هذا الكتاب يكاد لا يخلو منه بيت يعتمد عليه الكثير من الناس لفك رموز مناماتهم وهو كتاب مزعوم مكذوب عن ابن سيرين يسمى: (تفسير الأحلام) ويسمى أيضاً: (التفسير الأحلام الكبير) أو (التفسير الكبير) واشتهرت تسميته أيضاً: ب(منتخب الكلام بتفسير الأحلام) يتألف من قرابة الخمسمائة صفحة من الحجم المتوسط به قدمتين وتسعة خمسين باباً وله أكثر من طبعات بعض الطبعات مع حاشيته كتاب النابلسي.
وهذا الكتاب ليس من تأليف ابن سيرين ولا يصح عنه أبداً وذلك لأدلة كثيرة منها:
أولاً:أنه لا يوجد في الكتاب ولا إسناد واحد ثابت عن ابن سيرين.
ثانياً: أن ابن سيرين كان يكره أن يكتب أو يكتب عنه فقال: (لو كنت متخذاً كتاباً لاتخذت رسائل رسول الله صلى الله عليه وسلم)، يعني: أحاديثه، وهذا دليل صريح منه أنه لم يؤلف كتاباً قط، وكل الذين ترجموا له كالذهبي وابن سعد والخطيب وغيرهم لم يذكر واحد منهم أن له كتاباً صنفه، والعجيب أن ابن النديم قد ذكر له كتاباً آخر سماه: بتعبير الرؤيا وهذا خطأ واضح لا يحتاج إلى تمحيص.
ثالثاً: في الكتاب ذكر ونقول له عن أشخاص لم يعاصرهم ابن سيرين مثل أبو سعيد الواعظ، وكثيراً ما ينقل في الكتاب عن أبي سعيد الواعظ أو الأستاذ أبو سعيد الواعظ وهذا الرجل المتتبع لحالة مولده ووفاته يجده جاء وعاش بعد ابن سيرين، ولهذا قيل أن الكتاب لأبي سعيد الواعظ جمعه عن ابن سيرين قاله: مشهور حسين في كتاب: (كتب حذر منها العلماء 2-275- 284).
رابعاً: أن الكتاب مليء جداً بالتناقضات العجيبة والغريبة منها على سبيل المثال:
(أ): جاء في مقدمة الكتاب وأوله قوله: (........ وبعد فهذا كتاب جليل في تعبير الرؤيا ينسب إلى محمد ابن سيرين رحمه الله تعالى.....)، من أول هذه السطور تكتشف أنه كتبه غيره رحمه الله.
(ب): الكتاب مليء بحكايات عنه متناقضة كقوله: يحكى أنه جاء رجل إلى محمد ابن سيرين أو جاءت امرأة إلى ابن سيرين فكيف يتحدث المؤلف عن نفسه بهذه الطريقة العجيبة؟!
(ج): من التناقض أيضاً: رؤية المرأة التي سألته عن رؤياها أنها رأت القمر قد دخل الثريا وهو يتغدى فسألهما فأعادت فاصفر وجهه وأخذ ببطنه فسألته أخته فقال لها: زعمت هذه المرأة أني أموت بعد سبعة أيام -ثم تأمل لهذه العبارة-: (فدفن في اليوم السابع رحمه الله)، فكيف يتحدث ابن سيرين عن نفسه وهو في قبره رحمه الله.
خامساً: أن الكتاب كتب بلغة ركيكة ضعيفة ليست بلغة العصور المتقدمة والتي امتازت بالبيان والإيضاح والإفصاح.
سادساً: أنه ذكر في الكتاب رؤى وحكايات لا تليق عن ابن سيرين عن بعض أعضاء جسم الإنسان لا يوافق عليها ولا يليق بمقام هذا التابعي الجليل رحمه الله تعالى.
خلاصة ما سبق لا يصح أبداً نسبة الكتاب لابن سيرين ولا أي كتاب آخر عنه فهو يزيد المؤمن حيرةً وضلالاً وهذا يجرنا أن نتحدث لكم في الأسبوع القادم عن القواميس والمعاجم المنامية وحكم اقتنائها والعمل بها، إلى ذلك الحين أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
وقفة: من أقواله رحمه الله تعالى:
قال محمد بن سيرين: ما أتيت امرأة في نوم ولا يقظة إلا أم عبدالله. يعني زوجته. وقال: إني أرى المرأة في المنام فأعرف أنها لا تحل لي فأصرف بصري عنها (تاريخ مدينة دمشق ج 53/ ص205).
* * *
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 9702 ثم أرسلها إلى الكود 82244