قال لي وهو يضرب كفاً بكف إن تجار العقار في بلادنا رفعوا الأسعار وقت الانتعاش ولم ولن يخفضوها وقت الانكماش، وهذا تصرف لا أخلاقي وإن كان نظامي فها هي الإيجارات لم تنخفض رغم أنهم رفعوها بنسب كبيرة وصلت في بعض الحالات لـ100% سواء على الأفراد أو المنشآت التجارية. ولقد كان عذرهم آنذاك هو ارتفاع المواد والعمالة والأراضي، فما هو عذرهم اليوم وقد انخفض سعر الحديد حوالي 70% من سعر الذروة كما انخفضت أسعار بقية المواد!
وفي الحقيقة أن هذا كلام فيه الكثير من المصداقية رغم أن المساكن والأراضي انخفضت أسعارها كما نسمع ونشاهد من 20- 30% خصوصاً تلك التي بُولغ في أسعارها وقت الانتعاش، حيث عرض البعض فللاً مساحتها حوالي أربعمائة متر مربع بقيمة مليون ونصف المليون ريال، وهو سعر خيالي لمنزل لن يكون بالإمكان شراؤه حتى وإن كان المشتري يصل دخله لعشرين ألف ريال شهرياً (القسط الشهري يصل إلى 12 ألف ريال شهرياً حسب بدائل التمويل الحالية). ولا شك أن هذه الأسعار المتضخمة أحد العوامل الرئيسة التي تؤثر سلباً في النشاط العقاري في البلاد على اعتبار أن انخفاض القوة الشرائية للمستهلكين نتيجة ارتفاع الأسعار وخروجها عن دائرة القدرة الشرائية بناء على دخلها الشهري المتاح تؤدي بالمحصلة إلى هبوط في مؤشر الطلب والمشتريات مقابل ارتفاع في المعروض.
إذاً, التضخم وإن كان يرفع من قيمة العقارات وإيراداتها على المدى القصير إلا أنه يؤدي إلى تراجع في الطلب والذي يؤدي لانكماش في النشاط الاقتصادي بدوره على المدين المتوسط والبعيد، حيث يخرج الكثير من الأفراد من دائرة القدرة، كما تعاني الكثير من الأنشطة التجارية من ارتفاع تكاليف بند الإيجارات بالشكل الذي يحد من قدراتها التنافسية نتيجة ارتفاع تكاليف سلعها وخدماتها وهو ما يؤدي أيضاً إلى انخفاض الطلب عليها بالمحصلة، إضافة لانكماش في الأنشطة ذات الصلة بالنشاط العقاري خصوصاً نشاط التمويل العقاري الذي بدأت مؤسساته تنمو خجلى في بلادنا.
لذا أعتقد أن الأزمة المالية الحالية ستكون ذات أثر إيجابي على القطاع العقاري حيث يستفيد المستثمرون والمشترون نتيجة انخفاض أسعار العقارات إلى مستويات القدرة لشرائح أوسع مما يؤدي إلى ارتفاع حجم النشاط العقاري، وهو ما يعوض النقص في أرباح الشركات العقارية نتيجة انخفاض أسعار منتجاتها من أراضٍ ومنتجات عقارية، كما سيؤدي أيضاً لنمو نشاط التمويل الإسكاني حيث تصبح الأقساط الشهرية ضمن نطاق الاستطاعة مما سيرفع معدلات الإنتاج العقاري والتملك خصوصاً في القطاع الإسكاني الذي يشهد فجوة بين المطلوب والمعروض.
نعم نمر بمرحلة ترقب أدت إلى ركود في النشاط العقاري نتيجة ارتفاع مستوى القلق بشأن النمو ودرجات الانكماش، لكن كلي ثقة بأنها ستزول قريباً وتستقر الأسعار عند مستويات معقولة لصالح السوق العقارية وعناصرها كافة خصوصاً المستثمرين والمشترين.
* * *
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7842ثم أرسلها إلى الكود 82244
alakil@hotmail.com