العراق ليس بلداً منتجاً للبترول فقط، فهو إضافة إلى أن هذا البلد يعد القطر الثاني في مستوى الإنتاج البترولي في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) فهو أيضاً يمتلك أكبر شبكة أنهار في الأقطار العربية، فإضافة إلى النهرين الخالدين دجلة والفرات هناك ثالثهما (شط العرب)، وتوجد عدد من الروافد النهرية التي يصب بعضها في النهرين الكبيرين دجلة والفرات، والبعض الآخر ينبع من الجبال في الشمال ويمتد داخل الأراضي العراقية، كنهر العظيّم والزاب الكبير والزاب الصغير، وبحيرات تحوي مياها حلوة كثيرة.
هذه المياه التي جعلت من العراق أكبر مخزون مائي عربي، وأفضل بكثير من الدول المجاورة باستثناء إيران وتركيا التي تصل معظم مياه العراق لها.
ولكن على الرغم من وفرة المياه والقدرة المالية على تخصيص أموال لتنقية المياه وتأهيل وحدات المعالجة، إلا أن العراقيين يعانون وبشدة هذه الأيام من تلوث المياه وندرتها؛ مما تسبب في انتشار الأمراض المعدية التي أصابت الأطفال والبالغين على حد سواء مثل انتشار الأمراض الجلدية والطفح الجلدي ومرض الكوليرا؛ الذي تسبب في مقتل العديد من المواطنين وخاصة في المحافظات الجنوبية.
وبما أن العراق تعرض لعديد من الهجمات العسكرية والحروب في العقد الأخير، فقد أدى ذلك إلى تخريب مياه الشرب والصرف الصحي، كما أدت هجرة وهروب العراقيين إلى تقلص ونقص الفنيين في مجالات تنقية المياه والصرف الصحي؛ ما أدى إلى فشل شبكة المياه وعدم القدرة على توفير مياه نقية للاستعمال الآمن، كما أدى اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الشرب والاستحمام والاستعمال المنزلي إلى انتشار الأمراض المعوية ومرض الكوليرا بالذات، وهو ما يفرض تخصيص مبالغ كبيرة لإصلاح شبكات المياه وتنظيف الأنهار ومجاري المياه والصرف الصحي وتأهيل وحدات المعالجة لمواجهة التلوث الذي أصاب كل مصادر المياه في العراق؛ مما يهدد أكثر من 40% من العراقيين وهو ما يجب أن تبادر إليه وتعمل من أجله الحكومة العراقية؛ لأن القضية قضية تتعلق بالصحة العامة وكأن العراقيين لا يكفيهم ما يعانونه من تدهور الأمن وقلة فرص العمل وتخريب المؤسسات الخدمية والصحية والاجتماعية، ليأتي عبء تلوث المياه الصالحة للشرب ليزيد من مخاطر الحياة في هذا القطر الذي كان يوما ما بلد الماء والخضرة الدائمة.
