تشهد دول مجلس التعاون الخليجي الكثير من الطفرات في أغلب قطاعاتها الاقتصادية وذلك بفضل الإدارة الجيدة من جانب الحكومات لعملية التنمية الاقتصادية وعمليات التحول من الاقتصاد الذي يعتمد علي النفط كرافد أساسي لعملية التنمية إلي التنوع الاقتصادي في كافة المجالات والقطاعات الاقتصادية.
ويعتبر قطاع الصناعات البتروكيماوية اكبر قطاع إقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي فقد حققت تلك الصناعة معدلات نمو غير مسبوقة مقارنة مع مثيلاتها في دول العالم الأخرى، فبالنظر إلى حجم الاستثمارات المحققة في ذلك القطاع نجد أن معدل نمو قيمة الاستثمارات الخليجية في صناعة الكيماويات والبتروكيماويات في الفترة من عام 2000 إلي عام 2006 بلغ 5% وارتفع من نحو 52 مليار دولار إلى نحو 70 مليار دولار بما يمثل 59% من إجمالي الاستثمارات الخليجية في الصناعات التحويلية البالغة 118.3 مليار دولار حيث تستحوذ المملكة العربية السعودية على نحو 63% من هذه الاستثمارات بينما تأتي دولة قطر في المرتبة الثانية بنحو 14% من إجمالي الاستثمار فيما يبلغ عدد الشركات العاملة في هذا القطاع 1969 شركة توظف نحو 155 ألف عامل، ومن المتوقع أن يصل حجم الاستثمارات في قطاع صناعة البتروكيماويات في الخليج إلى 120 مليار دولار بحلول عام 2010م.
كما يتوقع أن يتركز النمو في إنتاج الإيثيلين وهو أحد المنتجات البتروكيماوية الأساسية في منطقة الشرق الأوسط خلال الخمس سنوات القادمة مما سيؤدي إلى مضاعفة إنتاج الإيثيلين في إيران ودول مجلس التعاون بحلول عام 2010 ليشكل 20% من القدرات الإنتاجية العالمية.
وقد بلغت الطاقة الإنتاجية من الإيثيلين وهي المادة الأساسية في صناعة البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي أكثر من 10 ملايين طن عام 2007 ليشكل نحو 9% من الطاقة الإنتاجية العالمية من هذه المادة فيما يتوقع أن ترتفع إلى 15% عام 2020م.
التغيرات والتحديات
وقد شهدت صناعة البتروكيماويات العالمية كثيراً من التغيرات والتحديات خلال السنوات القليلة الماضية من بينها ارتفاع أسعار النفط الخام والغاز التي ما تزال تواصل ارتفاعها فيما بلغ هامش أرباح صناعة البتروكيماويات في دول مجلس التعاون مستويات قياسية كما واصلت اقتصاديات الصين والهند نموها الأمر الذي انعكس بشكل واضح وقوي على السوق وأسعار البتروكيماويات إلى جانب ان هذه الصناعة تواجه تحديا بارزاً يتمثل بنمو قطاع التعاقدات الهندسية والمقاولات والإنشاءات مما يدفع بتكاليف المشاريع ومن بينها الصناعية إلى مستويات قياسية حيث تتحدث الأوساط الاقتصادية عن مضاعفة دول خليجية أخرى للموازنات الخاصة بمشاريعها القادمة في أكثر من قطاع صناعي نتيجة ارتفاع تكاليف المشاريع. هذا يوجب على المشاركين في صناعة البتروكيماويات العالمية النظر بدقة إلى التأثير الذي يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أن تتركه في الأسواق العالمية حيث انه من المتوقع أن تبلغ الحصة لدول الشرق الأوسط من إنتاج البتروكيماويات الأساسية والبوليمرات مثل الإيثيلين والبولي إيثيلين عام 2010 إلى أكثر من 20%.
وبسبب انخفاض أسعار المواد اللازمة لصناعة البتروكيماويات وتوافر الغاز الحر تسابقت الدول الست على إنتاج هذه المواد، وتسويقها وتصديرها والاستثمار فيها سواء داخل أراضيها أو خارجها. وما زالت السعودية تحتل قائمة الدول الخليجية من حيث كميات الإنتاج، حيث تستحوذ على 75% من إنتاج الدول الخليجية الذي يصل 8.62 مليار طن سنويا و13% من الإنتاج العالمي لمواد البتروكيماويات، كما أنها اكبر الدول المستثمرة في المشروعات البتروكيماوية وتتعدى حصتها 63 % من قيمة الاستثمارات المخطط لها في المنطقة خلال السنوات الخمس القادمة التي تبلغ قيمتها 128 مليار دولار، ثم تأتي بعدها قطر التي تمتلك 14% من الاستثمارات الخليجية خلال تلك الفترة.
وستتركز هذه الاستثمارات في صناعة الإيثلين، حيث سيزيد الإنتاج السعودي من هذه المادة أكثر من 15 مليون طن بحلول 2009 وستزيد كل من قطر والكويت أكثر من مليون طن لكل واحدة منهما خلال السنوات الثلاث القادمة، ويبلغ حجم نمو صناعة البتروكيماويات في الخليج 15% سنويا.
كما تحتل شركة سابك السعودية المرتبة الأولى بين الشركات الخليجية المنتجة للمواد البتروكيماوية والمركز الخامس بين أقوى شركات الكيماويات العالمية ، وبحلول عام 2015 ستصبح هذه الشركة إحدى كبرى الشركات العالمية من حيث الإنتاج وتحقيق الأرباح إذا استمرت على معدل النمو نفسه الذي تحققه الآن.
وعلى الرغم من التفاوت في أسعار المواد الخام المستخدمة في الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية خليجيا إلا أن ما يميزها جميعا أنها تشترك في ميزة توافر هذه المواد الخام بأسعار منافسة بشكل يدفع نحو تحفيز الاستثمار في إنتاج الهيدروكربونات الأمر الذي يسهل على المنتجين الخليجيين إنتاج وتصنيع بعض المواد البتروكيماوية مثل البوليفينز بسعر تنافسي يقل بنسبة 75% عن نظيرها الصيني أو غيره وهي المادة التي يتركز الطلب عليها من الصين في الدرجة الأولى ثم الهند. وعلى المدى الطويل فإن منطقة الشرق الأوسط ستترك تأثيراً متناميا على أسواق البتروكيماويات العالمية نظراً لميزة توافر المواد الخام إلى جانب ذلك سيؤدي التطور في البتروكيماويات إلى نمو الصناعات التكميلية والصناعات التحويلية كثيفة التوظيف للطاقة وتلك الموجهة نحو التصدير.
مما يوجد فرصة كبيرة لتطوير البتروكيماويات عبر استغلال أمثل للطاقة المتوافرة في دول المجلس وبالتالي قدرة أكبر في إنتاج الكيماويات كثيفة التوظيف للطاقة إضافة إلى أن تحقيق مستوى لا يقل حجماً من التطوير لسلسلة القيمة للصناعات البتروكيماوية يمكن تحقيقه من خلال التوجه نحو التصدير.
هذا التميز والنمو الكبير في قطاع البتروكيماويات يوجد الكثير من التحديات التي تواجه الصناعة في المرحلة الحالية أهم تلك التحديات ينشأ من النجاحات التي حققتها المنطقة في هذا المجال، وكما تتعلق بكيفية إدارة هذا النمو غير المسبوق، ومن ثم، تواجه الصناعة الكثير من التحديات الناشئة عن تقلب أسعار النفط وانعدام القدرة على التنبؤ بمسارها المستقبلي، والارتفاع الضخم في تكاليف الأعمال الهندسية والإنشاءات والمشتريات.
هاتف : 4736259 - 4784718 - فاكس : 4787767
E_mail:asa5533@hotmail.com