مثلما تلدُ الحروبُ تجّارها، والأزمات الاقتصادية أثرياءها، فإن الشعارات توجدُ زعاماتها، والجماهير التي ملأت الشوارع عقب هزيمة 1967م لتحول دون استقالة الزعيم هي نفسها التي تُصمُّ أصواتُها ضجيجاً فتتوهم النصر في الانكسار، والعلو في الانحدار، وتستقبل الأمةُ الهزائم ثم تستدبرها لتواجه سواها، وتستمر شخصنة القضايا السياسية والدينية والثقافية في صورة القائد والنجم والرمز.
تأتي الشعارات قبل المشروعات، وتتقدمُ الأسماء المسميات، وفي الأحزاب والجماعات العربية والإسلامية لافتات: العدالة والتنمية والوحدة والحرية والمساواة، وقد لا يشي واقعُها بما يؤصلها أو يؤهلها، وفي الولايات المتحدة يتسنمُ حزبا الجمهوريين والديموقراطيين المشهد العالمي بشعاريهما (الفيل والحمار)، ولا حاجة بهما إلى إضافة قيم وهميّة، وحين يختلفان فإن ذلك لا يمس المشروع الرأسمالي بآفاقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
بين الشِّعار والشّعيرة فارق الثابت والمتحول، ويخلط الخطابُ الوعظيّ العربيّ بينهما فلا تتمايز المواقفُ الممنهجة عن تلك المؤدلجة، وتغيمُ الرؤُّى، ويبدأ التبشير بسقوطِ أنظمتهم استمراراً لممارسةٍ مكرورة منذ عقود، وكأن المشروعَ الإسلامي مهيأ للانطلاق لا يعوقُه إلا انحدار الغرب نحو القاعِ، وقد وعينا أن من قال هلك الناس فهو أهلكهم.
لن يسقط الغرب بالتمني، ولن ننهض بالأحلام، ولسنا بديلاً، فضلاً عن أن نكون البديل الأقرب، وقد تنتقل السيادة من الغرب إلى الشرق دون أن تعبر بنا، وسيظل خطابُنا -كما هو- إنشائياً غاضباً ممتلئاً بالمفردات دون الدلالات.
الوهم وهن!
Ibrturkia@hotmail.com