يعد نظام العمل ولائحة تنظيم العمل الخاصة بالمنشأة المرجعين الأساسيين للمحقق في معرفة قواعد تأديب العامل في حال مخالفته لأنظمة العمل، ولذلك فعلى المحقق أن يحيط بهما علماً حتى يتعامل مع العامل المتهم في حدود الإجراءات والضوابط المنصوص عليها، وهي كالتالي:
أولاً - المخالفة التأديبية.
ثانياً - الجزاءات التأديبية.
ثالثاً - السلطة التأديبية.
أولاً - المخالفة التأديبية
تعريفها :
(كل ما يصدر عن العامل من فعل أو امتناع عن فعل بطريق العمل أو الإهمال ينتج عنه إخلاله بالواجبات أو المحظورات المنصوص عليها في نظام العمل أو لائحة تنظيم العمل أو الإخلال بشرف وكرامة الوظيفة التي يشغلها، وسواء تحقق ضرر أو لم يتحقق كنتيجة للمخالفة).
المبادئ المستقرة في مجال المخالفة التأديبية
1 - المخالفات التأديبية غير محددة على سبيل الحصر، ومن ثم تتمتع المنشأة التي وقعت فيها المخالفة بسلطة تقديرية في اعتبار فعل ما أو عدم اعتباره مخالفة.
2 - اطراد العمل على مخالفة الأنظمة واللوائح أو التعليمات في المنشأة لا يسبغ الشرعية على المخالفات المرتكبة ولا ينفي قيامها، لأنّ الخطأ لا يبرر بالخطأ على الرغم من أنّ لائحة الجزاءات الخاصة بالمنشأة تتولى تحديد المخالفات التأديبية بالتفصيل وتحديد الجزاء المناسب على كل منها إلا أنه يحق لصاحب العمل أن يضيف إليها مخالفات أخرى بما يتفق مع طبيعة ونوع العمل بالمنشأة، بشرط أن تُعتمد من وزارة العمل وفق الإجراءات النظامية.
3 - ادعاء الجهل بالأنظمة واللوائح لا يعفي من المسؤولية إذا كانت الأمور والوسائل ميسّرة أمام العامل للإحاطة بها.
4 - عدم جواز مساءلة العامل تأديبياً في المسائل الفنية التي تختلف فيها وجهات النظر إلاّ إذا كان سيئ النية أو خالف أبسط المبادئ المستقرة والأصول العلمية المسلّم بها.
5 - ادعاء زيادة عبء العمل على طاقة العمل العادي لا ينفي عنه المسؤولية التأديبية، وإنما يعتبر ظرفاً مخففاً يراعى عند توقيع الجزاء.
6 - إنّ عدم مساءلة العمل جنائياً لا يعني بالضرورة عدم مساءلته تأديبياً؛ لاستقلال كل من الدعويين في الأساس والغرض والجزاء.
7 - إذا نشأ عن الفعل الواحد جريمة جنائية ومخالفة تأديبية، فإنّ توقيع عقوبة على كل منهما لا ينطوي على تعدّد محظور في الجزاء.
8 - الحكم الجنائي يقيد السلطة التأديبية في حالة البراءة أو الإدانة، أما في حالة عدم الإدانة - لأي سبب كان - فإنّ مساءلة العامل تأديبياً متروك تقديرها للسلطة التأديبية، بخلاف عدم الإدانة نتيجة لعدم قيام الجريمة فإنه في هذه الحالة لا يمكن مساءلته تأديبياً.
وقبل أن نبيِّن أنواع المخالفات التأديبية نود أن نشير إلى طبيعة العلاقة بين الجريمة الجنائية والمخالفة التأديبية، وذلك لأنّ الفعل الذي يصدر عن العامل قد يشكل مخالفة تأديبية أو جريمة جنائية أو يشكلهما معاً في الوقت نفسه، فالمخالفات التأديبية تختلف في طبيعتها عن الجرائم الجنائية، لأنّ الجزاءات التأديبية تهدف إلى مجازاة العامل نتيجة إخلاله بواجبات وظيفته، أما الجزاءات الجنائية فتهدف إلى محاسبة الشخص نتيجة لارتكابه فعلاً ضاراً بالمجتمع، ويكون جزاؤه عقوبة توقع عليه باسم المجتمع زجراً له وردعاً لغيره، فلا تلازم بين المسؤولية التأديبية وغيرها، لأنّ عدم مساءلة الموظف جنائياً لأي سبب لا يحول دون مساءلته تأديبياً.
أنواع المخالفات التأديبية
يحتاج المحقق لكي يقوم بالتكييف الصحيح للمخالفة المرتكبة وتوقيع الجزاء المناسب، إلى معرفة أنواع المخالفات التأديبية من حيث طبيعتها ومدى جسامتها.
وتنقسم المخالفات التأديبية إلى نوعين:
أ - من حيث طبيعة المخالفة تنقسم إلى:
1 - المخالفة المالية:
وهي الفعل أو الامتناع عن الفعل الذي يقع من العامل ويخالف به الأحكام والقواعد الواردة في اللوائح المالية وما في حكمها، المعمول بها في المنشأة وكل إهمال أو تقصير يترتب عليه ضياع حق من الحقوق المالية للمنشأة أو يعرض مصلحة من مصالحها المالية للخطر، أو أن يكون من شأنه أن يؤدي إلى ذلك.
2 - المخالفة الإدارية:
وهي الفعل أو الامتناع عن الفعل الذي يقع من العامل ويخالف به واجبات ومحظورات وظيفته المنصوص عليها في الأنظمة واللوائح أو التعليمات أو الأوامر الصادرة بشأنها، وكل ما يخرج عن دائرة المخالفة المالية.
بعض الأمثلة على المخالفات التأديبية التي يرتكبها العامل:
1 - عدم مراعاة الآداب واللياقة في التصرفات مع الجمهور والزملاء والرؤساء.
2 - عدم الانضباك وتبديد الوقت في غير واجبات الوظيفة.
3 - عدم تنفيذ الأوامر الصادرة إليه بالدقة والأمانة اللازمتين في حدود الأنظمة والتعليمات.
4 - إساءة استعمال السلطة الوظيفية.
5 - قبول الرشوة أو طلبها.
6 - قبول الإكراميات والهدايا بالذات أو بالواسطة، بقصد الإغراء من أرباب المصالح.
7 - إفشاء الأسوار التي يطلع عليها العامل بحكم الوظيفة ولو بعد تركه الخدمة.
8 - استعمال الفظاظة مع أصحاب المصالح المتصلة بعمله، وعدم تسهيل معاملاتهم المطلوبة في مجال التخصص.
9 - المخالفات التي تتعلق بمواعيد العمل كالغياب دون إذن أو التأخر في الحضور أو التوقيع في دفتر الحضور والانصراف قبل نهاية الدوام.
10 - مخالفات تتعلق بأداء العمل، كالعمل في موقع آخر دون إذن رسمي.
11 - تجاوز أو ممارسة السُّلطة بقصد المنفعة للذات أو للغير، مثل: جمع النقود والتبرعات دون إذن رسمي من الجهات المختصة، ولصق الإعلانات دون إذن، ووجود العامل في غير مكان عمله أثناء ساعات العمل.
12 - استثمار وقت العمل في غيره، مثل: قراءة الصحف والمجلات، النوم، استقبال الزوار في غير الأماكن المخصصة لذلك.
13 - مخالفات أخرى مثل: التحريض على مخالفة التعليمات، وعدم الإبلاغ عن أي مخالفة قد تقع، توقيع الجزاء بغير وجه حق أو تحت ستار مصلحة العمل، الاحتفاظ أو نزع الأوراق والمستندات الرسمية دون مبرر، الاعتداء ضرباً أو سباً أو تجريحاً أو قذفاً على الرؤساء أو المرؤوسين، بث الإشاعات المغرضة، والتستر، وبعث الشكاوى الكيدية وممارسة الاحتيال والغش.
ب - من حيث جسامة المخالفة:
1 - المخالفة الجسيمة:
هي القيام بعمل محظور أو الامتناع عن أداء واجب، ويكون ذلك عن قصد وعمد، مبتغياً من وراء ذلك تحقيق نتيجة معيّنة.
2 - المخالفة البسيطة:
هي الفعل الذي يقع من العامل نتيجة الخطأ أو الإهمال دون قصد تحقيق نتيجة معيّنة، إلاّ إذا كان هذا الإهمال أو عدم الإدراك لا يقع فيه الرجل العادي الذي أحاطت به ظروف مماثلة كالتي أحاطت بالعمل وقت ارتكاب المخالفة، ففي هذه الحالة تعتبر المخالفة جسيمة.
ولما كانت صفة الجسامة تغلب على المخالفات المالية التي ينجم عنها إلحاق خسارة مالية بالمنشأة، فإنه يمكن تصور المخالفة الإدارية الجسيمة كما في حالة قيام أحد العمال في إدارة العقود بإفشاء سر إحدى المناقصات لأحد المتقدمين، وعلى أية حال فإنّ تقدير مدى جسامة الفعل متروك لتقدير المنشأة التابع لها العامل.
ثانياً : أنواع الجزاءات التأديبية
نصّت المادة (66) من نظام العمل على أنّ (الجزاءات التأديبية التي يجوز لصاحب العمل توقيعها على العامل هي:
1 - الإنذار .
2 - الغرامة .
3 - الحرمان من العلاوة أو تأجيلها لمدة لا تزيد عن سنة متى كانت مقررة من صاحب العمل.
4 - تأجيل الترقية مدة لا تزيد عن سنة متى كانت مقررة من صاحب العمل.
5 - الإيقاف عن العمل مع الحرمان من الأجر.
6 - الفصل من العمل في الحالات المقررة في النظام).
ثالثاً : السُّلطة التأديبية
تعريفها : حق صاحب العمل في المنشأة في مجازاة العمال عن أخطائهم التي يرتكبونها بالمخالفة لأحكام نظام العمل أو بأحد الالتزامات الناشئة عن عقد العمل.
ويترتب على ذلك ما يلي:
1 - أنه لا يملك الحق في توقيع الجزاء على العامل المخالف إلاّ صاحب العمل.
2 - يجوز لصاحب العمل التفويض في صلاحية توقيع الجزاء بقرار مكتوب.
الاختصاص التأديبي
لصاحب العمل
- لصاحب العمل توقيع الجزاءات المنصوص عليها في نظام العمل أو لائحة تنظيم العمل الخاصة بالمنشأة.
- لصاحب العمل سلطة التعقيب على القرارات الصادرة بتوقيع الجزاء بإلغائها أو تعديلها، إذا كان القرار صادراً من رئيس إداري مفوض.
- لصاحب العمل سلطة حفظ التحقيق لمصلحة العمل أو مراعاة للظروف الإنسانية.
- صاحب العمل أو من يفوضه هو الذي يصدر قراراً بإحالة العامل إلى الجهة المختصة في حالة اتهامه بارتكاب جريمة جنائية.
أحمد بن عبدالرحمن الزكري
عضو هيئة التدريب في معهد الإدارة العامة