نيويورك - موفد (الجزيرة) - سعد العجيبان:
برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يعقد في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية يومي غد الأربعاء وبعد غد الخميس مؤتمر الحوار بين أتباع الديانات.
وقد أنهت الجمعية العامة للأمم المتحدة استعداداتها لعقد المؤتمر إثر إرسال رئيس الجمعية ميغل بروكمان دعوات لكافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 192 دولة لحضور المؤتمر.
ومن المتوقع أن يكون الرئيس الأمريكي جورج بوش ضمن الثلاثين من رؤساء الدول والملوك ورؤساء الحكومات الذين سيشاركون في المؤتمر.
مبادرة المليك دعوة حظيت بتأييد عالمي
سجلت مبادرة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - للحوار بين أتباع الرسالات الإلهية والحضارات والثقافات دعوة عالمية انطلقت من مهبط الوحي ومنطلق رسالة الإسلام وقبلة المسلمين. وحظيت تلك المبادرة بإجماع إسلامي برز في نداء مكة المكرمة الذي أصدره علماء ومفكرون مسلمون مثلوا الأمة الإسلامية في المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي انعقد في مكة المكرمة في 30 جمادى الأولى 1429هـ.
رغبة عالمية في الحوار
في أعقاب هذا المؤتمر برزت رغبة عالمية أكدت أهمية عقد مؤتمر عالمي يجمع شخصيات بارزة من مختلف أتباع الرسالات الإلهية والثقافات المعتبرة وقادة الفكر والرأي ومحبي العدل والسلام لاستعراض نداء مكة المكرمة الذي تضمن ما اتفق عليه المسلمون ووضع برنامج عملي لحوار عالمي هادف لبناء مستقبل إنساني تعززه المعتقدات الدينية والقيم والأخلاق والمشترك الإنساني لمد جسور التعارف والتفاهم والتعايش بين الشعوب والأمم والطوائف المختلفة ودعوة البشر إلى العودة لخالقهم واستلهام ما أنزله على رسله.
وأمام تلك الرغبة العالمية جاء انعقاد المؤتمر العالمي للحوار في العاصمة الإسبانية (مدريد)، وافتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في 13 رجب 1429هـ، إذ ناقشت شخصيات بارزة من أتباع الرسالات الإلهية والحضارات والثقافات الإنسانية المعتبرة أهمية الحوار بين أتباع الرسالات الإلهية والحضارات والثقافات، وتم بحث تعاون المجتمعات على مختلف أديانها وثقافاتها، فيما تجتمع عليه من قيم إنسانية مشتركة؛ مما يحقق العدل والأمن والسلام، ويسهم في إشاعة العفة واجتناب القبائح والرذائل، ويواجه آفات الإرهاب والظلم والمخدرات، وغير ذلك من المآسي البشرية.
مؤتمر نيويورك امتداد لجهود المليك
وامتداداً لجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في رعايته الكريمة لهذا المؤتمر بشكل دوري وجهوده الرامية في إرساء حوار دائم يحقق الأمن والسلام العالميين، تأتي رعايته - حفظه الله - للمؤتمر العالمي للحوار المنعقد يوم غد الأربعاء في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية. ذلك ما يجعل المؤتمر العالمي للحوار يكتسب أهمية بالغة تتمثل في حجم مصدر الدعوة لعقده المتمثلة بخادم الحرمين الشريفين، وحجم التأييد الدولي لعقده في مقر أكبر تجمع دولي في العالم تأكيداً لتأييد فكرة الحوار، إضافة إلى المشاركة بمستويات عليا تنسجم مع أهمية الداعي وما دعا إليه.
حرص دولي على دعم التعايش السلمي
حرصت معظم الحكومات والمؤسسات الدينية كل الحرص على دعم الجهود والمساعي في سبيل نشر قيم التعايش السلمي بين الشعوب وإفشاء ثقافة السلام؛ مما يجعل المؤتمر يؤكد أن هناك اتفاقاً عالمياً ورسمياً على تقبل الجميع لفكرة الحوار وأنه السبيل الوحيد للتفاهم والتعاون في العلاقات الإنسانية.
جهود المليك دليل على حل مشاكل البشرية
إن إدراك خادم الحرمين الشريفين لحاجة العالم إلى المزيد من الحوارات من أجل التفاهم والتوافق، والعمل على دحض نظرية الصراع بين الحضارات، وتوضيح الرؤى المستقبلية الهادفة إلى ضمان مستقبل آمن للإنسانية جمعاء.. ذلك ما جعله - حفظه الله - يبذل جهوداً مكثفة لتفعيل الحوار بين الأديان والثقافات بما يخدم الوئام والسلام ليس بين المسلمين فحسب ولكن بين شعوب العالم بكل معتقداتهم، لتكون تلك الجهود خير دليل على اهتمامه - حفظه الله - بكل ما من شأنه الإسهام في حل المشكلات التي تعاني منها البشرية بما يعزز الأمن والاستقرار بين الشعوب على اختلاف معتقداتها وثقافتها.
لقاء تاريخي مع بابا الفاتيكان
وجسد لقاء خادم الحرمين الشريفين التاريخي مع بابا الفاتيكان خطوة أولى تعكس جدية الرغبة في الحوار، ولعلنا نقف عند جملة هامة قالها - حفظه الله - بعد لقائه التاريخي عندما وصفه بأنه لقاء لا ينسى ولقاء إنسان لإنسان؛ ذلك ما يؤكد نظرة المليك بإعلاء قيمة الإنسان وأي إنسان.
كما اعتبر بابا الفاتيكان اللقاء تاريخياً يمهد لمزيد من النقاشات الموسعة حول إقامة حوار بين الأديان والحضارات المختلفة من أجل إرساء قواعد ثابتة للسلام وتحقيق العدالة وإرساء القيم والأخلاقيات.
لا خوف على الإسلام.. وإنما على البشرية
ينطلق بعد هذا اللقاء التاريخي المهم المؤتمر العالمي للحوار في مدريد. وكانت كلمة خادم الحرمين الشريفين في افتتاح المؤتمر العالمي للحوار في مدريد تعني العالم أجمع، وتبين أن الإسلام دين الحوار والتعايش السلمي، وأن أمة الإسلام لا تنقصها النية الصالحة ولا العزيمة القوية للوصول للتعايش السلمي والاستقرار الأمني.
لقد كان المليك صريحاً في كلمته ذات الأبعاد والمعاني السامية حينما أكد أنه لا خوف على الإسلام وإنما الخوف على البشرية في المستقبل من تسلط التكنولوجيا المتوحشة والاقتصاد والثقافة الطاغية، كما جسد - حفظه الله - أن البشرية أسرة واحدة تتعاون وتتكاتف ولا يمكن أن تسمح للقوي بأن يأكل الضعيف وهذا هو الخطاب الإسلامي.
حكمة وصواب الرأي من قائد عظيم
اتسمت كلمة خادم الحرمين الشريفين بالحكمة وصواب الرأي من قائد عظيم أكد ضرورة هذا التلاقي والتواصل بين أتباع الرسالات الإلهية والثقافات والحضارات من مختلف أنحاء العالم ليس لحوار عقائدي وإنما حوار قيم؛ فهناك اتفاق كامل بين معظم أبناء هذه الديانات على أن دياناتهم فيها قيم مشتركة وهذه القيم المشتركة هي التي تجعلنا نعمل معاً وأن لا نركز على ما يفرقنا عن بعضنا.
وعكست الرؤية الملكية الواضحة أهمية الوصول إلى أمور واضحة ومحددة لنتائج ملموسة لتخفيف معاناة البشرية، باستشعار خادم الحرمين الشريفين الخطر المحدق بالبشرية وأن هناك حاجة ملحة إلى تلاقي هذه القيم بعضها مع بعض.
نجاح قبل البداية
بالنظر إلى تأكيد المليك على أن معظم الحوارات في الماضي فشلت لأنها تحولت إلى تراشق يركز على الفوارق ويضخمها، معتبراً ذلك أنه مجهود عقيم يزيد التوترات ولا يخفف من حدتها، فإن أصحاب كل دين مقتنعون بعقيدتهم ولا يقبلون عنها بديلاً؛ ذلك ما جعل مؤتمر مدريد ينجح قبل أن يبدأ... فقد كانت رؤية خادم الحرمين الشريفين هي التوجه إلى القواسم المشتركة التي تجمع بين أتباع الأديان وهي الإيمان العميق بالله والمبادئ النبيلة والأخلاق العالية التي تمثل جوهر الديانات.
ويؤكد المليك أن الحوار مناصرة للإيمان في وجه الإلحاد، والفضيلة في مواجهة الرذيلة، والعدالة في مواجهة الظلم، والسلام في مواجهة الصراعات والحروب، والأخوة البشرية في مواجهة العنصرية.
مصداقية دعوة المليك
إن مبادرة خادم الحرمين الشريفين تحمل رسالة متميزة يمكن أن تغير العالم؛ فهو لديه من المصداقية ما هو كفيل لحمل أتباع الرسالات الإلهية والثقافات والحضارات المختلفة للاجتماع والتحدث عن القواسم المشتركة المتفق عليها بعيداً عن كل ما يؤجج الصراعات، وهذا في حد ذاته إنجاز تاريخي مهم يسجل لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.