حديثنا اليوم سيكون عن أبرز وأهم أنواع الذكاء والذي يعوّل عليه بإذن الله نجاح البشر في هذه الحياة وهو ما يسمى بالذكاء العاطفي وإليكم مفرداته:
1 - الوعي بالذات ويعني قدرة الشخص على مراقبة مشاعره وتسميتها فالواعي بذاته يرصد المشاعر (كالغضب والقلق والحزن) حال حدوثها، والوعي بالذات هي حجر الزاوية في الذكاء العاطفي، وعامل الحسم في فصم النفس عن اندفاعها..
من الواقع:
(بعد خلاف مع مديره عاد سعيد للبيت دون أن يراقب مشاعره مما جعله يتصرف بحماقة مع أخطاء تافهة جداً بدرت من زوجته وأولاده! ولو أنه حدث نفسه قبل أن يدلف بيته: بأنه الآن منزعج من مديره وأن أولاده لا ذنب لهم .. فستكون تصرفاته أكثر عقلانية ورزانة ومظنة السيطرة عليها).
2 - إدارة المشاعر: تعني القدرة على ضبط وتوجيه المشاعر الضاغطة والسيطرة عليها والتفاعل الإيجابي معها والتحكم بالانفعالات وأهمها (الغضب والقلق) كما تعني قدرة الفرد على مواجهة الصعوبات ومقاومة الإحباطات، ومن الأسلحة الهامة في إدارة المشاعر ما يسمى بمهارة (تأجيل الإشباع).
وتعتبر إدارة الانفعالات مفتاحاً خطيراً للسعادة الداخلية فالانجراف مع نوبات الغضب أو القلق وتصاعدها على نحو مستمر سيؤدي إلى حياة عامرة بالتعاسة والشقاء، وإدارة الانفعالات لا تعني كبت المشاعر ودفنها بقدر ما تهدف إلى ترشيدها لتحقيق توافق مقبول مع المواقف، وهي كذلك لا تعني عدم الغضب فالغضب لا يتحكم في حضوره البشر إنما يقصد بها القدرة على السيطرة على تصرفاتك ما بعد الغضب، ولا تعني رد القلق إنما تعني فهمه وتحويله من دوائر إلى خطوط مستقيمة (سأتحدث لاحقا عن تلك المهارة) والإدارة الجيدة للمشاعر تتمثل في تشرب قانون (الاستجابة) .. راجع مقال (اصنع مسافة) وفي إدارة المشاعر لا وجود للقانون الفيزيائي الذي يقول: إن لكل فعل ردة فعل مساوية له في القوة معاكسة في الاتجاه .. فالعاقل لا يندفع خلف مشاعره الملتهبة ورغباته الدفينة بل تجده رابط الجأش واسع رحب البال.
من الواقع:
(أصدر أحد الطلاب صوتاً في إحدى الحصص مما أغضب المعلم وأوغر صدره وقبل أن يتصرف بحماقة استطاع أن يضبط مشاعره ويسميها (وعي بالذات) ثم سيطر على ثوران نفسه بالسكوت (تأجيل إشباع) ومن ثم استعاذ بالله واستحضر عواقب الغضب حتى هدأت نفسه وسكنت رياحه (إدارة مشاعر).
3 - التحفيز الداخلي: ويقصد به تشييد مصانع داخلية لشحن الهمم لتدفعنا نحو أهدافنا دون الاتكاء على ثناء الآخرين والاعتماد على تشجيعهم ويعتبر التفاؤل من أهم مولدات الطاقة في النفوس البشرية وأقوى معينات النجاح ومثله استحضار صورة الهدف المرجو على نحو مستمر.
ويذكر في هذا الشأن أن دلفيناً كان في جلسة تدريب على القفز فكلما قفز صفر له مدربه تشجيعاً له وتفاعلاً مع هذا التصفير الصادر من مدربه تتعاظم طاقته فيقفز لمسافة أطول، وهكذا يصفر له مدربه فيقفز أعلى وبعد عدة قفزات سكت المدرب ولم يصفر له! فما كان من الدلفين إلا أن صفر لنفسه وأكمل القفز!!
4 - التماثل العاطفي أو التعاطف مع الآخرين Empathy وهو القدرة على قراءة مشاعر وعواطف الآخرين والتفاعل معها سواء كان من صوتهم أو تعبيرات وجههم، والتعاطف من أرقى صفات الذكاء العاطفي وتبدأ جذور تلك المفردة الجميلة من الصغر فالرضيع يتفاعل مع بكاء الصغير بالبكاء وهو تعبير عن الإحساس به .. والتعاطف مع الآخرين يعني أن نفهم جيداً ماذا يعجبهم وماذا يزعجهم وأن نتفاعل مع أحزانهم وأفراحهم بصدق.
من الواقع:
زميل أتاك يشتكي من ظلم مديره .. في تلك اللحظة تعتبر جملة (أنا أحس فيك) أعظم مفتت للهم ونأسف للقلق وشافٍ للألم.
5 - المهارات الاجتماعية وهي المقدرة على إدارة العلاقات وإدارة المفاوضات وبناء فرق العمل، وكذلك تشمل قدرة الفرد على التأثير، وحب التعاون مع الآخرين وجودة الإنصات ورقي الحوارات وإتقان مهارة التبسم وغيرها من المهارات الاجتماعية.
وقبل الختام أبشرك أخي القارئ بأن منسوب تلك المفردات قابل للتعلية وقد منحك الله فرصة عظيمة لتقويتها ... لا تحتاج إلا لعزيمة قوية وتدريب جاد وبعدها سيحدث في حياتك تحولٌ نوعي يزيدك سعادة ونجاحاً
ومضة قلم
عندما تبدأ معركة الإنسان بينه وبين نفسه، فهو عندئذٍ شخص يستحق الذكر.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7515» ثم أرسلها إلى الكود 82244
khalids225@hotmail.com