أولى درجات الانحدار التي تصيب الكتاب الصحفيون والمحللون سواء الذين يتناولون شؤون السياسة أو الاقتصاد أو أي شأن آخر، حينما يتسلل الغرور إلى أنفسهم ويعتقدون بقدرتهم على التنبؤ أو التوقع والحكم على الأحداث متوقعين نتائج محدودة. ولهذا فقد حذر أساتذة الصحافة من أن يخلط الصحفي بين مهنته ومهنة العراف..!!
فالصحفيون ليسوا منجمين.. وهم لن يصدقوا حتما وإن تطابقت تحليلاتهم مع بعض النتائج.
الآن ينشغل الكتاب الصحفيون والمحللون السياسيون يشاركهم المنجمون والعرافون الذين يطلق عليهم علماء الفلك بتحديد الفائز في انتخابات الرئاسة الأمريكية، وقد بنت هذه الفئات توقعاتها ونشرت آراءها حتى قبل أن تعطي استطلاعات الرأي في أمريكا التفوق للمرشح الديمقراطي باراك أوباما الذي تعطيه هذه الاستطلاعات تقدماً أقله خمس نقاط، كما يحظى المرشح الديمقراطي بمساندة وتأييد خمس من الولايات الكبيرة التي يعتبر وقوفها إلى جانب أي مرشح بمثابة جواز مرور للفوز، ولهذا فإن توقعات استطلاعات وآراء الكتاب والصحفيين والمنجمين والعرافين جميعها تتوقع فوز أوباما، هذا الانطباع والشعور يسود أوساط الأمريكيين جميعاً حتى أن مُسيري الانتخابات والناشطين في الحزبين الكبيرين شبه متيقنين وفي ليلة الانتخابات بأن أوباما في طريقه إلى البيت الأبيض، على الرغم من أن ماكين يبذل جهودا مضنية لاعتراض طريقه، ويحاول (في الوقت الضائع) أن يثير مخاوف الأمريكيين من (هذا الإفريقي) الذي يريد أن يصبح سيداً على الأمريكيين.
دغدغة عنصرية البيض.. هو آخر أسلوب لجأت إليه حملة المرشح الجمهوري في محاولة مستميتة لتحريك ما يسمى (عقدة برادلي) التي تذكِّر بتخلي الناخبين في لوس أنجليس عن المرشح الأسود في انتخابات عمدة المدينة الذي كانت الاستطلاعات تعطيه تفوقاً على منافسه الأبيض بأكثر من خمس نقاط ليخسر بفارق قليل، بعد أن أثَّرت عنصرية البيض في توجهاتهم الانتخابية فاختاروا الأبيض وتخلوا عن الأسود..!!
هل تتكرر الفعلة العنصرية؟ أم يؤكد الأمريكيون أنهم حضاريون وأنهم تغيروا فاختاروا الأصلح والأفضل دون الالتفات للون والعنصر.
jaser@al-jazirah.com.sa