Al Jazirah NewsPaper Saturday  15/11/2008 G Issue 13197
السبت 17 ذو القعدة 1429   العدد  13197
د. علي محافظة لـ«الجزيرة»:
الحوار بين الحضارات تواصل بين الأمم والشعوب

دبي - أحمد يوسف:

أكد المفكر العربي د. علي محافظة أن الحوار هو طبيعة إنسانية محضة، ودعوة مخلصة للاستقرار والسلام العالمي، والمحافظة على الهوية الوطنية والثقافية، فيما التزمت الديني أو الأيديولوجي يؤدي إلى الإرهاب والاحتراب والأعمال الوحشية، والتنكر لحقوق الآخرين، داعياً إلى أنسنة بعض المعتقدات الدينية اليهودية، حتى تتمكن إسرائيل من التكيف مع دول العالم المتحضر، وتقبل بها دول المنطقة.

وأشار في حديث لـ(الجزيرة) إلى أن العالم ليس منعزلاً عن بعضه البعض، بل هناك تواصل بين الأمم والشعوب، وتستفيد هذه الشعوب من كل تقدم حضاري أو علمي لأي أمة؛ ولهذا كان الاتصال بين تاريخ هذه المنطقة في العصور القديمة وبين اليونان والرومان، كما أن العرب المسلمين أنشؤوا إمبراطورية كبيرة مستفيدين من الحضارة الساسانية والرومانية واليونانية، وطوروا وأحدثوا أشياء كثيرة خلال وجودهم ومساهمتهم في الحضارة العربية.

تابع: جاءت الحروب الصليبية، وبرزت التجارة العالمية بين المدن الإيطالية وبين حوض البحر الأبيض المتوسط خاصة سوريا الطبيعية ومصر، واستفادوا كثيرا مما أنتجه العرب، وعن طريق إسبانيا استفاد الأوروبيون، وقامت نهضة أوروبا واستمرت هذه النهضة ما يقارب الـ 500 عام، والحضارة الأوروبية في القرن العشرين لم تعد ملكاً للأوروبيين وحدهم، بل هي ملك جميع الناس لأنهم شاركوا فيها، والعربي الذي هاجر إلى أمريكا يشارك في كل ميادين الحياة حيث نجد عالم الكيمياء والفيزياء والذرة والفضاء، وتجد كذلك الصيني والهندي والروسي وغيرهم.

وأوضح د. محافظة أنه يوجد انفتاح ديني وحضاري بين الأمم، ولا يوجد ما يمكن تسميته صراع الأديان والحضارات، وكل أمة تستفيد من الحضارة بقدر حاجتها، إنما القول بأن هناك ثقافات مختلفة فهذا صحيح، والثقافة هنا هي العادات والتقاليد واللغة والإنتاج الأدبي.

وقال: كل أمة لها طابعها الخاص، ولا يمكن أن يكون هناك صراع، فكيف يكون الصراع بين الثقافة الهندية والثقافة العربية، وإذا ما سعت أية دولة لفرض ثقافتها على العالم فإن العالم سيرفضها، وهذا لم يحدث في تاريخ البشرية أن فرضت ثقافة واحدة على كل العالم، وفي هذا الصدد فإن ما يسمى بالصراع الثقافي هو عبارة عن محاولات لإثارة الأحقاد ضد المسلمين، وكل الأفكار التي أخرجها هنتجتون وفوكياما هي جزء من الحملة المعادية للعرب، وجاءت بعض الأحداث لتعطي هذا التوجه من العداء دفعاً قوياً، والعرب هم الضحية.

وأضاف د. علي محافظة: هناك ما يقارب 50% من أبناء الأمة العربية أميون إلا أنه بالمقابل هناك 50% يقرؤون ويكتبون؛ لذلك لا يمكن أن تسحق هذه الأمة، وبسبب قيم أمتنا ودينها وتطلعاتها لن يتمكن أحد من السيطرة عليها، ثقافياً أو عسكرياً أو سياسياً.

وذكر أنه لم يحدث في تاريخ العالم أن سيطرت دولة واحدة على مصير البشرية، قد يكون هناك برهة معينة، بمعنى عدة سنوات، بحيث تتمكن الدولة الأقوى من فرض سياساتها والتحكم بقضايا كثيرة يكون لها فيها اليد الطولى، لكن هذه المسألة لا تستقيم إلى ما لا نهاية، حيث لا يمكن لدولة واحدة أن تعيد تنظيم العالم وفق رغباتها ومصالحها، هكذا علمنا التاريخ، أما في الفترة الحالية فإن البعض يسعى إلى رسم الخرائط والحدود من جديد، كما يحاول تغيير قناعات الشعوب والأمم وحرفها عن الحقائق ومبادئ الحرية والعدالة والاستقرار الدولي من خلال السيطرة على وسائل الإعلام الموجهة من قبل المؤسسات المالية الضخمة، وغيرها من الوسائل، وهذا لن يغير من واقع الحال شيئاً، مشيراً إلى أن قضية الشرق الأوسط قضية سياسية، وهي لب الخلاف بين الأمة العربية والغرب، وحل هذا الخلاف واضح، وضمن مبادرة السلام العربية، وهي انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة، مقابل الاعتراف العربي، وقبولها جزءاً من المنطقة.

وذكر أن هناك معادلة معروفة تقول إن لكل فعل رد فعل يساويه في المقدار ولا يعاكسه مئة بالمئة في الاتجاه، وهذا شيء طبيعي؛ لذا وجدنا حلفاء إسرائيل في الغرب يضيقون ذرعاً بسياستها العدوانية، والمتزمتة، بل إن مطالبتها بيهودية إسرائيل ما هو إلا قناع يخفي وراءه التوسع، والسيطرة على الأرض بالقوة، وإنكار حقوق الفلسطينيين.

وقال: لم يعد هناك مجال للتزمت، أو اللجوء إلى التهويمات الخيالية لأن ذلك تسطيح للأشياء، فهل ترى أنه بعد كل هذا الانفتاح، والثورة التكنولوجية، والمستوى التعليمي للشعوب أن تتقزم شعوبنا دون شعوب الأرض أمام التجربة الإنسانية، والأفكار السياسية الإيجابية، والانفتاح الحضاري بين الشعوب، هذا الانفتاح الذي يكرس هويتنا المستقلة وملامحنا الخاصة، أما الصراع السياسي في منطقتنا الذي يؤثر على المصالحة التاريخية مع الغرب، فإن كل شيء لا بد له من نهاية.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد