الرياض - (الجزيرة)
للمكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات عمل كبير في تحقيق رغبات المسلمين الجدد، في أداء فريضة الحج والعمرة، وزيارة المسجد النبوي الشريف، والتشرف بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، فكل مكتب من مكاتب الدعوة له برنامجه الخاص بالحج والعمرة، حيث يتم اختيار من يريدون أداء الفريضة، والقيام بتوعية شاملة لهم، لتعريفهم بالمناسك، مع تنظيم برنامج دعوي في فترة الحج، وهو الأمر الذي يثبت هؤلاء على دينهم، وينقلون مشاعرهم الإيمانية لغيرهم، ويروي بعض القائمين على هذه المكاتب قصص مؤثرة عن مشاعر المسلمين الجدد في الحج.. وفي هذا التحقيق نلتقي باثنين من المسؤولين عن هذه المكاتب لمعرفة دور مكاتب توعية الجاليات في الحج.
استيعاب الجميع
يقول الشيخ عبدالله بن ناصر الصالح، مدير المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بحي سلطانة بالرياض: لا يخفى بأن المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات لها دور كبير في دعوة غير المسلمين إلى الإسلام وكذلك إرشاد المسلمين وتوعيتهم بما يشوب العقائد من البدع والخرافات وتقويم سلوكهم وتحذيرهم من بعض المخالفات في العقيدة والأخلاق، وإن من ضمن أعمال المكاتب القيام برحلات للحج للداخلين في الإسلام حديثاً وذلك لتأدية الركن الخامس من أركان الإسلام.
والمكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بسلطانة هو أحد تلك المكاتب التي لها دور بارز في القيام بتحجيج المسلمين الجدد الذين أسلموا عن طريقه كل عام حيث بلغ عدد الذين أدوا فريضة الحج عن طريق المكتب ما يقارب أربعمائة حاج من المسلمين الجدد، وذلك طوال خمسة عشر عاماً.
ولابد للقائمين على هذه الرحلات من منسوبي المكاتب التعاونية أن يراعوا أحوال هؤلاء الحجاج لجهلهم بأحكام هذا الركن العظيم، وأن يأخذوا بالتيسير عليهم في أحكام الحج لأنها مبنية على الاستطاعة واليسر ورفع الحرج، والحج عبادة قرنت بالاستطاعة فلا يشق عليهم في شيء من المسائل التي يظهر فيها التيسير ورفع الحرج؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً.
ونحن في مكتب سلطانة نقوم باستيعاب جميع المسلمين الجدد الذين يدخلون في الإسلام كل عام عن طريق المكتب وذلك لأداء فريضة الحج ممن يرغبون في أداء هذه الفريضة العظيمة.
ويوجد لدى المكتب برنامج معد مسبقاً يختص بأمور الحج والعمرة للمسلمين الجدد وهذا البرنامج يعد قبل موسم الحج بشهرين ومن أهم أهدافه للحجاج من حديثي الإسلام ما يلي:
* غرس التوحيد في نفوسهم وتعظيمهم ذلك.
* تأدية هذا الركن وفقاً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
* اتباع السنة وحبها والترهيب من البدع وبغضها.
* اكتساب العادات والسلوكيات والأخلاق الحميدة.
* تعظيم شعائر الله.
* الالتزام بالآداب العامة بأسلوب تربوي عملي كآداب الطعام والسفر والمجالسة، وتعويدهم حسن الخلق.
* استغلال الوقت بعبادة الله تعالى بشتى أنواع الطاعات.
وعن القصص المؤثرة للمسلمين الجدد أثناء أداء فريضة الحج، فيقول: هناك قصص كثيرة ولعل منها على سبيل الذكر لا الحصر أن البعض بل الغالبية من المسلمين الجدد عندما يرى جموع الحجاج ويرى الكعبة لا يتمالك نفسه فيجهش بالبكاء، ويبدو أن ذلك يحدث لأمرين:
الأول: أن هذا الحلم بالنسبة له قد أصبح حقيقة وهو وصوله إلى مكة وتأديته فريضة الحج.
الثاني: رؤية الحجاج بمختلف ألوانهم ولغاتهم وأشكالهم في صعيد واحد لا فرق بينهم. فهذا ما يثبت الإيمان في قلوبهم بأن هذا الدين هو دين المساواة والعدل فكم من شخص دعا أهله للدخول في الإسلام وهو في المشاعر واصفاً لهم هذه المشاهد العظيمة بمشاعره الجياشة.
قصص مؤثرة
ويؤكد الشيخ نوح بن ناصر القرين، مدير المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بحي البطحاء بالرياض: إن فريضة الحج من أعظم الفرائض أثراً في النفوس، إذ إن مشهد الحجاج في صعيد واحد ولباس واحد من مختلف الأجناس والألوان وقد جمعهم هدف واحد ومشاعر واحدة ومناسك واحدة في أيام معلومة، إن ذلك المشهد كفيل بتحريك نفوس من شاهده فكيف من حضره، خصوصاً أنه صار ينقل عبر القنوات الفضائية ويشاهده القاصي والداني.
إن التيسير على المسلمين الجدد في أداء هذه الفريضة سبيل مهم لتقوية إيمانهم وثباتهم على الدين وتعلق قلوبهم بالإسلام وهذا أمر مشاهد ومعلوم من خلال تجربتنا في تحجيج المسلمين الجدد لعدة أعوام سابقة، والتيسير في هذا الأمر يشمل تيسير الأداء مادياً وكذلك تيسير إجراءات استخراج تصاريح الحج والتي يعرقلها إجراءات تعديل الديانة في الجوازات والحصول على الوثائق الرسمية التي تثبت إسلامه، فالتيسير في مثل هذه الأمور يعد أمراً مهماً يتيح لكثير من المسلمين الجدد التمكن من أداء فريضة الحج.
وإن مما يبهج القلب بذكره إسلام (42) شخصاً من أهالي المسلمين الجدد في أيام منى بعد أن قاموا بالدعاء لهم بالهداية ودعوتهم هاتفياً فشرح الله صدورهم للإسلام وكان موقفاً ومشهداً مؤثراً.
ويحرص المكتب على استيعاب عدد معين من المسلمين الجدد يتم اختيارهم حسب معايير حضوره دورة تعليمية وإتقانه للفاتحة وبعض قصار الصور وإتقانه للوضوء والصلاة ومعرفة أركان الإسلام والإيمان ونواقض الإسلام وذهابه للعمرة من قبل بحيث يكون مؤهلاً للقيام بفريضة الحج والاستفادة منها بإذن الله.
والمكتب لديه برنامج خاص بالحج والعمرة على مدار العام ومخصص للمسلم الجديد، حيث يقوم المكتب بعمل برنامج لرحلة العمرة شهرياً للمسلمين الجدد تشمل تعليم مناسك العمرة وفضل العمرة ومكانة مكة المكرمة مع دروس توجيهية وتربوية في جو إيماني وأخوي رائع. وأما الحج فيبدأ الإعداد له من وقت باكر بتسجيل الراغبين في أداء الفريضة ومتابعة حضورهم للدورات الشرعية والتعليمية التي يقيمها المكتب ورحلات العمرة واجتيازهم المقابلة الشخصية واستخراج وثائق إسلامهم حتى قرب موعد الحج، حيث يقيم المكتب لهم برنامجاً مكثفاً في مناسك الحج، ويعد برنامجاً خاصاً برحلة الحج يستغرق وقت الرحلة كاملة حتى آخر يوم تنتهي فيه رحلة الحج يشتمل على دروس ومحاضرات وأنشطة تفاعلية وترفيهية لها الأثر الكبير بفضل الله على نفوس المسلمين الجدد ومشاعرهم. وعن القصص المؤثرة لمسلمين جدد تعبر عن عواطفهم الجياشة أثناء الحج، يقول الشيخ القرين: إن قصص المسلمين الجدد كثيرة ومشاعرهم في رحلة الحج غامرة بعد أن منّ الله عليهم بالإسلام ثم وفقهم لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، ونستعرض بعضاً منهم في الآتي:
محمد كروز (مسلم من 8 سنوات): لقد فاجأتني تلك الأعداد الهائلة وأنا في رحلة الحج كيف اجتمعت في مكان واحد وقد أتوا من كل مكان وكانت سعادتي غامرة لتواجدي في هذا المكان المقدس وأدائي للركن الخامس، ولم أكن أتوقع أن أكون في يوم ما في هذا المكان، وقد بكيت كثيراً وأنا أدعو لأسرتي وأهلي أن يهديهم الله للإسلام.
وقصة وليد رابسنج (مسلم من 10 سنوات) الذي قال لي: لما شاهدت الكعبة شعرت بشعور رائع لا يوصف وعلمت أني محظوظ بهذا الفضل من الله، إذ كثيرون يحلمون أن يكونوا في هذا المكان لكن لا يستطيعون، وقد زاد إيماني بعظمة هذا الدين وأنه الدين الحق لما رأيت الناس من مختلف دول العالم وبمختلف الأجناس في مكان واحد ولهدف واحد، وتذكرت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يسير في نفس هذه الأماكن يؤدي المناسك ويعلِّم الناس وأنا الآن في نفس المكان.
أما عبدالرحمن سوبرادو (مسلم من 5 سنوات) فحكى عن مشاعره بقوله: لا أستطيع التعبير عن تلك المشاعر ولكن ما أريد أن أقوله هو أن تلك المشاعر كانت دافعاً لي للتعرف أكثر على الإسلام ودراسته والتزامي بالدعوة إليه حتى الآن بفضل الله تعالى.
وقال عمر بولائون (مسلم من 7 سنوات) عن شعوره بأداء فريضة الحج: لقد غمرتني السعادة عندما علمت أني قبلت في برنامج الحج للمسلمين الجدد وإن نسيت فلا أنسى تلك اللحظات التي كنت ألبي فيها بعد الخروج من الميقات خصوصاً بعد أن تعلمت معناها، ولا أنسى كذلك مشهداً في الحج جعلني أبكي كثيراً لما رأيت شيخاً كبيراً في السن يتكئ على عصا وهو يمشي وحده مؤدياً للمناسك التي فيها مشقة على من هو في عمره، كان هذا مما زادني يقيناً بأن هذا هو الدين الحق.
أما عمر رانودا (مسلم من 3 سنوات) فيقول: لقد اقشعر جلدي لما رأيت جموع الحجاج وقد أتوا من كل فج عميق رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، قلت في نفسي لو لم أكن مسلماً ما كنت لأعرف ما عرفت! ما منى! ما مكة! ما الحج!، الحمد لله الذي منّ عليّ بالإسلام وأتم عليّ النعمة بالحج.
ويرصد محمد ديلا بينا (مسلم من 17 سنة) مشاعره فيقول: في البداية لم أكن أتوقع أن أكون يوماً ما في هذا المكان بسبب النظرة المشوهة لدي عن الإسلام قبل أن يمنّ الله عليّ بالدخول في هذا الدين، وكانت اللحظات الأولى لمشاهدتي للكعبة رهيبة لقد بكيت كثيراً وحمدت الله على هذا الفضل إذ وفقني لذلك وجعلني من ضيوفه في بلده الحرام، وقد كنت أعاني من مرض عضال استمر معي طويلاً حتى كانت أيام الحج وشربت من زمزم ودعوت الله فلم تنتهِ أيام الحج حتى زال المرض وإلى الآن والحمد لله.