مساء اليوم الثلاثاء أو فجر غد الأربعاء ستظهر نتيجة الانتخابات الرئاسية في أمريكا، وستنتهي أكثر الانتخابات الرئاسية تميزا في تاريخها. كونها ستأتي إما بأول رئيس أسود للبلاد، أو بأول نائبة للرئيس !. ولنتيجة الانتخابات دلالات عدة، فهي ستعني إما نهاية حقبة وبداية أخرى جديدة، أو امتدادا لحقبة الرئيس الحالي جورج بوش الابن. وبالتالي ستعتبر نتيجة الانتخابات معياراً لتقييم مستوى رضا الشعب الأمريكي عن الإدارة الحالية وسياساتها. ففوز المرشح الجمهوري جون ماكين فيما لو تم سيعني أن الأمريكيين مقتنعون بسياسات بوش -أكثر من نصفهم على الأقل!- حتى لو شهدت فترتاه حروبا وأزمات وكوارث !. وأما نجاح المرشح الديمقراطي باراك أوباما فسيشير إلى أن الشعب الأمريكي قد مل هذه السياسات ويتوق للتغير.
استطلاعات الرأي تقول إن أكثر الأمريكيين يريد التغيير، وآخرها ما نشر أمس والتي تفيد بأن اوباما متقدم على ماكين بفارق 11 نقطة !. فهل ستصدق هذه الاستطلاعات، أم ستخيب؟ هذا ما سيتضح خلال الساعات القادمة.
ومن الدلالات أيضاً فيما لو فاز أوباما أن الشعب الأمريكي تجاوز إشكالية العنصرية، بإيصاله لمواطن أسود إلى البيت الأبيض، وهي قفزة حضارية ولا شك في تاريخ أمريكا، التي عانى الملونون فيها شتى ضروب العنصرية بمختلف درجاتها. فالأمريكيون السود الذين يشكلون 13% من عدد السكان من أفقر الشرائح الاجتماعية، ويسجلون أقل معدل لمتوسط العمر، كما أن عدد الأمريكيين السود في السجون يصل إلى ستة أضعاف عدد السجناء الأمريكيين البيض. وقد ينعكس وصول أوباما إلى الحكم في أمريكا إيجابيا على مشكلة العنصرية في غيرها من الدول وخاصة في أوروبا.
وأياً يكن الرئيس الجديد فإن أمامه ملفات كبيرة شديدة التعقيد خلفتها الإدارة الحالية. فالرئيس بوش ورط بلاده في حربين في إطار ما أسماه الحرب على الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م. وهاتان الحربان كلفت أمريكا خسائر في الأرواح والأموال أكثر مما خسرته في أحداث سبتمبر، وليس هناك من مؤشر واضح على انتهائهما في المستقبل القريب. كما أن هاتين الحربين تسببتا فيما يشبه حرب إبادة ودمار في العراق وأفغانستان. دون أن يكون لذلك نتيجة واضحة في مكافحة الإرهاب إن لم تكن سلبية. كذلك يواجه الرئيس المقبل ملف القضية الفلسطينية غير المحسوم حتى الآن بسبب فشل الرئيس بوش في إنفاذ وعده بإنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة وتحقيق سلام فلسطيني إسرائيلي قبل نهاية 2008م. هذا عدا عن ملفات أخرى كالنووي الإيراني الشائك، والدرع الصاروخية، فضلا عن الأزمة المالية العالمية الكبرى.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244