Al Jazirah NewsPaper Tuesday  11/11/2008 G Issue 13193
الثلاثاء 13 ذو القعدة 1429   العدد  13193
الاقتصاد الإسلامي.. العبرة في التطبيق
لولو عجاج النهدي

المتابع لوسائل الإعلام المختلفة يلاحظ بشكل لافت الآراء القائلة بظهور النظام الاقتصادي الإسلامي بديلاً للنظام الرأسمالي، ومنقذاً للعالم من أزمته المالية الحالية، مؤكدة أن ظهور النظام الاقتصادي الإسلامي حتمي، وكأنه كان ينتظر سقوط النظام الرأسمالي الليبرالي لينهض تلقائياً، دون أن يكون هناك الاستعداد الكامل لهذا النظام، وكأنه جاهز للتطبيق الآن وكل ما ينتظره هو سقوط النظام القائم.

ليس المقصود مما سبق التشكيك في قدرة النظام الاقتصادي الإسلامي؛ فهذا النظام ثري جداً، ويملك من المقومات ما يجعله البديل الأنسب، ولكن التشكيك هنا بقدره أصحاب هذا النظام من المسلمين في العمل الدءوب الجاد للخروج بحلول عملية تطبيقية لحل مشكلات وأزمات عالمية، في حين أنهم عاجزون حالياً عن تقديم حلول لمشكلاتهم في ضوء الإسلام. إن ما ينقصنا حقيقة ليس وجود النظام المناسب (النظرية)، ولكن العمل لإخراج كنوز هذا النظام أي (التطبيق). فالاقتصاد الإسلامي بديل مناسب لإخراج العالم من أزمته شريطة أن نعي نحن المسلمين المفهوم الصحيح لهذا الاقتصاد، بمعنى أن المطلوب الآن هو البحث العلمي الجاد والنزيه والمتكامل للخروج بنظام عملي صالح للتطبيق، وليس مجرد أفكار جميلة وخطوط عريضة كما في الكتب التي تعنى اليوم بالاقتصاد الإسلامي، التي تصلح للثقافة العامة لا للتطبيق العملي، خاصة أن الأمثلة التي تطاردنا بها وسائل الإعلام المختلفة لتطبيق الصيرفة الإسلامية في الدول الغربية هي في الواقع غير دقيقة؛ لأن المدقق في الأمر يجد أن تجارب بعض البنوك الغربية التي طبقت بعض مفاهيم الاقتصاد الإسلامي نابعة من تحقيق مصالح خاصة لها وتطوير خدماتها، وكذلك تقوم بعض هذه البنوك بتقديم خدمات غير ربوية للمسلمين وفي المقابل تستغلهم، فهذه البنوك تتبع ما يناسبها من الصيرفة الإسلامية لتحقيق الأرباح وتطوير أنشطتها لكنها ليست مقتنعة بالأحكام الاقتصادية الشرعية ولم تأخذ بها كلها، أي أن أخذهم كان مجتزأ, حيث إن مصالحهم في النهاية كانت هي الفيصل وليس اتباع هذا النظام أو ذاك. ومن المعروف عبر التاريخ أن الأحداث والأزمات الاقتصادية كانت تولد أفكاراً جديدة، حيث أدت (الرأسمالية المتوحشة) إلى ظهور الاشتراكية، وأدت أزمة 1929م إلى ظهور الأفكار الكنزية, كما أن ظهور سلوك وأزمات الرأسمالية اليوم سيؤدي بلا شك إلى ظهور أفكار أو مدارس فكرية جديدة، فهل آن الأوان لنقوم ونعمل ونسهم في بناء نظام اقتصادي عالمي حتى يحسب لنا ذلك, بإبراز النموذج الإسلامي لتتحقق للأمة مكانتها على خريطة العالم؟

* باحثة اقتصادية



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد