بغداد - (رويترز)
من المؤكد أن انتخاب رئيس أمريكي يريد سحب القوات الأمريكية من العراق في أسرع وقت ممكن سيصعب على مقاتلين في البلاد صب جام غضبهم على (المحتلين). لهذا السبب على الأقل فإن فوز أوباما في الانتخابات قد يتيح للعراق شهر عسل نوعاً ما.
ولقيت خطط الرئيس المنتخب للانسحاب من العراق ترحيباً بالفعل من أصدقاء واشنطن وأربكت بعض أعدائها.
كما أن احتمالات إقامة علاقات جديدة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط الأوسع ليشمل إيران قد يسهم في جعل الأشهر المتبقية من الحملة التي شنتها قبل ستة أعوام إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش تمر بسلام.
ويتعامل أوباما الذي يتولى الحكم خلال فترة يأمل الجانبان أن تكون المرحلة الأخيرة من الحرب مع حكومة عراقية أكثر قوة وحزماً لن تقبل السياسات الأمريكية على الدوام حتى لو كانت من رئيس تحبه. وحتى الآن رحب ساسة عراقيون بفوز أوباما وأوضحوا تأييدهم لخططه للانسحاب.
وقال موفق الربيعي مستشار الأمن القومي العراقي إن وجود أوباما على رأس الإدارة الأمريكية يضخ دماً جديداً ويفرز أفكاراً وخططاً جديدة.
ويرى القادة العراقيون أن الحرب في فصلها الأخير الآن نتيجة التراجع الحاد في أعمال العنف في العراق على مدار العام الماضي. وفي الشهر الماضي انخفض عدد القتلى في العراق لأقل مستوى منذ بداية الغزو الأمريكي قبل ستة أعوام تقريباً.
وتدعو خطة أوباما لسحب 14 لواء قتالياً أمريكياً لا تزال موجودة في العراق بمعدل لواء أو اثنين كل شهر من تاريخ توليه مهام منصبه على أن تستكمل عملية الانسحاب في غضون 16 شهراً تاركة قوة لمكافحة الإرهاب لم يحدد ماهيتها.
وقبل عام رأى كثيرون في بغداد وواشنطن أن مثل هذا الجدول الزمني لانسحاب سريع تعهد انتخابي ينطوي على مخاطرة ولكن القادة العراقيين يقولون الآن إنه قابل للتحقيق.
وأعرب الربيعي عن اعتقاده بأن فترة 16 شهراً فترة مناسبة.
كما أن احتمال تحسين أوباما العلاقات مع إيران يمكن أن يساعد واشنطن على اكتساب أصدقاء في العراق والاحتفاظ بهم.
ويقود الحكومة العراقية أحزاب شيعية ترتبط بعلاقات وثيقة مع إيران ولكن كثيراً ما يتجاذبها حلفاء جدد في واشنطن وحلفاء قدامى في إيران في اتجاهات متعارضة.
وتجرى انتخابات الرئاسة في إيران في العام المقبل ورغم صعوبة قياس مدى التحسن في العلاقات مع واشنطن فإن أنصار نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي يأملون في حدوث تقدّم.
وقال جلال الدين الصغير رئيس التكتل البرلماني الشيعي الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء (لا خيارات لنا إلا اتباع سياسة تعاون وخاصة مع دول الجوار). وأضاف أن بلاده تشجع (أي نهج يؤدي إلى تعاون مع أي دولة من دول الجوار وليس فقط مع إيران).
ومع ذلك لن تلقى كل سياسة تقترحها واشنطن قبولاً لدى الحكومة العراقية. ومع رحيل قواتها ستفقد الولايات المتحدة نفوذها في نهاية الأمر.
وتريد واشنطن أن تتوصل الأحزاب الشيعية التي يتزعمها المالكي لاتفاق مع الأكراد في الشمال بشأن الأراضي المتنازع عليها والاتفاق على صيغة لاقتسام الثروة النفطية. وتريد من الشيعة والأكراد الاعتناء بالسنة الذين انقلبوا على القاعدة.
ويقول المؤرخ النرويحي ريدار فيسر وهو خبير في السياسة العراقية (تنامت بقوة توقعات الانسحاب عقب انتخاب أوباما وهذا يعني أن بعض الدعاية المناهضة للاحتلال ربما تهدأ).
ولكنه أضاف: يبدو أن أوباما يعتقد أن بوسعه ممارسة ضغط على المالكي لحمله على التحرك نحو المصالحة الوطنية ولكن هذا الموقف ينم عن تجاهل لتزايد ثقة المالكي بالنفس.
وبعد أن واجهت انتقادات بالضغف على مر الأعوام أضحت حكومة المالكي أكثر جرأة داخلياً وفي التعاملات مع واشنطن.
وامتلأت خزانات بغداد بعائدات النفط نتيجة الزيادة الكبيرة في الأسعار في الآونة الأخيرة. وفي وقت سابق من هذا العام حققت قوات الأمن انتصارات على ميليشيات شيعية بدعم محدود من القوات الأمريكية وهي أحداث نظر إليها في العراق على أنها نقطة تحول.
وقاد المالكي مفاوضات صعبة مع إدارة بوش بشأن مستقبل الوجود الأمريكي وأرغم فعلياً إدارة بوش على القبول بإطار زمني للانسحاب في غضون ثلاثة اأعوام. غير أن الشك ما زال ينتاب الكثير من الساسة في العراق ويفترض البعض أن وعود أوباما الانتخابية بانتهاج سياسة جديدة في العراق مجرد وعود.وقال لواء سميسم أحد كبار مستشاري رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر (نحن نعرف أن شعارات الانتخابات تبقى مجرد شعارات.. سنبقي ننتظر).
وتابع: نحن نقول الآن إن أوباما المرشح هو ليس أوباما الرئيس.. نحن ننتظر عما سيتمخض عنه انتخاب أوباما والوعود التي وعدها.