جدة - عماد الدين الزهراني
مع بداية كل عام دراسي جديد أو حتى عام جديد يبدأ الباحثون من الأسر السعودية إلى تلبية الحاجيات الشرائية الموسمية، تحقيقا للرغبات التي تسيطر على عقولهم وأذهانهم، التي في غالب الأحيان تثقل جيوب رب الأسرة ليتحمل الكثير من الأعباء والالتزامات الثابتة والمتغيرة، خصوصا بعد الخروج من المواسم الثلاثة السابقة، شهر رمضان الكريم, عيد الفطر المبارك، بداية العام الدراسي ودخول إجازة عيد الأضحى المبارك التي تزامنت في أوقات متقاربة. فتنشط لديه فكرة الحل السريع مع اقل الخسائر والأضرار، ليبصر بعدها نور الجمعيات المالية التعاونية، التي تقوم على مبدأ التعاون والثقة وأساسها وجود عدد من الأشخاص يتفقون فيما بينهم، على أن يدفع كل منهم مبلغا معينا بشكل ثابت شهريا لفترة زمنية محددة، وتسلُّمها وفق ترتيب دقيق على أن يحوز على ثقة الجميع، للخروج من زاوية أزمة المتطلبات والحاجيات. وبهذه السهولة يرى الكثير من أرباب الأسر طريق الخروج من الأزمات المالية الأسرية، لتحكي لنا بعض الجمعيات عن أرقام وفواصل قبل الاصفار وصلت في بعض الجمعيات المالية إلى أرقام قاربت العشرين ألف ريال كحد أدنى والمائة ألف ريال كحد أعلى، على أن تستمر على مدار العام أو العامين.
التقت (الجزيرة) عددا من أرباب الأسر والأعضاء المساهمين في الجمعيات المالية التعاونية وأشاروا الى أهميتها ودورها البارز في الاستغناء عن القروض البنكية التي عادة ما تكون ذات عوائد عالية. وأوضحوا أن غالبية المشتركين في الجمعيات يعملون تحت سقف واحد، وهو الأمر الذي يطمئن العديد من المشتركين لأنها تقوم على الثقة الكاملة التي تجمع بين أعضائها، الذين لا يقومون في أغلب الأحيان بتوثيق هذا الأمر، وان من يديرها أشخاص موثقون من الجميع.
يقول عبد الرحمن القحطاني (رب أسرة) ل(الجزيرة) ان الجمعيات هي السبيل الوحيدة للاستغناء عن القروض البنكية التي عادة ما تكون ذات عوائد عالية، وبطبيعة الحال فإن الجمعية على الرغم من الأعباء المالية الثابتة التي تفرضها على عاتق المشاركين فيها، تعتبر من أكثر الوسائل كرامة وسهولة بعيدة عن البنوك في توفير حاجات المشاركين من غير فوائد.
ويرجح القحطاني سبب استمرارية الجمعيات طيلة السنوات الفائتة هي وتيرة استمرار ارتفاع الأسعار وزيادة في ضروريات حاجات الأفراد للمواد الاستهلاكية أو غيرها. ويوضح خالد العماري ( رب أسر) ان الجمعيات أصبحت ضرورة لا مفر منها في ظل زيادة أعباء الحياة وارتفاع الأسعار بشكل كبير، لكن يشترط قبل أن يقوم أي شخص بالمساهمة في إحدى هذه الجمعيات أن يكون على علم تام بالأشخاص المشاركين فيها، كما يجب أن يكون واثقاً تمام الثقة من الشخص الذي يديرها، وذلك حتى لا يُدخل نفسه في مشكلات هو في غنى عنها. ويذكر سلطان العامري احد المتزوجين حديثا أن للجمعيات الفضل في مساعدته على إتمام زواجه الذي تحمل تكلفته من الألف للياء، ويذكر العامري انه ساهم في إحدى الجمعيات التي كان يدفع لها 2000 ريال شهرياً على أن يحصل على المبلغ نهاية الجمعية التي استمرت خلال عام كامل لإتمام مهر الزواج.
يقول محمد القروش الباحث الاجتماعي لـ(الجزيرة) إننا نعاني من فوضى كبيرة في التفكير تدفع البعض لأن يصف الجمعيات بالظاهرة الاقتصادية السلبية على الرغم من أنها تعد وسيلة ناجحة جداً للتفاعل المجتمعي. ويصف القروش أن الجمعيات ظاهرة صحية جداً في ظل الفكرة السائدة عن الأسر السعودية من أنها لا تجيد فن التنظيم وتفضل الاستهلاك العشوائي، أما الجمعيات فإنها تضطره للقيام بتنظيم موارده وفقاً لاحتياجاته, كما إنها تعتبر وسيلة ممتازة لتحقيق التكافل الاجتماعي.