القاهرة - مكتب الجزيرة - ضياء عبد العزيز - محمد حسين - دينا عاشور:
أشاد مفكرون ودبلوماسيون عرب بنجاح مؤتمر حوار الأديان المنعقد بمقر الأمم المتحدة بنيويورك والذي ترعاه المملكة ومليكها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، مشيرين إلى أن الاهتمام الدولي بالمؤتمر يعكس ثقل المملكة دولياً وأكد الخبراء أن المؤتمر في الزمان والمكان الصحيح ليؤكد للعالم أجمع أننا مع الحوار وأن ديننا وثقافتنا الإسلامية والعربية تقبل الآخر وتتعاون معه فيما يسعد البشرية جمعاء.
وقال عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية: إن مبادرة جلاله الملك عبد الله بن عبد العزيز جاءت في وقت كاد العالم فيه أن ينقلب على أعقابه بعد التوترات الأخيرة بدءاً من أحداث 11 سبتمبر مروراً بالإساءة للرسول الكريم وباتهام الإسلام الحنيف بدعم التطرف وإيذاء البشر.
أضاف موسى بأن هذه المبادرة بلا شك ستخفف من حده سوء الفهم بين الإسلام والغرب أو تحديداً دعاة صدام الحضارات.
وأكد أن الدعوة لم تأتِ من دولة عربية أو إسلامية ذات وضع عادي ولكنها جاءت من المملكة العربية السعودية التي ينظر إليها العالم دائماً على أنها حافظة الإسلام والبلد المقدس الذي يضم بين جنباته الأماكن المقدسة التي يشع فيها الدين الإسلامي بنوره على المسلمين جميعاً وبالتالي فإن ذلك سيكون له مردوده الإيجابي على الفهم الصحيح لمغزى هذه الدعوة.
وأشاد موسى بالرؤية الثاقبة التي تتمتع بها القيادة السعودية وبهذه الخطوة التي جاءت في المكان والزمان المناسبين.
وقال سفير لبنان وسفيرها الدائم في الجامعة العربية خالد زيادة: إن بلاده تنظر إلى دعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز بأنها طوق النجاة للعالم أجمع ولبنان على وجه الخصوص وذلك لما تمثله هذه المبادرة من أهمية قصوى لوضع تصور وفهم صحيح للعلاقة بين الأديان السماوية.
وأضاف أن الرئيس اللبناني العماد ميشيل سليمان شارك بفاعلية في هذا الحوار وأن لبنان قد طالب بأن تكون بيروت هي مركز الحوار الدولي بين الأديان باعتبارها المرآة الطبيعية لحقيقة التعايش بين الأديان في الأرض وأكد أن هذه المبادرة سيكون لها نتائجها العظيمة في المستقبل القريب.
وأضاف أن الملك عبد الله وصف الأسباب الحقيقية لمفهوم الإرهاب حين قال: إن السبب الحقيقي للإرهاب هو نقص العدالة واستشراء الظلم في المعاملات الدولية وطالب بتحقيق هذه العدالة للقضاء على الإرهاب. وتمنى السفير اللبناني أن تكون هناك آذان صاغية لمبادرة الملك الكريمة والفرصة سانحة حالياً لبلورة تصور عالمي للعلاقة بين الأديان.
قال السفير سعد محمد رضا القائم بالأعمال العراقي في القاهرة: إن مبادرة الملك عبد الله مبادرة للإنسانية ونحن في حاجة ماسة لهذا الحوار لفهم الجوانب المهمة لكافة الديانات ولوضع أسس جديدة للتفاهم بين أتباع الرسل ولعلها تكون ميثاق تفاهم بين البشر على وجه الأرض وطالب بأن يخرج هذا الحوار الدولي المهم بتوصيات وان تطبق بشكل سريع لتنهي حالة اللغط القائمة حالياً بين التكتلات المذهبية.
ومن جهته أكد السفير محمد صبيح مساعد أمين عام الجامعة العربية لشئون فلسطين: إن هناك ترحيباً دولياً وإسلامياً على وجه الخصوص بمبادرة الملك عبد الله واعتبر أنها فرصة مناسبة لشرح المفهوم الحقيقي الذي لا بد أن تكون عليه العلاقة بين أتباع الديانات المختلفة، وأشار إلى أنها فرصة مناسبة أمام هذا التجمع الدولي للتطرق إلى مسألة ربط الإسلام بالإرهاب وهذا غير صحيح.
وأضاف أنها فرصة أيضاً لوضع تصور دولي لتجريم التطاول على الأديان وأن نشرح للعالم من على منبر الأمم المتحدة مدى الظلم والافتراءات التي تقوم بها إسرائيل في فلسطين.
وقال الدكتور عصمت عبد المجيد الأمين العام السابق للجامعة العربية: إن مبادرة خادم الحرمين الشريفين تعزز العلاقات بين أتباع الأديان والثقافات وأن عقد هذا الاجتماع في مقر الأمم المتحدة يؤكد مكانة المملكة والملك عبد الله وثقله دولياً مشدداً على هذه الدعوة جاءت في وقتها ومكانها مطالباً علماء الإسلام باستثمار الزخم الدولي حول المؤتمر لتوضيح الصورة الحقيقية للدين الإسلامي وأبعاده وقيمه الإنسانية.
كما أكد السفير هشام يوسف مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية أهمية الحدث واعتبره خطوة كبرى توضح للعالم كله أننا مع الحوار وأن ديننا سمح يقبل الآخر وعلى الآخر أن يصحح أفكاره عنا خاصة أن صورة الإسلام تواجه تشويهاً في العديد من المجتمعات الغربية مشدداً على أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين تعبر عن مدى الاهتمام العربي والإسلامي بموضوع الحوار الذي سيسهم في تدعيم العلاقات بين أتباع الأديان.
واعتبر السفير محمد بسيوني رئيس لجنة الشؤون العربية بالبرلمان المصري أن مبادرة الملك عبد الله تجسد مدى حرص المملكة العربية السعودية والدول العربية بضرورة توضيح الصورة الحقيقية عن الإنسان العربي والمسلم. وقال: إن الحوار بين أتباع الأديان هو جزء من الثقافة العربية والإسلامية. مؤكداً أن تبني الأمم المتحدة لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يؤكد التقدير الدولي الذي تحمله المنظمة الدولية للعالم العربي.
وأشاد الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المصري بمبادرة خادم الحرمين الشريفين مؤكداً ثقل المليك والمملكة دولياً وهو الأمر الذي أعطى الحوار زخماً كبيراً ودعا الفقي إلى الاهتمام باستحضار الروح العامة الداعية للتسامح المشترك وفهم الآخر والبحث عن حياة أفضل للإنسانية كلها من خلال قواسم مشتركة بين الأديان السماوية تدعو لنشر السلام والأمن ورفض التعصب موضحاً أن الحوار هو بين أتباع الديانات السماوية وليس بين الديانات رافضاً التفتيش في النصوص الدينية الذي قد يفتح باباً للخلافات تخرج الحوار بين أتباع الديانات عن الهدف الأسمى لهم وهو خير الإنسانية ومواجهة مشاكل المجتمعات وظواهرها السلبية. وقال الفقي: إن أصحاب الأديان والمعتقدات هم شركاء في كوكب الأرض وكل منهم يعبد ربه بطريقته وهذا لا يمنع التعاون بين الجانبين لصالح البشرية ونشر الخير والرخاء. وأعرب عن أمله في خروج المؤتمر بتوصيات فعالة تدعم الحوار لصالح الإنسانية جمعاء.
واعتبر أحمد ماهر وزير الخارجية المصري السابق أن المبادرة خطوة عربية وإسلامية جادة تجاه العالم لفتح صفحة مضيئة بعيدة عن الصراعات والعنف، مشيداً بالدور التاريخي الذي يقوم به خادم الحرمين الشريفين في بلورة رؤى الأسرة الدولية في سبيل إشاعة قيم حوار الأديان مشيراً إلى أن مبادرة حوار أتباع الأديان تصب أيضاً في مجرى الدعم للدور العربي والإسلامي الذي يسعى جاهداً للانتصار لقضايا الحق والعدل خاصة حول قضايا المنطقة وفي صدارتها قضية الشعب الفلسطيني العادلة والمشروعة التي تحتاج إلى مزيد من الدعم والمناصرة الدولية.
وقال الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري السابق: إن مؤتمر نيويورك الذي يعقد في الولايات المتحدة بناء على المبادرة السعودية التي بدأت في مكة ثم مدريد وأخيراً نيويورك له دلالة، فالمملكة التي اتهمت بعد 11 سبتمبر باتهامات عديدة منها أن 15 من هذه القصة الأمريكية المزعومة من السعوديين، وأن بن لادن سعودي الجنسية، كما أن المدارس السعودية تخرج إرهابيين وكلها افتراءات لا مجال لها من الصحة، والدليل على ذلك مبادرات حوار الأديان والثقافات التي دلت على أن المملكة ليست منغلقة أو تعيش في نسيج منعزل، بل لديها من الثقة بالنفس ما يجعلها تضع قواعد للحوار بين الثقافات والأديان واستطرد قائلاً: لقد نجحت المملكة في مؤتمراتها بمكة ومدريد في البحث عن المشترك وخلق أرض مشتركة بين الأديان السماوية والمعتقدات الأرضية إلى أن وصلت لمؤتمر الولايات المتحدة للخروج في النهاية بميثاق لحماية الأديان والمقدسات والرموز والمعتقدات وتجريم التعدي عليها وذلك على مستوى عالمي.
كما أكد على ضرورة تشكيل لجنة متابعة تطورات ما سوف يصدر من قرارات الجمعية العمومية التي يمثلها ستون دولة، مؤكداً على ضرورة وجود ميثاق عالمي يطبق على دول العالم أجمعها لحماية الإسلام من الافتراءات خاصة بعد موضوع الرسوم المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم)، لافتاً إلى أن هذا الميثاق يوازن بين الحرية والحق، الحرية في التصرف والحق في الحماية، بعيدا عن الإضرار بالآخر وانتهاك للأديان.
وأشار إلى أن هذه المبادرة تدعو إلى وجود رصيد أخلاقي ثابت تساهم فيها الإنسانية كلّها، مؤكداً على ضرورة الاستجابة لدعوة الملك عبد الله بالتمسك بالروابط الأسرية التي تفككت وأدت إلى تدهور العلاقات الإنسانية. وأضاف الأشعل أن هذا المؤتمر يساهم في توثيق العلاقات بين الدول، لما يدعو إليه من احترام حقوق الآخر وإذا تحقق ذلك ستجعل العلاقات بين الدول والشعوب علاقات عادية وسينعكس ذلك على اقتصاد الشعوب والتجارة والثقافات فضلاً عن تحسين أوضاع الأقليات المسلمة في أوروبا، لما يعانوه من تخوف المجتمعات الأوروبية من الأقليات المسلمة لربط العمليات الإرهابية في أوروبا بالأقليات المسلمة، مشدداً على ضرورة صياغة مبادئ للأمم المتمدينة التي تقترب من الإنسانية لصالح الشعوب.
وأكد سامح عاشور رئيس اتحاد المحامين العرب أن الهدف من المؤتمر خلق علاقات جوار تقوم على الشفافية بين الدول بعضها البعض، واحترام أصحاب الأديان بعضهم لبعض وتحقيق المساواة بينهم في الحقوق والواجبات، وإزالة العقبات التي تحول دون تحقيق هذه المساواة ،لافتا إلى ضرورة التعاون والتعايش بين أصحاب الديانات والانصهار في كيان واحد وعدم الالتفات إلى اختلاف العقائد وأشار إلى أن مشاركة رؤساء الدول في هذا المؤتمر يدعم نشر ثقافة الاحترام المتبادل بين الشعوب وتقوية العلاقات والانتماءات بعضنا إلى بعض، مشيرا إلى أهمية وجود لجان مشتركة على المستوى الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي والأمني بين الدول للمناقشة والبحث والخروج بنتائج مثمرة تفيد الشعوب المختلفة.
وذكر الكاتب الصحفي صلاح منتصر أن الفكرة من حوار الأديان ليست فكرة حوار للعقائد إنما فكرة الحوار على المبادئ الأساسية التي تقوم عليها هذه العقائد وتحويها فكل دين لديه من السماحة وإسعاد البشرية ما يماثل الدين الآخر وكل يبقى على دينه لذلك فالهدف من الحوار هو تعميق هذه القيم والأهداف الجميلة التي تستهدفها هذه الأديان من محبة وسعادة وسلام وتوثيق العلاقات بين الناس، مؤكدا على ضرورة أن أهداف الحوار يصب في كيفية إسعاد البشرية وغرس المثل والقيم التي تحقق هذه السعادة، نافياً أن يكون الغرض من حوارات الأديان إقناع كل ذي دين أو عقيدة بدين بالتحول إلى دين أو عقيدة أخرى.
وقال د.عاطف البنا أستاذ القانون: إن الأديان في جوهرها تدعو إلى الفضائل وعبادة الله سبحانه وتعالى، ويأتي حوار الأديان للتقريب بين الأديان والمفاهيم، لأن الأفكار والمفاهيم في الأديان تختلف من دين لآخر فكل دين له مفاهيمه الذي تؤسس حياة أصحابها، داعياً إلى وجود مؤتمرات وحوارات يشبه مؤتمرات حوار الأديان لمناقشة القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية للشعوب لبحث المشاكل وإيجاد الحلول لها، والتعاون فيما بينهم.
وقال د. عمرو هاشم ربيع الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام إن جوهر الحوار بين الأديان هي احترام كل طرف ديانات الطرف الآخر، إلا أننا نجد أن بعض الدول الأوروبية رافضة تلك الحوارات وتعتبرها تدخل في حرية الرأي والتعبير، والحريات الشخصية، مشيراً إلى أن هذه الدول لا تمنع أن أي ذي دين يسب ديناً آخر وتعده نوعاً من الحرية والتعبير عن الرأي، في حين نحن المسلمين نحرم أن يسب مسلم أي دين آخر ونجرمه، لذلك نجد أن مناداة بعض الدول الغربية بالحوار مجرد حملة دعائية وعلاقات عامة فقط.
وأشاد المستشار محمد دكروري أمين لجنة القيم بالحزب الحاكم بمؤتمر حوار الأديان قائلاً: إنها فكرة جيدة لأنها تقرب بين الأفكار الدينية وينشأ نوع من التقارب والتحاور ومناطق اتفاق، وكذلك تبادل الأفكار والمعاني المختلفة حتى لا يوجد مجال للهجوم على بعضنا البعض أو الإساءة إلى الأديان، لافتاً إلى أن مشاركة رؤساء الدول في هذا المؤتمر من شأنه يقويه ويدعمه بشكل أكبر، مما سينعكس على الشعوب ويؤدى إلى وجود نوع من التحاور والتقارب بينهم وتقوية العلاقات بشكل أكبر، وسينطلق التعامل من مفاهيم مشتركة بين الشعوب تعمق الانتماء بعضنا لبعض، وتقلل من حدة التوتر والهجوم بينها وأكد أن هذا المؤتمر سيتحول من فكر ديني إلى فكر عالمي تطبق مفاهيمه وأفكاره على مستوى دول العالم أجمع.