الرياض - نواف الفقير:
شارك مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية في مؤتمر (التكامل الاقتصادي العربي من منظور القطاع الخاص) الذي انعقد بالكويت في الفترة 11 - 12 نوفمبر بتنظيم من الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية وغرفة تجارة وصناعة الكويت برعاية الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت وشارك المجلس في المؤتمر بوفد يضم عدداً كبيراً من رؤساء الغرف والأكاديميين السعوديين.
وعن واقع حجم التجارة العربية البينية تحدث رئيس مجلس الغرف السعودية صالح بن علي التركي قائلا: إنه منذ بداية تطبيق البرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى العام 1995م وحتى الإعلان منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى العام 2005م ازدهر حجمها بشكل ملحوظ من 24 إلى 137 مليار دولار عام 2007م كما تشير الأرقام لكنه قال إنها لا تزال دون حجم الطموحات فهي لا تشكل سوى 10% مقارنة بـ67% في دول الاتحاد الأوربي على سبيل المثال.
وقال التركي: إن قراءة واقع تدفقات التجارة العربية البينية تعطي مؤشرات ودلالات كثيرة أهمها عدم التكافؤ في مساهمة الدول العربية في التجارة البينية حيث تستأثر ثلاث دول عربية فقط هي السعودية، والإمارات، وعمان بحوالي 60% من إجمالي الصادرات العربية البينية، وحوالي 38% من إجمالي الواردات العربية البينية، كما أن اتجاه التجارة العربية البينية يميل للتركيز على شريك أو شريكين فقط سواءً في جانب الصادرات أو الواردات.
وأضاف: السعودية تمثل أكبر مصدر ومستورد وأكبر شريك في التجارة البينية لدول مجلس التعاون كما تمثل المواد الخام والوقود المعدني القاسم الأعظم من التجارة العربية البينية.
وعدد مجموعة من الأسباب التي تعوق التجارة العربية البينية التي منها تأخر حسم المشاكل الخاصة بقواعد المنشأ في إطار منطقة التجارة الحرة العربية، وعدم تفعيل قواعد عربية لحماية المنافسة ومنع الاحتكار، وعدم الاتفاق على قواعد لمعاملة منتجات المناطق الحرة في البلدان العربية، بالإضافة إلى مشاكل النقل بين البلاد العربية التي تؤدي لارتفاع التكاليف، وعدم التزام بعض الدول العربية بدمج الرسوم والضرائب ذات الأثر المماثل ضمن هيكل التعريفة الجمركية، ومشاكل إعادة التقييم للسلع المتبادلة بين البلاد العربية للأغراض الجمركية، وتعدد الجهات الرقابية والتعقيدات المستندية المتعلقة بحركة التجارة بين الدول العربية، فضلاً عن المبالغة من جانب بعض الدول العربية في حماية القطاع الزراعي، وضعف البنى الإنتاجية وقلة تنوعها وضعف الترابط بين اقتصادات الدول العربية، وانخفاض حجم الاستثمارات العربية البينية وضعف المشروعات العربية المشتركة.
ودعا التركي إلى منح القطاع الخاص العربي دور اكبر في تعزيز حركة التجارة العربية البينية ومعالجة اختلالها وقال: إن احد الأسباب الجوهرية والمنطقية التي تواجه التجارة العربية البينية هي عدم تناسب الدور الذي يقوم به القطاع الخاص في قضايا التكامل الاقتصادي العربي مع قدراته ودوره في الاقتصادات العربية.
وعن الاستثمارات البينية وتأثيرها على التجارة العربية البينية أوضح التركي بان حجم هذه الاستثمارات بلغ 14.5 مليار دولار عام 2007م موزعة بنسب متفاوتة ففي السعودية مثلا تمثل هذه النسبة 42% أما في المغرب وسوريا فلا تتعدي ال4% وتتركز هذه الاستثمارات بالدرجة الأولى على قطاعي الخدمات والعقار وأضاف: زيادة الاستثمارات البنية يعني زيادة التجارة العربية البينية لكننا بحاجة لمعالجة بعض الاختلالات مثل معالجة تركز الاستثمارات في عدد محدود من الدول العربية وتركزها في قطاعات بعينها.
وأضاف بان الفرصة مواتية لتجارة عربية بينية نشطة بتوفر السيولة النقدية جراء عوائد النفط العالية والتحسن في البيئة التشريعية ذات العلاقة بالاستثمار ووجود قطاعات استثمارية جديدة (النقل والاتصالات) وظهور صفقات التطوير والشراء والاستحواذ عبر الحدود العربية بالإضافة لتبني كثير من الدول العربية لفكرة المشروعات الكبرى كالمدن الاقتصادية والصناعية.
وأشار رئيس مجلس الغرف السعودية إلى مجموعة من العوامل التي تحد من تدفق الاستثمارات العربية البينية وذكر منها البيروقراطية وعدم تبسيط الإجراءات المرتبطة بتأسيس الشركات، والفساد الإداري وغياب الشفافية، بالإضافة إلى كثرة اللوائح والتشريعات وعدم الاستقرار التشريعي، وضعف تطور البنية التحتية في معظم البلدان العربية، وهجرة العقول والعمالة المدربة، وبطء عمليات التقاضي وفض المنازعات الاستثمارية والتجارية بالإضافة إلى تباطؤ برامج الخصخصة وتنامي فكر الوطنية الاقتصادية.
وقال التركي بان الفرص المتاحة أمام الاستثمارات العربية كثيرة في مجال مشروعات البنية التحتية العربية المطروحة للقطاع الخاص مثل المياه والكهرباء والمدن الاقتصادية والسكك الحديدية ومشروعات ربط الشبكات العربية مثل خطوط الغاز والكهرباء والسكك الحديدية، مشروعات الطاقة في البلدان العربية في ظل تزايد الطلب العالمي على النفط والطاقة بجانب مشروعات إعادة التأمين كخدمة تعتمد البلدان العربية على الخارج فيها بشكل كبير والقطاع المصرفي.
بدوره دعا الدكتور فهد السلطان أمين عام مجلس الغرف لتضافر جهود الحكومات والقطاع الخاص لخلق بيئة صديقة للأعمال وتركيز جهود الحكومات العربية على تحقيق عدالة المنافسة في مجالي التجارة والاستثمار وإعطاء مزايا تفضيلية للاستثمارات العربية البينية والمشتركة أسوة بتجربة الاتحاد الأوروبي.
وحث على سرعة تفعيل آلية لفض المنازعات في جامعة الدول العربية من خلال محكمة الاستثمار العربية وإزالة ما تبقى من معوقات أمام تحرير التجارة العربية وإشراك القطاع الخاص في القرارات والإجراءات المتعلقة بمسيرة التكامل الاقتصادي وتبني المشروعات المشتركة كمدخل لتنمية التجارة والاستثمارات العربية البينية.
ودعا السلطان القطاع الخاص العربي لبناء تحالفات وشراكات من أجل الاستثمار في المشروعات العملاقة المطروحة حالياً في الدول العربية والتركيز على توطين تكنولوجيا إنتاج متقدمة من خلال شراكات عربية ودولية والاهتمام برفع كفاءة الإنتاج وتحسين الأداء وتفادي الممارسات التجارية غير المشروعة كالغش التجاري والإغراق وانتهاك الملكية الفكرية وغيرها.