Al Jazirah NewsPaper Friday  31/10/2008 G Issue 13182
الجمعة 03 ذو القعدة 1429   العدد  13182
المملكة مهيأة لتصبح أكبر سوق للاستثمار فيه عالمياً
توجه عالمي لإنشاء صناديق للاستثمار في الذهب لمواجهة التقلبات الاقتصادية

الرياض - عبدالله المحيسن

أرجع متعاملون في سوق الذهب المحلي ارتفاع المبيعات في الفترة الماضية إلى انخفاض سعر الذهب عالمياً، موضحين أن ذلك أدى إلى حدوث انخفاض في الأسعار بالسوق المحلية لم تشهده منذ أكثر من ثلاث سنوات تقريباً حيث خالفت السوق المحلية أسعار الذهب العالمية التي توقع المتعاملون فيها أن أسعار هذا المعدن النفيس ستتجاوز 1000 دولار للأنصة بسبب ضعف الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسة إضافة إلى انهيارات البورصات العالمية وانخفاض قيود السندات والفائدة إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض أسعار النفط وقلة المعروض من الذهب واستخدامه كملاذ آمن للادخار والاستثمار.

وفي جولة ل(الجزيرة) بأسواق الذهب المحلية لاكتشاف أثر الأزمة العالمية حيث التقينا مبارك أحمد الحارثي أحد تجار الذهب وقال: إن سعر جرام الذهب اليوم 75 ريالاً وهو سعر الشراء، وبيّن الحارثي أن هذا السعر لم تشهده أسواق الذهب المحلية منذ ثلاث سنوات تقريباً، مضيفاً أن أعلى سعر سجله الذهب قبل سبعة أشهر تقريبا حيث وصل سعر الجرام 105 ريالات للجرام واستقر السعر بين 105 و95 ريالاً للجرام مدة ستة أشهر ليبدأ قبل شهر بالنزول التدريجي إلى أن وصل إلى سعر 75 ريالاً للجرام، ولفت الحارثي إلى أن السوق مستقر من جهة العرض والطلب، مشيراً إلى أن مستوى نشاط الذهب قل في السنتين الأخيرتين حيث اقتصر الشراء على أطقم الذهب المتوسطة التي تتراوح أسعارها من 7 آلاف إلى 10 ألاف ريال، وأرجع الحارثي قلة نشاط البيع والشراء في سوق الذهب إلى قلة السيولة وارتفاع الأسعار، كما توقع محمد أحمد مدير مؤسسة لبيع الذهب أن تستمر أسعار الذهب في النزول نظراً لتأثر السوق بانخفاض الأسعار العالمية.

انخفاض كبير

وكشف أحد المستثمرين في هذا القطاع أن أسعار الذهب تأثرت خلال الفترة الماضية سلباً بالأوضاع الاقتصادية كما أنها شهدت انخفاضاً كبيراً، وقال سليمان العثيم: إن المتتبع لأسعار الذهب خلال الفترة القليلة الماضية يجد أن الأسعار كثيراً ما تأثرت بالسلب، بل من الممكن القول إن أسعار الذهب شهدت انخفاضاً كبيراً فمنذ أن بلغ ذروته في منتصف يوليو من العام الحالي متجاوزاً 960 دولاراً للأونصة نجد أنه وخلال شهري سبتمر وأكتوبر 2008 أخذ في الانخفاض بنسب كبيرة حيث بلغ حد 727 دولاراً للأونصة في أواخر أكتوبر 2008 منخفضاً بنسبة 25%، وهو بذلك تأثر كثيراً بما يحدث في سوق النفط العالمي وأسعار الفائدة البنكية حيث اتجهت أغلب البنوك الدولية إلى رفع أسعار الفائدة لديها لمواجهة الأزمة الحالية، ومن الملاحظ أن حدة الأزمة الاقتصادية العالمية قد بدأت في الانحسار رويداً رويداً بعد الدعم الكبير من الدول الكبرى للأسواق المالية والبنوك هذا الهدوء النسبي سوف يعود بالفائدة على السلع والأسواق الإستراتيجية ومن أهمها الذهب حيث من المتوقع أن تشهد أسعار الذهب ارتفاعاً نسبياً خلال الفترة المتبقية من عام 2008م.

ثبات القيمة

وذكر العثيم أن الأزمة العالمية دفعت للاتجاه إلى شراء الذهب، مؤكداً أن للذهب ميزة فريدة يتميز بها عن غيره من السلع الإستراتيجية الأخرى حيث يتميز بثبات قيمته في ظل الأزمات بل نجد أنه يصبح قبلة المستثمرين والملاذ الآمن لحفظ مدخراتهم عند حدوث كبوات في الأسواق والاقتصاديات العالمية وبخاصة في الأسواق المالية، مبيناً أنه في ظل فشل الخيارات الادخارية الأخرى، فبالنسبة للبنوك التي كانت قديماً تعتبر وسيلة استثمارية سهلة وآمنة حيث يودع المستثمر أمواله ومدخراته في تلك البنوك مستفيداً من فائدة ثابتة ترجع إليه كل فترة معينة، ولكن بعد الأزمات المالية التي شهدتها البنوك مؤخراً والتي تمثلت في نقص السيولة الشديد الذي تعاني منه البنوك، وفي هذا الشأن أذكر بنك (ليمان براذرز) رابع أكبر بنك في الولايات المتحدة الأمريكية الذي أعلن إفلاسه مؤخراً بعد عجزه عن سداد أموال الدائنين والتي تعدت حاجز الـ600 مليار دولار.

أما بالنسبة للاستثمار في الأسواق المالية كوسيلة كسب سريعة ومجزية فقد باتت الصورة أمامنا الآن واضحة تماماً لتدلل على فشل تلك الأسواق في مواجهة التقلبات الاقتصادية والمالية التي يعاني منها العالم منذ بداية العام الحالي.

استثمار آمن

وأوضح العثيم أن الاستثمار السعودي في قطاع الذهب من آمن الأوعية الاستثمارية في العالم، وقال: إنه يوجد حالياً أكثر من 700 طن من الذهب تصل قيمته لنحو 19 مليار دولار في خزائن صناديق استثمار تخضع لإشراف مجلس الذهب العالمي، وفي الآونة الأخيرة وعلى الصعيد العربي نجد أن دبي تعتبر مركز تجارة الذهب في المنطقة ستشهد إطلاق أول صندوق استثمار في الذهب تتداول أسهمه في البورصة في عام 2008، وفي مصر أعلن البدء تأسيس أول صندوق استثمار في الذهب برأسمال 500 مليون جنيه بنهاية 2008م.

مضيفاً أن استخدام الذهب في محفظة الأصول المالية يجعلها تتمتع بتوزيع أكثر اعتدالاً للعائد بمعنى أن الذهب يحقق توقعات المستثمر أكثر من الأصول المالية الأخرى حيث إن المحافظ الذهبية تتمتع بمعدل عائد أعلى من المحافظ الأخرى حيث حقق الذهب خلال الفترة الماضية أعلى معدل عائد وأقل مستوى مخاطرة وذلك نظراً لأنه في أوقات الأزمات يكون الذهب أقل مخاطرة وأعلى عائداً وإذا أخذنا في الاعتبار حجم السيولة النقدية التي يتمتع بها السوق السعودي يمكن القول إن الاتجاه إلى الاستثمار في الذهب من المستثمر السعودي سوف يجعل من المملكة أكبر سوق استثماري في الذهب في العالم خلال فترة ليست كبيرة.

التحصن ضد الأزمات

وعن تأثير الأزمة الحالية على قطاع الذهب وانخفاض الدولار قال العثيم: (إن ما يميز الذهب كوسيلة ادخار أنه دائماً وأبداً يثبت صموده وتحصنه ضد الأزمات الاقتصادية، والدليل على ذلك التاريخ المشرف للذهب مع الأزمات العالمية بداية من فترة الكساد الكبير التي كانت من تبعيات الحرب العالمية الثانية حيث ظهر الذهب كملاذ آمن ووعاء ادخاري كسب احترام الجميع)، ومضى قائلاً: (وفي عصرنا الحديث و بعد أحداث سبتمبر 2001 حافظ الذهب على قيمته كوعاء آمن، أما الآن وفي ظل الأزمات المالية الطاحنة التي يمر بها العالم بداية من أزمة الرهن العقاري ثم البنوك والتي تلتها أزمة البورصات العالمية، أثبت الذهب جدارته واحتفاظه بقيمته غير عابئ بالانهيارات الاقتصادية التي تحدث حوله، أما بالنسبة للدولار تلك العملة التي أنهكت، مما جعلها عاجزة على الصمود أمام العملات الرئيسية الأخرى (الين الياباني - اليورو الأوروبي)، فيمكن القول إن الدولار كان الضحية الكبرى للأزمات المالية والاقتصادية التي يشهدها العالم الآن والتي خلفت وراءها بالتبعية ارتفاعاً في الدين العام وعجزاً بميزان المدفوعات الأمريكي، ولعل هبوط قيمة الدولار ينبئ عن ارتفاع في أسعار الذهب نظراً للعلاقة العكسية التي تربط الدولار بالذهب.

وأضاف أن أسعار الذهب تأرجحت في الآونة الأخيرة ما بين الارتفاع والانخفاض ففي شهر يوليو 2008م ارتفعت أسعار الذهب العالمية حيث سجل سعر أوقية الذهب 960 دولاراً، مما أنعش سوق الذهب ولفت أنظار الكثير من المستثمرين، ولكن ومع دخول شهر أكتوبر 2008م انخفضت أسعار الذهب وبشكل ملحوظ حيث وصلت إلى 727 دولاراً للأوقية الواحدة.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد