عندما ينشر هذا المقال سيكون الشعب الأمريكي قد انتخب مساءاليوم رئيسه الذي سيقطن البيت الأبيض للسنوات الأربع القادمة، هذه الانتخابات المنعطف في تاريخ الولايات المتحدة، والتي ستضع جملة المبادئ والقيم التي ينص عليها الدستور الأمريكي على المحك، ومن خلالها يستطيع المتابع في العالم أن يحدد، هل تخضع الولايات المتحدة لحركة التاريخ والصيرورة التاريخية التي تجسد سعي البشرية الدائم إلى العدالة والحرية والقيم الإنسانية المتمثلة في المساواة، وعدم التصنيف تبعا للون أو العرق أو الدين؟ أم أن جميع هذا هو ليس سوى واجهات للتسويق الإعلامي، ومسوغات تجلبها طبقة أو (الانجلوساكسون) كي يستطيعوا من خلالها السيطرة على العالم Red neck واستغلاله اقتصاديا كما يشير اللغوي الأمريكي الشهير (تشومسكي) في الكثير من طروحاته.
عنوان الحملة التي اختارها المرشح الديمقراطي الملون أوباما هي (التغيير) وهو يعلم هوس الشعب الأمريكي بالجديد والصرعات والمخترق للنمطي لاسيما أن تواجد الجمهوريين في دوائر القرار لفترة ثماني سنوات، قاد الاقتصاد الأمريكي إلى منحدرات الركود الاقتصادي الآن، لكن هل استعد الشعب الأمريكي لاستقبال مرشح أسود في البيت الأبيض؟ بينما ذكرى (روزا باركس) وحادثة الباص التي عانت فيها من التفرقة العنصرية ما تزال حاضرة في الأذهان؟ ومازالت أطياف الأسود والأبيض في الستينات الميلادية تستجلب ذكرى اغتيال (مارتن لوثر كينج) الزعيم الإصلاحي الأسود؟.
جميع هذا ستضعه هذه الانتخابات على المحك، أمام العالم جميعه.. وتجيب على التساؤل هل الولايات المتحدة هي ضمير العالم الديمقراطي الحر؟ كما تحاول أن تروج لنفسها إعلاميا، أم أن الكواليس والكوابيس تحتوي على تكتلات وتجمعات لا تخترق لمجموعات من البيض المتعصبين، ذوي الهيمنة والسيطرة على مواطن صنع القرار ومجالس إدارة الشركات والبنوك الكبرى أو سواهم من جماعات الفكر الديني المتحجر، الذين لم يستعدوا بعد لتقبل ملون في البيت الذي ظل أبيض منذ تأسيسه، وحتى أكثر الطروحات تفاؤلاً في هذا المجال فيما يتعلق بقدوم الرئيس الجديد، ترى أن (أوباما) سيكون معرضا بصورة كبيرة للاغتيال، لاسيما أن مواقع الإنترنت تشير إلى تصعد الطروحات العنصرية التي تظهر عبر شعارات وصور ومشاهد عنيفة ضد كل ما هو غير أبيض في الولايات المتحدة.. لعل النتائج ستجيب على كل أو بعض من هذه الأسئلة.