خلال نهائيات كأس العالم الماضية 2006 كنت محلّلاً لمباريات منتخبنا الوطني في النهائيات للقناة الرياضية السعودية مع نجم الاتحاد ومنتخبنا الوطني السابق حمزة إدريس والنجم السعودي الكبير مدير منتخبنا للناشئين حالياً الكابتن صالح خليفة..وقد سألت حينها الكابتن حمزة في حديث جانبي عن سبب عدم اعتزاله اللعب (حتى الآن) والإصرار على الاستمرار في الملاعب بعد أن أصبح احتياطياً في فريقه في ظل المهاجمين الأجانب الموجودين في الفريق وقتها.. فقال النجم الخلوق إنني أرغب فعلاً في توديع الملاعب والاعتزال لكن مسؤولي الاتحاد يرغبون في استمراري لأمور تتعلّق بدعم الفريق واللاعبين معنوياً والوقوف معهم خلال هذه الفترة كلاعب خبرة مؤثِّر قادر على حل الكثير من الإشكاليات التي قد تحدث بين اللاعبين والإدارة أو بين اللاعبين بعضهم البعض.. فقلت يمكن لك أن تقوم بنفس الدور من خلال الانضمام للجهاز الفني والتواجد مع اللاعبين لتقوم بنفس الدور، لكن الخبير حمزة فاجأني برؤية عميقة للعلاقة بين اللاعبين والإدارة وخبرة كبيرة تمثّلت في إجابته حين قال إنني حين أكون لاعباً وزميلاً للاعبين فإن رأيي سيكون مقبولاً ومؤثِّراً بحكم أنني لاعب وفي صف اللاعبين، لكنني حين أعمل في النادي فإنني سأكون محسوباً على الإدارة وبالتالي لن يكون لرأيي نفس هذا التأثير والقبول لدى اللاعبين بحكم أنني سأكون حينها ممثلاً للإدارة وأقدّم رؤيتها للأمور وهو ما لن يكون له نفس التأثير.
حينها عرفت أن النجم الكبير يملك عقلية مختلفة تماماً عن الكثير من اللاعبين، وعرفت السبب الحقيقي للمكانة التي احتلها في قلوب زملائه اللاعبين والتأثير الكبير له عليهم داخل وخارج الملعب.. أسوق هذا الكلام كمدخل للحديث عن الوضع الإداري في فريق الهلال الكروي وما يُقال عن إشكالات عديدة بين سامي واللاعبين من جهة وبينه وبين مدير الفريق عادل البطي الإداري الذي أجمع الكل على كفاءته ومحبة اللاعبين له وقيامه بدوره كما يجب..
فالكابتن سامي حين تم اختياره للعمل مع الإدارة الجديدة وتعيينه مشرفاً على الفريق كان الهدف الاستفادة من خبرته الكبيرة ومكانته التي يحتلها في قلوب زملائه وقدرته على تقديم الإفادة للإدارة واللاعبين معاً من خلال استغلال محبة اللاعبين له وتميّزه في تحفيز اللاعبين وحثهم على تقديم أفضل ما لديهم والمساهمة في توفير أجواء جيدة تساعدهم على التألق والتفرّغ للكرة وتمثيلهم أمام الإدارة وحل المشاكل إن وجدت بالنظر لما يمثّله سامي بالنسبة للاعبين جميعاً.
غير أن الأوضاع (كما يبدو) لم تكن كذلك فأصبح سامي إدارياً أكثر منه زميلاً يعرف نفسيات زملائه وظروفهم ويعمل على مساعدتهم في تجاوز الصعاب والتفوّق داخل الملعب كما كان يفعل حين كان لاعباً.. فسامي الآن ممثّل للإدارة أمام اللاعبين أكثر منه ممثّلاً للاعبين أمام الإدارة، وسامي الإداري انسلخ من كل مقوماته كلاعب خبير يعرف ظروف المنافسات وأجواء المباريات ويحتفظ بعلاقة قوية مع اللاعبين لها مفعول السحر عليهم داخل الملعب وتحول لمجرد إداري يسعى بكل قوة ليظهر نجاحه أكثر من حرصه على تحفيز اللاعبين وتوحيد جهودهم وتوجهاتهم لخدمة الفريق ودفعه إلى الأمام.. سامي لا شك أنه نجم كبير وتاريخ كبير لديه من الخبرة والتجربة ما يساعده على النجاح وكسب ثقة الجميع لكنه تخلَّى عن كل ذلك ودخل نفقاً أبعده كثيراً عن زملائه وأحدث فجوة واضحة بينه وبينهم فيما يتعلّق بالعمل داخل الفريق والمصلحة بعيداً عن أي اعتبارات أخرى.. سامي يعرف أكثر من غيره نوعية زملائه وإخلاصهم وحرصهم الكبير على مصلحة فريقهم ومحبتهم له لكنه فشل حتى الآن في إدراك كل ذلك وتعامل مع الوضع وكأنه قادم من كوكب آخر لا يعرف ما يدور داخل الفريق وبين اللاعبين وما يساعدهم على التألق وما يؤثِّر عليهم نفسياً فاصطدم بالكثير من المواقف التي هزّت ثقة اللاعبين به وفي أنفسهم في بعض الفترات ليفقد ثقتهم به ويفقد تأثيره الذي كان يمتلكه حين كان لاعباً وهذا الأمر المهم الذي أدركه حمزة إدريس ولم يدركه سامي وهو ما يهدّد نجاح سامي مشرفاً ليفقد كل قدراته في التأثير على زملائه وقيادتهم من خارج الملعب على نحو ما كان يفعله داخل الملعب وهو الشيء الذي جعل الإدارة تضعه في هذا المنصب للاستفادة من كل إمكاناته.. وللاستمرار في النجاح الذي تحقق خلال السنوات الماضية!
سلاح الجمهور
** لا يختلف اثنان على أهمية الدعم الجماهيري لأي فريق وخصوصاً إذا ما كان بحجم الجماهير الهلالية العريضة التي تؤازر الفريق في مختلف مناطق المملكة حتى إن التفوق الجماهيري الهلالي خارج الرياض كان هو الأبرز والأكثر من كافة الخصوم باستثناء مباريات الهلال أمام قطبي جدة الاتحاد والأهلي.. وخلال السنوات القريبة الماضية كان للجماهير الهلالية دور كبير في تحقيق البطولات وبشكل مؤثّر نتيجة إدراك الإدارة الهلالية السابقة لذلك.. فقامت مع أولى خطواتها بتشكيل رابطة مشجعين على أعلى مستوى بقيادة إبراهيم حقوي الذي كان نجماً لامعاً في المدرجات الزرقاء التفت حوله الجماهير دعماً ومؤازرةً لفريقها.. ونتيجة لإدراك الإدارة (السابقة) كما قلت لأهمية الجماهير ودعمها للفريق كونها سلاحاً فتَّاكاً يتميّز به الهلال عن غيره من الأندية وبفارق كبير من الجماهيرية كما أثبتت ذلك الإحصاءات قامت بتفعيل دور مجلس الجمهور الهلالي الذي قام بأدوار كبيرة لتنظيم الجماهير وتحفيزها للحضور وتوزيع الشعارات والدعوة الدائمة للجماهير للتواجد خلف الفريق.. وبالفعل كان لكل هذه الجهود دور كبير في مسيرة الفريق لأن الإدارة وحدها لا يمكن أن تقوم بكل شيء والجماهير تستطيع فعل ما لا تستطيع الإدارة القيام به من الدعم والمؤازرة والتشجيع وأيضاً المحاسبة والضغط على اللاعبين لتقديم أفضل ما لديهم..
** في هذا الموسم ومع تسلّم الإدارة الجديدة للرئاسة بذلت الكثير والكثير وقامت بخطوات جبارة لا ينكرها إلا مكابر.. كما صرفت الكثير على النادي في كافة مناشطه وبشكل استحق الإعجاب والثناء وأمام هذه الجهود الكبيرة أتمنى أن لا تغفل الإدارة الجانب الجماهيري وأهميته في تحقيق الإنجازات وأن يتم إعادة تشكيل الرابطة لتعود قوية كما كانت وفاعلة في المباريات.. مع الاهتمام بمجلس الجمهور الهلالي وإعادة إحيائه لأهمية الأدوار التي يقوم بها لتكون مكملة للعمل الإداري والفني حتى تستقيم المعادلة الرياضية.. ويكون الإنجاز.. فبمجهود بسيط يمكن إعادة الحياة والفاعلية للمدرجات الزرقاء التي كانت في لقاء الوحدة الماضي قليلة الفعالية.. فالرابطة ضعيفة والتفاعل مع الفريق ضعيف والصمت الرهيب والتوتر غلَّف أرجاء الملعب لينعكس سلبياً على الفريق ولاعبيه فشاهدنا التوتر وعدم الدقة في التمرير وضعف التحرك وانعكاس الأجواء الصامتة بشكل عام على أداء الفريق كأحد الأسباب التي ساهمت في اختفاء المستوى الهلالي المعهود. وشخصياً أثق أن سمو الأمير عبد الرحمن بن مساعد وهو الهلالي الصميم والباحث عن النجاح بالخطوات الرائعة التي يقوم بها في إدارة النادي والصرف السخي الذي يقدّمه سيلتفت لهذا الأمر ويوليه الاهتمام المطلوب لأن الهدف واحد وهو نجاح الفريق والإدارة وإسعاد الجماهير الهلالية عموماً.. وكثيرون لا يولون مثل هذه الأمور التي يرونها صغيرة الاهتمام المطلوب فيما هي أحد أهم الأسباب التي فطنت لها الإدارة السابقة منذ البداية واستخدمتها بشكل قوي وفعَّال ما انعكس إيجاباً على النتائج وساهم في استثمار كل الجهود التي تبذل بحثاً عن النجاح.
لمسات
** في لقاء الأسبوع الماضي قلت إن أداء المنتخب السعودي الشاب لا يؤهله لتحقيق اللقب الآسيوي رغم العناصر الجيِّدة في صفوفه.. وتمنيت أن ننجح في الوصول على الأقل لنهائيات كأس العالم للشباب وهو ما لم يحدث..
أعود وأقول إن المدرسة البرازيلية التدريبية لا تتناسب والمرحلة الحالية ونحن بحاجة لطواقم من الكوادر التدريبية الأوروبية حتى نساير العالم في التقدم.. ويكفي أنه لا يوجد أي مدرب برازيلي في الأندية السعودية باستثناء المنتخبات!
** إصابة النجم الكبير ياسر القحطاني خسارة كبيرة للمنتخب السعودي أولاً في مشواره نحو المونديال وخسارة فادحة للهلال الذي ربما لن يستفيد من ياسر سوى في نهاية الموسم متى ما نجح في العودة لمستواه!
** رئيس رابطة المشجعين في الهلال الموسم الماضي انتقل للنصر مقابل 150 ألف ريال وراتب شهري.. وذلك لإدراكهم للدور الكبير الذي تقوم به الرابطة في دعم الفريق.
** بمناسبة حديث مدرب الهلال السيد كوزمين عن الوقت الملعوب فعلياً في المباريات والذي لم يتجاوز 8 دقائق في لقاء الهلال والوحدة الأخير أتمنى أن يركّز اتحاد الكرة أو هيئة دوري المحترفين - إذا كان هذا ضمن اختصاصاتها - على مثل هذه الأمور العلمية والتوجه نحو الإحصاءات وطرق التقييم الفنية لتطوير كرتنا بشكل علمي مدروس.