يوشك عام 2008م على الرحيل دون أن تتحقق الوعود الأمريكية بإنشاء الدولة الفلسطينية قبل نهاية العام الجاري. تلك الوعود التي بشر بها مؤتمر أنابوليس في أمريكا في شهر نوفمبر من العام الماضي. ومن ثم قام الرئيس الأمريكي جورج بوش بترحيل القضية إلى خلفه باراك أوباما لعل هذا الأخير يأتي بما لم تأتِ به الأوائل! وذلك كعادة الرؤساء الأمريكيين في تعاملهم مع هذه القضية.
ولا ندري إن كان الرئيس الأمريكي المنتخب سيستطيع أن يعيد إلى الفلسطينيين حقوقهم أو حتى جزءاً منها في ظل استمرار التعنت الإسرائيلي، خاصة أن إسرائيل ستشهد في فبراير القادم انتخابات قد تأتي بحكام أشد تطرفاً إلى قمة الهرم السياسي كالمتطرف بنيامين نتانياهو.
وحتى يتسلم أوباما مهامه في العشرين من يناير القادم فإن على العرب من جانبهم أن يوحدوا مواقفهم لتكوين جبهة واحدة قوية في التعامل مع إدارة أوباما وعرض وجهة النظر العربية بوضوح، والضغط باتجاه إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية. وهذا ما سيتم بإذن الله تحديده في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب اليوم بالقاهرة برئاسة الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية.
ولا بد من التذكير بأن أوباما سيتعرض كسابقيه من الرؤساء الأمريكان لضغوطات هائلة من قِبل إسرائيل ومناصريها في الداخل الأمريكي من أجل تعطيل أي تحرك عربي في اتجاه إنشاء الدولة الفلسطينية. ولاسيما أن أوباما لن يكون متفرغاً للقضية الفلسطينية؛ فالرئيس الحالي بوش ترك لخلفه إرثاً كبيراً من الأزمات العسكرية والسياسية والاقتصادية، ومن كل اتجاه؛ ما جعل أوراق القضية الفلسطينية تضيع في كومة من الملفات الشائكة الموضوعة على مكتب الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض.
ومن المهم التأكيد أنه قبل أن يوحد العرب موقفهم في هذه القضية أو يعيدوا تأكيد موقفهم؛ نظراً إلى إجماعهم حول مبادرة السلام العربية فإن على الفلسطينيين أنفسهم أن يتوحدوا أولاً. فالخلافات المستمرة بين الفصائل الفلسطينية وخاصة بين حركتي فتح وحماس، والانفصال السياسي والنفسي القائم بين الضفة الغربية وقطاع غزة لا بد أن ينتهي. وإذا لم يتوحد الفلسطينيون فإن أوباما سيحتج بخلافاتهم فيما إذا لم يوفق في إيجاد حل للقضية. كما أن العرب لن يستطيعوا أن يقوموا بشيء لصالحهم، والعرب من جهتهم حاولوا الوساطة بين فتح وحماس كمحاولات المملكة العربية السعودية السابقة وجهود مصر الشقيقة الحالية، لكن كل هذه المحاولات ستكون غير ذي فائدة إلا إذا كان الفلسطينيون صادقين في رغبتهم في تحقيق الوفاق الوطني.