استمر مسلسل تعثر المنتخبات السنية على الساحة الآسيوية، وهذا التعثر يطرح سؤالاً كبيراً على بساط الوطن الذي يمتد من الوريد إلى الوريد. والسؤال الذي يجب أن نجلد به منظومة العمل في الفئات السنية دون مواربة هو: أين الخلل؟ هل الخلل في الأجهزة الفنية فليرحلوا، أم في الأجهزة الإدارية فلن نتوقف عند قاعدة (ما في البلد غير هذا الولد)؛ لأن بلدنا غني بالكوادر القادرة المقتدرة، أم في برامجنا ومسابقاتنا فلنبدأ التصحيح؟
الفئات السنية ضاعت بين مدربين لا يملكون أسلحة العمل الفني السليم وأجهزة إدارية تمشي جنب الحيطة وجاملت على حساب الوطن ومسابقات عرجاء تبدأ وتنتهي دون أن يشعر بها أحد والدليل سنوات الضياع وعدم استثمار الدعم اللا محدود من القيادة الرياضية على كافة الأصعدة.
القيادة الرياضية وفرت للمنتخبات السنية كل شيء وهيأت معسكرات تحضيرية ويكفي أن منتخب الشباب تم تحضيره على مدى تسعة أشهر متتالية من أجل انتزاع بطاقة الترشح لكأس العالم المقبلة 2009 ولكن الحلم ضاع بين أقدام لاعبين لم يجدون البناء الرياضي السليم في الأندية التي تهتم بشراء اللاعبين الجاهزين وبين أجهزة فنية وإدارية لم تستثمر الدعم؛ فكانت المحصلة سقوط منتخباتنا السنية بسبب عجز الأندية الكبيرة عن البناء والإعداد.
معاناة السعوديين
هناك توجه جميل لسعودة بعض الوظائف في الاتحادات الرياضية السعودية، وبالفعل تم تعيين عدد من الكوادر السعودية على وظائف (تحت اسم المتعاقدين المتفرغين)، وحقيقة فقد وقفت على معاناة هؤلاء الشباب السعوديين، وليتني لم أقف على معاناتهم؛ فقد وجدت النظام صارماً عليهم بالحضور صباحاً ومساءً، ووجدت جهدهم متواصلاً، ولكن القهر يكمن في رواتبهم الضعيفة وعدم منحهم حقوقهم بما يوازي الجهد الذي يقدمونه من تأمين صحي أو بدل سكن بل مسحوبة منهم كل المميزات، ووقفت على ظروف بعضهم ممن يعول أسرته الصغيرة براتب ضئيل والبعض يعول والديه والبعض في مهب الريح، ووصل الأمر إلى انعدام الأمن الوظيفي لشباب سعودي قذفت بهم الحظوظ على أرصفة الاتحادات الرياضية التي تأكلهم لحماً وترميهم عظماً.
أتمنى أن تنظر القيادة الرياضية في أمرهم وتمنحهم الحصول على وظائف؛ تمنحهم الأمن الوظيفي بحيث تحول وظائفهم من متعاقدين بدون مميزات إلى وظائف رسمية.
سياسة تركي بن خالد
تقول الفلسفة لكل شيخ طريقته ولناصر الجوهر وفهد المصيبيح طريقتهما وقناعتهما في التعامل مع وسائل الإعلام، سواء بالتواصل أو قطع حبال الوصل أو بين المد والجزر، وهذا حق من حقوقهما.
تجاربنا السابقة مع القيادات الإدارية والفنية للمنتخب السعودي الأول لكرة القدم تمنحنا حق تقييم طرق التعامل من شخص لشخص، وهذا لا يعيب تعاطي طرف دون آخر مع وسائل الإعلام؛ فالقناعة بالعمل والتعامل مع وسائل الإعلام تختلف باختلاف القناعات، ولولا اختلاف الأذواق لبارت السلع. وتعتبر سياسة المشرف السابق على المنتخب الأمير تركي بن خالد نموذجاً مقنعاً للوسط الإعلامي بصرف النظر عن أي سلبيات أو هفوات حصلت في تلك الفترة.
سياسة تركي بن خالد تعتمد على المشاركة الجماعية في رسم خطوات العمل والشفافية مع كل الأطراف؛ ولذا لا أبالغ إذا قلت إن خبرة الأمير تركي بن خالد وتخصصه الدراسي انعكسا على عمله وتعامله؛ فكسب جولة التواصل مع قنوات وسائل الإعلام ليس بالكلام بل بالفعل؛ فقد كان يجتمع مع الرموز الإعلامية بشكل غير رسمي ويتباحث معهم في شؤون المنتخب ويستمع لوجهات النظر المتعددة ويوضح الموقف بشكل احترافي وذكي في نفس الوقت بل وصل الأمر إلى أن أرسل لكل الرموز الإعلامية وكل رؤساء تحرير الصحف المتخصصة ومديري تحرير الشؤون الرياضية ورؤساء الأقسام الرياضية وأبرز الكتاب والنقاد يوضح استحقاقات المنتخب التي يستعد لها وطلب من الجميع المشاركة في رسم البرنامج بمعسكرات قصيرة أو طويلة ونوعية المباريات الإعدادية وكل ما يتعلق ببرنامج المنتخب وجاء التجاوب المحدود من البعض ولكن المهم هو إسكات هذه الأقلام وعدم نقدها للبرنامج؛ لأن الفرصة منحت لهم للمشاركة في رسم البرنامج وأي انتقاد فيما بعد لا جدوى منه ومردود على صاحبه، وبالفعل نجحت سياسة الأمير تركي بن خالد ليس في تكميم الأفواه بل بتوحيد النغمة الإعلامية أو تقارب وجهات النظر، وهذه خطوة ذكية تحسب للقيادة الإدارية التي تعاملت مع وسائل الإعلام السعودية بطريقة البيضة والحجرة، ووضعت الجميع في قارب واحد.
من تجاوب الأمير سلطان بن فهد ونائبه الأمير نواف بن فيصل وتقبلهما لكل الآراء ومن تجربة الأمير تركي بن خالد يمكن أن يستفيد الجوهر والمصيبيح في المرحلة المقبلة؛ لأن مرحلة الجفاء التي صنعها المصيبيح وسار على نفس النهج فيما بعد الجوهر لن تخدم المنتخب بل ستوسع الفجوة وتزيد مساحة النقد التي لا يحتملها الثنائي الجوهر والمصيبيح، وقد تنعكس هذه الأمور السلبية على مشوار المنتخب المقبل، وهذا يتطلب ذكاءً في التعامل مع وسائل الإعلام فالنغمة الإعلامية سلاح مؤثر يجب التعامل معه بكل دهاء، وهذا ما ينقص منتخبنا في هذه الفترة المهمة.
أشياء... وأشياء
- المنتخب قبل وبعد مباراة كوريا الجنوبية محور طرح وسائل الإعلام، وعلى الجوهر والمصيبيح التفكير بعمق واختيار طريقة التواصل المنطقية بعيداً عن حساسية المصيبيح وانفعالات الجوهر.
- فهد المصيبيح يشعر بقلق من عيون الصحافة وكأنه يخشى شيئاً ما؛ ولذا يتعالى على الصحافة ويمارس معها جفاءً علنياً.
- إذا كان المدير الإداري لأي منتخب مثقفاً ويجيد عدة لغات وخاصة اللغة الإنجليزية ويجيد التعامل مع الكمبيوتر فمن السهولة التعامل معه محلياً وعالمياً.
- ناصر الجوهر يجد دعماً معنوياً من كل وسائل الإعلام ومشكلته التوقف عند الصوت الناقد له من بين عشرة يثنون عليه.
- النغمة الإعلامية قبل مباراة كوريا الجنوبية يجب تركيزها على تهيئة المنتخب والتأكيد الكامل على ثقتنا بأي لاعب يرتدي شعار المنتخب.
- مدربنا الوطني ناصر الجوهر يجب أن يتعود على أصداء العمل الذي يقدمه بين ثناء الإعلام وقدحه؛ فهذه قاعدة العمل الصحفي في أي بلد.
- نواف بن فيصل تحدث بصدق في مؤتمرة الصحفي وقدم ورقة عمل مستقبلية مليئة بالتفاؤل للرياضة السعودية.
للتواصل alhammadi384@hotmail.com