لعل من الجميل أن تكتب عن شخص لا تجمعك بهِ مصلحة دنيوية فتتهم بالنفاق.. والأجمل أن يكون وقت الكتابة عنه عند رحيله فتنجو من تهمة المجاملة المنمقة له.. ولعل أيضاً أن ما أدركه ويدركه كل عاقل هو أن الكتابة عن رجل بحجم ومكانة (أبو عبد الله) لا يتعدى كونه سرداً لحقائق يعرفها الجميع لرجل حمل صفحات بيضاء صافية كصفاء قلبه المحب للجميع كبيراً وصغيراً يسوقه لذلك الحب.. حبه لدينه ووطنه وسعيه لأن يكون فرداً معطاءً لبلده ولن يختلف على ما أوردته هنا كُل محب لهذه المحافظة وكُل حريص على نمو الحركة التعليمية فيها.
أحمد بن عبد الله العقيل مدير إدارة التربية والتعليم للبنين بمحافظة المجمعة الذي تسلَّم مهام الإدارة عام 1425هـ سعى بكل الطرق إلى تنمية الحركة التعليمية والسير بها في الطريق الصحيح.. وضع نصب عينيه أن تحقيق المجد لا يتحقق إلا بالاجتهاد والمثابرة، علم أن العمل لا يكون ناجحاً إلا بالتفاني والإصرار، استطاع (بفضل من الله سبحانه وتعالى) في وقت قصير من عمر الزمن وكبير في عمر الإنجاز أن يوجد جواً عملياً متطوراً داخل مبنى إدارة التربية والتعليم للبنين بمحافظة المجمعة ليمتد في وقت أقصر إلى جميع مدارس المحافظة، كان (أبو عبد الله) رجلا تشعر عند اللقاء به أنك تعرفه منذ عشرات السنين، فهو يقابلك بابتسامة ويصافحك باشتياق صديق لصديقه يبادرك بالسؤال عن حالك.. وبهذا استطاع جمع الأخلاق الحميدة بالقدرة المهنية ليصبح رجلاً يستحق الاحترام.
نعم أعلم جيداً أنني لست الأجدر بالحديث عنه فعدد لقاءاتي به كانت قليلة ولكن يعلم الله أنه في كل لقاء يزداد إعجابي به، وسأورد أحد المواقف التي كنت حاضراً فيها وأعلم أن غيري ممن عمل معه قد مرت بهم مواقف أخرى عمليه وإنسانية قد زادت في إعجابهم به، ففي إحدى زياراته لمدينة جلاجل وتحديداً لمدرسة الضياء الصيفية كان من بين الموجودين أحد الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة (وقد كان ذلك الطالب قد التقى (أبو عبد الله) في زيارة سابقة له لمدينة جلاجل عندما كان حاضراً إحدى الحفلات المقامة، وكان قد رفض الجلوس بين كبار الشخصيات والمسؤولين وفضل في موقف إنساني الجلوس بين أبنائه الطلاب وبجوار هذا الطالب بالتحديد)، وفي تلك الزيارة وعند رؤية الطالب لأبوعبد الله أصر على دعوته للحفل الختامي للمدرسة الصيفية والمقام بعد شهر من تاريخ الزيارة فأجابه أبو عبد الله بالموافقة على الحضور، بل إن الأمر تعدى ذلك ليمسك بيد هذا الطالب ويبدأ بحديث جانبي معه ليخبره أنه حريص على المشاركة معهم وأنه يعتبرهم أحد أعمدة هذا المجتمع، فما كان من هذا الطالب إلا ترديد كلمة (الله يعطيك الصحة والعافية) ويودعه والابتسامة تعلو محيا ذلك الطالب، وترتسم في عقولنا صورة أبي عبد الله الإنسانية التي لن تفارق ذاكرة الحاضرين من مدرسين وطلاب.
أحمد بن عبد الله العقيل.. اسم ستفتقده إدارة التربية والتعليم للبنين بمحافظة المجمعة وسيفتقده الجميع من طلاب ومدرسين ومشرفين وقبل كل ذلك سيفتقده كُل من تعامل وعمل مع ذلك الشخص وكُل من استفاد من علمه الخصب وحنكته الإدارية وقدرته المهنية، وستفتقده المحافظة من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها بقراها ومدنها ولا نملك إلا الدعاء له بالتوفيق في حياته العملية أثناء إعارته للقطاع الخاص، وندعو الله أن تنقضي مدة هذه الإعارة بأسرع وقت وأن يعود ليتربع على صرح التعليم في محافظتنا الحبيبة.
- مدير العلاقات العامة بمستشفى الملك خالد بمحافظة المجمعة-مدينة جلاجل