وأنا أرى ذلك الآن خطأ جسيماً ارتكبته.
** لكنني - ولله الحمد - تخلصت من هذه المخاوف وانطلقت في مسار الشفافية الكامل الذي أصبحت أؤمن بإيجابياته التي تجعل من سلبياته حداً أدنى مماثلاً للتأثيرات الجانبية للدواء التي يقبلها المريض الباحث عن الشفاء! شريطة أن تكون النية خالصة لله ثم لمصلحة الوطن - وليس للشهرة والنجومية وحصد رضى القنوات الفضائية الخارجية.
** ثم إن التجربة الإعلامية المتوالية منحتني إدراكاً لقيمة الضوء وكيف يمكن يستفاد من تسليطه الدائم والمتكرر عبر حملات إعلامية متراتبة ومتنوعة الأساليب في معالجة قضية ما وترسيخ مفاهيم إيجابية بإمكانها إدارة رقاب الناس وأعينهم لينظروا إلى إشارة حمراء كبيرة تقول لهم (توقفوا عن فعل هذا)!
** وفي سني التجربة العمرية الصغيرة تنظر إلى مجتمعك عبر ذاكرتك المفردة التي تحوي محيطك وينتابك رفض نفسي لما يمكن أن يكون حاداً في اختلافه وسوئه عما اعتدته فتنكر وجوده وترفض الاعتراف فيه حماية للصورة غير الواقعية.
** قضية (بيان) الأخيرة، جعلتني أبحث عن وسيلة أكفر فيها عن موقفي المتعنت من الحديث الإعلامي عن قضايا سوء معاملة الأطفال فبحثت في الإنترنت عن جمعيات وهيئات ممكن أن أنضم إليها تطوعياً لأسهم في تثقيف المجتمع بأهمية حماية الأطفال وأهمية التعاضد في التصدي لهذه الجرائم المروعة.
** الخط الساخن..
عمداء الأحياء
المسوح الاجتماعية
سجل الملاحظات المدرسية على الأطفال
ملاحظات مستوصفات ومراكز الأحياء على المرضى النفسيين أو أصحاب الميول الشاذة..
كلها تقود -لو تم تفعيلها- بشكل إيجابي إلى تدارك جرائم العنف مع الأطفال قبل وقوعها!
المؤسسات المعنية وذات العلاقة يجب أن يكون تأثرها بالحملات الإعلامية عملياً وملموساً على أرض الواقع..
حمى الله كل أطفال العالم من الشرور والعنف.
fatemh2007@hotmail.com