Al Jazirah NewsPaper Friday  31/10/2008 G Issue 13182
الجمعة 03 ذو القعدة 1429   العدد  13182
حول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
مندل عبدالله القباع

يرى قارئ (الجزيرة) بل ويأمل كذلك أن نطرح له نوعاً من الثقافة النظامية الوثائقية التي يزعم وهو جاد أنها ضرورة في هذا الوقت والحين في هذا الزمان الذي تتسارع فيه قوى العولمة وقوى الغرب الموحد والشرق المتشدد والأوسط المالم.

ولعل هذا المقال يوضح في البدء ضمانات حماية حقوق الإنسان في المواثيق الدولية ثم مقابلتها بما جاء في كتاب الله العزيز الحليم وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للعالمين، وما ورد في نظم المملكة من نصوص ترتبط بالثوابت في العقيدة ومسيرتها الحضارية عبر التاريخ حيث إن هذا النظام وما ورد في المواثيق الإسلامية قد سبق هذه المواثيق الدولية قبل ألف وأربعمائة سنة فهذه المواثيق لم تأت بشيء جديد.

إن المنطلق في حقوق الإنسان، هو أن الحق يقابله مسؤولية، فلكي يتمتع الإنسان بعوائد الحق يتحتم عليه الإحساس بالمسؤولية تجاه هذا الحق، وإزاء هذه العلاقة (حق مسؤولية) فإذا جنح الفرد بهذه المسؤولية وخرج عن نطاق الإلزام وجب خضوعه للعقاب إن كان الجنوح قصداً، أو استوجب الإرشاد والتوجيه والإصلاح إن كان خروجه عفوياً، وهذه هي النظرة المفاهيمية لدينا عن حقوق الإنسان، ولا نظنه بعيداً عما أخذت به سائر دول العالم حسبما جاء بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان بمباركة من الأمم المتحدة وضمنته ميثاقها احتراماً وتقديراً عالمياً لتلك الحقوق المنصوص عليها ضمن البنود الواردة بالإعلان الصادر عام 1948م وبعد التصديق عليها من الدول المشاركة حتى صار في دائرة الضوء وفي موقع الاهتمام وفي تنظيم علاقة الدولة بمواطنيها وعلاقة الدول بعضها البعض وقد ارتبطت به عدة عهود (مواثيق) أخرى منها مثلاً (العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية) والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وبناء عليه تعهدت الدول المصدقة عليه أن توفر لمواطنيها مساحة تطبيق واسعة لكم من الحقوق الأساسية يعد نسبياً كحد ما من دولة لأخرى حيث وجد في التطبيق الفعلي تبايناً يضيق ويتسع بين هذه الدولة وتلك، وداخل الدولة الواحدة يختلف الوضع فيها من منطقة لأخرى وداخلها أيضاً وكذلك من وقت لآخر حسب الحالة والظروف الأمنية، وكذلك بالنسبة للجماعات فتعطي حقوق لجماعة بينما تحرم منها أخرى حسب وضعها السياسي (موالي معارض)، (أساسي هامشي)، هذه النسبية في نطاق التباين تعطي دلالة أن الدول ذات القوانين الوضعية قد تنتهك حقوق الإنسان وقد تضيع معاييرها وقد يغيب عن سمائها مبدأ السلام القائم على العدل والإرادة الحرة، كما يغيب عنها كذلك راية الديمقراطية نظراً لأن حقوق الإنسان ملمح من ملامح الديمقراطية بل هي أساس وجودها مع الوضع في الاعتبار خضوعها الدائم والمستمر والمرتبط بالنظم السياسية القائمة (شموليةسلطوية ليبرالية....).

إن الدول المصدقة على الإعلان وعلى العهود ذات الارتباط يجب أن تكون ملتزمة بتحقيق مبادئه من منطلق ما جاء في ديباجة الإعلان أن المبادئ التي يتضمنها الإعلان تعتبر بمثابة (معيار عام للتقدم لكل الشعوب والدول) وقيامها على أسس راسخة تدعو (لاحترام الموروث والحقوق المتساوية، وغير القابلة للتصرف لكافة أعضاء العائلة الإنسانية).

وعلى الرغم مما يقال عن قناعات بعض الجماعات هنا وهناك أن مبادئ حقوق الإنسان مستخلصة من ثقافات موضوعة على خريطة العالم والتي صاغها الكل المشترك لصالح الكل المنتمي.

والرأي لدينا أن الكل المشترك والكل المنتمي تمثلوا عند صياغتهم للمبادئ للنموذج الغربي (المهيمن والمتسلط والمتغطرس بقوته عدداً وعدة وارتبط بذيلها تلك الدول التي تظن أن إعلانها (المزيف)) عن العمل على تحقيق وتطبيق وإعداد برامجها على أساس تجسيد مبادئ حقوق فكراً وتطبيقاً.

وعلى أساس هذا الادعاء تشكلت منظمات حقوق الإنسان الرسمية واللارسمية لصيانة حقوق الإنسان والدفاع عنها ضد أية محاولة لانتهاكها تحت أي زعم سياسي أو أمني، وتقديم منتهكيها للحساب والعقاب وفقاً لما هو وارد بقوانينها الوضعية وحسب اتجاهاتها السياسية وتوجهاتها الأيديولوجية وعلاقات القبول أو الرفض لحركة المنظمات اللارسمية الساعية للكشف عن الانتهاكات القائمة ودور الحكومات إزاءها وقد تكون الحكومات ذاتها هي المسؤولة عن الانتهاكات بزعم الدافع عن المجتمع ضد المسلكيات اللاسوية ومناشط مناهضة المجتمع.

وقد شملت المواثيق الأوروبية لحقوق الإنسان عدداً من الحقوق المدنية والاجتماعية والسياسية وتتمثل هذه الحقوق فيما يلي: الحق في الحياة، الحق في سلامة الجسم بمنع التعذيب والعقوبات غير الإنسانية، وضع الرق والاستعباد، الحق في الحرية والأمن، الحق في احترام الحياة الخاصة، الحق في نيل حرية الفكر والمعتقد وحرية الضمير والدين، الحق في حرية إبداء الرأي والتعبير، الحق في الحصول على المعلومات، الحق في الاجتماعات السلمية، الحق في تكوين الجمعيات والنقابات، الحق في الزواج وتكوين الأسرة، والحق في منع التمييز. وفضلاً عن ذلك الحق في التعليم وحق الملكية الخاصة، ويضاف إليها الحق في حرية التنقل ثم إقرار حق كفالة المحاكمة العادلة.

وختاماً يمكن القول إن مبادئ حقوق الإنسان تمثل المظهر القيمي لإعلاء قيمة الإنسان والحفاظ على كينونته والمضي به قدماً للأحكام وهذا كما قلنا في مقدمة المقال أن الإسلام يحمل هذه القيم التي تعلي شأن الإنسان في كل زمان ومكان فهي لا تتغير كما تتغير القيم الوضعية التي وضعها البشر.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد