من بين العديد من المؤتمرات والمنتديات العلمية وحلقات الدرس والبحث، بدأت أمس أعمال أهم هذه المؤتمرات والمنتديات التي لها تأثير مباشر في حياتنا اليومية والمستقبلية أفرادا ومجتمعات ودولا.
فالمؤتمر الدولي الثالث للموارد المائية والبيئة الجافة الذي يبدأ أعماله متزامنا مع المنتدى العربي الأول للمياه أمس في مركز الملك فهد الثقافي في الرياض، تحت رعاية نائب خادم الحرمين الشريفين، سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز يعد من أهم المؤتمرات والمنتديات التي تهم الإنسان المعاصر، ليس في منطقتنا التي تعد أكثر المناطق في العالم بحاجة إلى تلبية حاجتها من المياه فحسب بل تهم البشرية جمعاء، حيث كشف وزير المياه والكهرباء في كلمته أمام المؤتمر بأن (توزيع المياه بين مناطق العالم لا يتناسب إطلاقا والكثافة السكانية، فبينما تستأثر الأمريكيتان بحوالي (40%) من مياه العالم نجد أن سكانها هم (15%) فقط وفي المقابل تحوي آسيا (60%) من السكان ولا يتجاوز نصيبها (36%)، أي نصيب الفرد في قارة آسيا أقل من ربع نصيب نظيره في الأمريكتين، وتزداد فجوة المقارنة اتساعا عندما تضيق الدائرة لتشمل الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا الذي يحوي (6.4%) من سكان العالم بينما يحوي (1.4%) فقط من المصادر المائية، أي أن نصيب سكان هذه المنطقة هو ربع متوسط المتاح لقارة آسيا على قلتهم مقارنة بالأمريكتين، علما بأن ثلاثة أرباع المتاح من المياه في الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا تستأثر به أربع دول فقط هي (إيران والعراق وسورية وتركيا)، إضافة إلى ذلك فإن اثنتي عشرة دولة من أكثر من خمس عشرة دولة في العالم شحا في المياه تقع في الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا).
ومنطقتنا (الجزيرة العربية والخليج العربي) من بين هذه الدول الاثنتي عشرة الأكثر شحا في المياه، ولهذا فإن الاهتمام الذي يوليه الأمير سلطان بن عبد العزيز، نابع من شعور بالغ بالمسؤولية وبالإنسانية التي لم تكن كما أسلفت في المقالة الأولى وليدة اليوم، فقد بدأت منذ تسلمه مسؤولية وزارة المياه والزراعة إبان انخراطه المبكر في إدارة الدولة، فمن خلال مسؤولياته الوزارية آنذاك أخذت هموم توفير المياه تترسخ وتتكاثر لدى سموه التي أخذت تنمو برعايته محليا وعربيا حتى انبثق المجلس العربي للمياه الذي نجح في عقد وتنظيم العديد من المؤتمرات والمنتديات التي تبحث في زيادة الموارد المائية ورفع مستوى تقنيات توفير المياه والحفاظ عليها. ولعل في مناقشة إحدى أوراق العمل التي تبحث في استغلال التقنية النووية لتحلية مياه البحر، ومن خلال التوسع في إنشاء محطات التحلية على سواحل البحار التي نوقشت مساء أمس وكذلك الطرق المستحدثة لتوفير المياه للبلدان المحتاجة التي تعاني من شح المياه وبلادنا إحدى هذه الدول.. لعل في ذلك تعويضا لحاجتنا إلى المياه عن طريق تحلية مياه البحر باستثمار التقنية النووية.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«11» ثم أرسلها إلى الكود 82244
jaser@al-jazirah.com.sa