تنعى رابطة الإعلاميين السودانيين بالمملكة العربية السعودية فقيد الإعلام الأستاذ الكبير حسن ساتي الذي وافاه الأجل سريعاً عصر السبت الماضي بعد رحلة عمل طويلة استمرّت زهاء الأربعين عاماً لم يضع فيها الراحل عصا الترحال أو يغادر مسرح الأحداث.
شكّل الفقيد حياته بعصاميّة فذّة، فقد درس الصحافة بجامعة الخرطوم، وعمل ضابطاً إلى منتصف السبعينيات، ليصبح رئيساً للقسم السياسي بصحيفة الأيام، ثمّ رئيساً لتحريرها في نهاية السبعينيات، وقد استطاع أن يحدث نقلات نوعيّة في المهنة، وفي صناعة الصحافة، فهو الذي أدخل الأسلوب الأدبي في التحليل السياسي، وهو الذي أدخل التقنية الحديثة في صناعة الصحافة، وأدخل القسم التجاري في الصحافة السودانيّة، واستمر رئيساً لتحرير الأيام إلى أن شكَّل الرئيس الأسبق نميري محاكم العدالة الناجزة لتنفيذ أحكام الشريعة، فأعلن الفقيد نقده ورفضه لأسلوب تلك المحاكم، مضحياً بالمنصب وبعلاقته المميّزة بالرئيس، واعتقل بعد الانتفاضة على أساس مشاركته في حكومة مايو، وبعد الإفراج عنه غادر إلى القاهرة ثم إلى جدة ثم إلى لندن.
وأسهم الفقيد بقلمه في عدة صحف ومجلات منها الأهرام وروز اليوسف وأصبح نائباً لرئيس تحرير صحيفة المدينة، ثمّ انتقل لصحيفة الشرق الأوسط، وظلّ يكتب بها لسنوات طويلة.. وعاد إلى السودان في عام 2007م ليختم حياته الطويلة العامرة في وطنه، بعد أن شارك في تأسيس صحيفة آخر لحظة التي كان رئيساً لمجلس إدارتها، وظلّ يكتب بها عموده في الصفحة الأخيرة إلى يوم وفاته حين غادر قبيل أذان العصر للمستشفى بنفسه ليغادر الحياة بعد ساعتين فقط.
لقد كان الفقيد وجهاً مشرقاً ومشرفاً لكل سوداني عبر تحليلاته الثاقبة التي ظهر بها على الفضائيات العربية في السنوات الأخيرة، ولا سيما فضائيّة الجزيرة التي كانت تستضيفه باستمرار في البرامج الحواريّة وفي التحليل والتعليق أثناء الفترات الإخباريّة، فكان فارساً في هذا المضمار يعزز تحليلاته وآراءه بضخ كثيف من الشواهد والمواقف والحقائق، حتى أدهش المتابعين، بغزارة حصيلته في الشأن السياسي، وبراعة أداته في التحليل.. وكان يتسامى تماماً عن لغة المهاترات واللغة الجارحة في تناوله للقضايا والأحداث.
أسهم الفقيد بنصيب وافر في إثراء مهنة الإعلام، وبفقده تفقد البلاد، ويفقد الوسط الصحفي والإعلامي، على امتداد الكرة الأرضيّة، قلماً ذهبياً، وذهناً صحفياً، ولغةً علميّة، وكنزاً معرفياً، عزَّ مثيله في عصرنا الحالي.
رابطة الإعلاميين السودانيين بالمملكة العربيّة السعوديّة، إذ تحتسبه عند الله تعالى، فهي ترجو من الجميع التضرع إلى الله تعالى، أن يتقبله في عليين ويرزقه الفردوس الأعلى، وأن يجعل البركة في عقبه إلى يوم الدين.