لا تخلو جامعة من جامعاتنا من عدد من الكراسي البحثية في مجالات بعينها، بدءا من العلوم التطبيقية كالهندسة والطب والكيمياء والتعدين والجيولوجيا، وحتى العلوم الإنسانية والاجتماعية، ووجود هذه الكراسي، وما تحظى به من دعم مالي ومعنوي من أبناء المجتمع السعودي، والمؤسسات التعليمية، يمثل ظاهرة صحية، ويؤكد أهمية البحث العلمي في دعم عجلة التنمية والتطور في جميع المجالات.
ونجاح بعض هذه الكراسي، ولا سيما في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران، في تحقيق نتائج علمية ممتازة، أمكن توظيفها في مشروعات إنتاجية لزيادة كفاءة وحجم الإنتاج، يدعو للتفاؤل بالمزيد من النجاح، واستثمار مخرجات البحث العلمي في خدمة المجتمع، وتسريع الخطى على طريق التقدم.. وإيجاد حلول عملية وجذرية لكثير من المشكلات التي يعاني منها المجتمع.
إلا أن هذا التفاؤل يظل رهينا بمدى وعي القائمين على هذه الكراسي، وقناعتهم بأهمية البحث العلمي، ومن ثم الاستفادة من الموارد المالية والبشرية، في إجراء بحوث ودراسات حقيقية وواقعية، تخرج بنتائج قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
وعند هذه النقطة تبدأ مسؤولية جهات أخرى في الاستفادة من هذه البحوث والدراسات كل في مجال تخصصه وعمله، فالشركات الصناعية يجب أن تستثمر ما توصلت إليه بحوث هذه الكراسي في الارتقاء بجودة المنتج الصناعي، وأن تسعى إلى ذلك بكل جهد، وحبذا لو بادرت هذه الشركات إلى دعم الكراسي المرتبطة بمجال نشاطها، وتوجيهها إلى احتياجاتها.. ونفس الشيء ينطبق على كل الأنشطة الأخرى.
في الغرب تبادر الشركات الصناعية والتجارية إلى دعم كراسي البحث العلمي في الجامعات، وتتولى الإنفاق على النوابغ من الباحثين، لأنها تستفيد من إنتاجهم البحثي في تطوير عملها، وهذا يفسر العلاقة الوطيدة بين الجامعات والقطاعات الاقتصادية والخدمية هناك.. وعكس ذلك يفسر وجود مئات الدراسات الأكاديمية والبحوث التي كلفت مبالغ طائلة في جامعاتنا ومراكزنا البحثية، ولا تزال حبيسة جدران وأرفف المكاتب والمكتبات، لا تجد من يعرف كيف يستفيد منها؟!
alomari1420@yahoo.com