Al Jazirah NewsPaper Friday  07/11/2008 G Issue 13189
الجمعة 09 ذو القعدة 1429   العدد  13189
فجر قريب
الطلاق المتحضر
د.خالد بن صالح المنيف

نكرانٌ وجحودٌ وفجورٌ في الخصومة ومعه لبست نظارة معتمة طمست بها الفضائل وضخمت السقطات بل واختلقت معها الأكاذيب!

هذا للأسف ما يصدر عن بعض الأزواج تجاه شريكه عند تعذر استمرار العلاقة الزوجية!

وأتساءل لماذا لا تكون النهاية هادئة حكيمة كما كانت البدايات؟

لماذا لا تكون النهاية بطلاق متحضر ينهي العلاقة دون نسف لأركان الأسرة أو تدمير لنفسيات أطرافها؟

والطلاق المتحضر هو الذي يدخل تحت مظلة ما أسماه القرآن (تسريح بإحسان) ومحور هذا الطلاق قوله تعالى (ولا تنسوا الفضل بينكم) وحتى يصل هذا الطلاق لهذه المرتبة العالية لا بد أن تسبقه جهود لرأب الصدع وتحركات لإنهاء الأزمات وصبر وتضحية وسيطرة على الانفعالات وحال تعسرت الحلول ووصل الزوجان إلى نقطة اللا عودة فعندها يشرع الطلاق كحل أخير وأنسب لعشرة استحالت وأرواح أبت أن تلتقي وقلوب لم تتآلف فالشقاء لم يكتب على البشر وفي كتاب الحياة صفحات بيضاء لم تقرأ بعد لعلها تدرك بعد الطلاق وسيغني الله كلا من سعته وحتى بالنسبة للصغار فخير لهم أن ينفصل الأبوان من أن يعيشوا في ظل أجواء مشحونة ووجوه مكفهرة وكلام مؤذٍ وخصام دائم وهي بيئة سيتفقد الصغار معها القلب الحاني والأحضان الدافئة فأجواء الخصومات تخلق لنا قلوبا حاقدة وعقولا مرتبكة

ومن أكثر السلوكيات إيلاما للقلب وأشدها وطأة على النفس وتدل على لؤم وخبث طوية استخدام الصغار كأسلحة في حروب (قذرة) ومن صور هذا زرع بذور الكراهية في قلب الصغار للطرف الآخر وهو تصرف أخرق فليس أصعب على النفس من إجبارها على كره من تحب وجعله في مربع الأعداء والخصوم! وهذا السلوك قد يروي شيئا من الغليل ولكن بعدها سيفقد الصغير الآمان ويكره الحياة بمن فيها ومعها والديه،

ومن صور إقحام الصغار في المعركة حرمان الشريك والصغار من رؤية بعضهما حتى تلتهب الصدور وتكاد القلوب تطير من الشوق والحنين فهل رأيتم ظلما أعظم من هذا الظلم!

جراءة في الشر عجيبة واغتيال متعمد للبراءة وانتهاك صارخ لضعف الطفولة ستغيب معه صورة القدوة وسيُحدث ارتباكا بالغا في سلم القيم عند الصغار وسيورث تشتتا وحيرة وخللا في نسق النمو النفسي والشعوري عندهم! وإن لم يستدرك الزوجان الأمر فستعذبهما وخزات الأسى ولسعات الندم في المستقبل

- وتلك بعض التلميحات التي تخص الصغار والتي أراه تشكل البنية المتينة لطلاق متحضر:

1- التفاهم على أوضاع الصغار من حيث الإقامة الدائمة ودراستهم ووقت الزيارات ومكان قضاء الإجازات وكذلك نفقتهم وهذا من شأنه حفظ اتزان الصغار ومحاولة الوصول لصيغة توافقية لتلك التفاصيل ما أمكن دون اللجوء إلى المحاكم.

2- من كمال العقل ونزاهة الضمير أن يذكر كل طرف شريكه بخير أمام الصغار والتأكيد على أن الانفصال إنما يعود لعدم الاتفاق والتفاهم ولا يعود إلى ظلم طرف أو تجنيه

والتأكيد على معنى الاحترام والثقة الذي يكنّه كل منهما للآخر؛ واحترامه له وثقته التامة في حسن رعايته للصغار.

3- أن يرسخ في وعي الصغار أن حدوث الطلاق لا يعني حرمانهم من أحد أبويهم، وكل ما هنالك أن نظام الحياة سيشهد تغيرا، وما زال بإمكان الطفل أن يرى والده أو والدته في أي وقت شاء.

4-تعليم الطفل الطريقة المثلى للرد على أي شخص يستفسر عن سبب الطلاق الموضوع بأن هذا قضاء الله وقدره وحتى لا يشكل لديه هذا الموضوع نقطة ضعف أو موضوعا يخجل دائمًا في تذكره فتقل بذلك ثقته في نفسه..

ومضة قلم

أخطر المجرمين من يرتكب خطيئة ليس لها عقاب

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7515» ثم أرسلها إلى الكود 82244



khalids225@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد