الذين كانوا يدعمون السيناتور (ماكين) كانوا ينطلقون في المقام الأول وهم يدعمونه إلى الخبرة السياسية العسكرية المتراكمة لديه، وما شكّل من خبرات كبيرة لأن مشواره السياسي عبر عدة عقود.
ولعل أهم ما يميز النظرة الغربية إلى الإنسان المجرّب وتلك القيمة التي يخرج بها عند تقاعده من الوظيفة، بعد انتهاء عمله لدى الآخرين. وهذا يعني أن لحظة استواء التجربة ونضجها إنما تكون بعد سن الستين، ما يعني بداية الاستفادة الحقيقة من صاحبها في ميدان العمل والعطاء.
في بلادنا ترتبط كلمة التقاعد بانتهاء دور صاحبها في الحياة! وكم من رجال كثر أصيبوا بالإحباط، بل بالمرض وربما بالسكتة عندما فتحوا عيونهم على أنفسهم ليجدوها خارج العمل الذي يدرّ معاشاتهم الذي يحدثهم دائما بأنهم لا يزالون قادرين على العطاء. حتى المجتمع ينظر إلى المتقاعد في سن الستين على أنه خارج نطاق (التغطية) الوظيفية، منذ اللحظة تلك أصبح عالة على مدخراته -إن وجدت- وعالة على أبنائه وأحفاده ومن حوله.
مثل هذا الشعور مرير، وهو للأسف موجود بكثرة وبشكل واضح في مجتمعاتنا، وتلعب الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية دوراً سلبياً في موضوع التقاعد حين توحي قراراتها بأن المتقاعد وقد وصل الحد العمري الذي لا يستطيع بعده العطاء.
المتقاعدون في العالم الغربي هم الذين يقودون دفَّة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويبدأ اعطائهم في قمة مستواه بعد تحررهم من الوظيفة، لكنهم في الوقت نفسه لا يتخذون من الأماكن الجديدة التي يملأونها مقراً أبدياً لهم، حتى وإن كانت هذه الأماكن رسمية، وهو ما يحدث عندنا للأسف، إذ يظن البعض أن هذه الوظيفة أو تلك هي تركة من حقه أن يورثها متى يشاء لمن يشاء!.
أحد الذين يحتلون منصباً إدارياً عالياً اشتكى لي من الملل والكلل في وظيفته التي شغلها منذ ثلاثة عقود. وحين سألته! لماذا لا تتركها لغيرها؟ فأجاب: وهل هناك من ضمان على أن أحصل على غيرها؟! وأضاف: إنني أفكر في التقاعد لكنني أخاف من أن أصبح منسياً بعد التقاعد! هذا هو شعور الكبار في الوظائف الكبيرة، ولنا أن نتصور إذاً مشاعر الناس العاديين في الوظائف العادية.
... وتاليتها؟!!