اليوم هو أول أيام التشريق، وهو ما يسمَّى ب(يوم القر) لأن الحجاج يستقرون فيه بمنى لرمي الجمرات، وغداً ثاني أيام التشريق يغادر المتعجلون من الحجاج منى قبل الغروب ليطوفوا طواف الوداع بالبيت العتيق، ويعودوا لأوطانهم مغفوراً لهم بإذن الله، ومن الحجاج من يفضِّل البقاء في منى إلى ثالث أيام التشريق، وذلك عملاً بقول الله تعالى:{ وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى}.
وهذه الأيام المباركة فرصة عظيمة لكسب الثواب والتقرب إلى الله عز وجل. ومن هؤلاء الذين يلتمسون الأجر أولئك الذي ظلوا في خدمة الحجيج منذ بدء الموسم في مختلف القطاعات الحكومية والأهلية والخيرية. كلٌّ حسب استطاعته ومعرفته. ولقد يسّر الله تعالى المناسك للحجاج، وسخَّر لهم من يخدمهم من المخلصين في هذا الوطن المعطاء. ولم تدّخر حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز جهداً أو مالاً لخدمة الحجاج جميعاً، فوفرت لهم كافة إمكانياتها المالية والبشرية والتقنية والعلمية لتسهيل حجهم وضمان أمنهم وراحتهم وسلامتهم.
ولقد تجسَّد اهتمام ومتابعة ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز في مخاطبتهم للحجاج من نفس المكان الذي يتواجد فيه ضيوف الرحمن، فمن بينهم، من مشعر منى المبارك، هنأ المليك وولي عهده الحجاج مستشعرين معنى وأهمية شعيرة الحج التي يجتمع فيها شرف الزمان والمكان، شعور ضيوف الرحمن بمختلف ألوانهم وأجناسهم وألسنتهم بروح أمة الإسلام العظيمة التي جسدها نسيج قدسي مهيب.
بهذا الإيمان المطلق الذي تفهمه القيادة السعودية ويعيشه الشعب السعودي تعامل الجميع مع ضيوف الرحمن ورعايتهم وخدمتهم وبهمّة وشرف، معدين ما قاموا به تشريفا وتكليفا..
تشريفاً؛ لأن الله اختار هذه البلاد المقدَّسة لتحتضن كعبته المشرفة وبيته العتيق وأن تكون قبلة للمسلمين. وتكليفاً؛ لأن خدمة ورعاية الحجيج تكليف شرعي يكافئ الله ويجازي عباده بمقدار إخلاصهم وعبادتهم الخالصة لله الواحد الأحد.
ما عبَّر عنه خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده هو ما يشعر به كل سعودي، وقد لمسه ضيوف الرحمن، فلا عجب أن يعبر عدد كبير من الحجاج عن سعادتهم بهذه الخدمات الجليلة، داعين الله عز وجل أن يديم على المملكة عزها، وأن ينعم عليها وعلى قادتها وشعبها بالخير الوافر، لما قدمته المملكة من خدمات عظيمة، ليس للحجاج فقط، وإنما للمسلمين قاطبة في مشارق الأرض ومغاربها.
وليس من المستغرب أن تقوم المملكة بكل هذه الخدمات التي تتطور عاماً بعد عام بالاستناد إلى الأبحاث والدراسات العلمية في شتّى المجالات التي تخدم الحج والمشاعر المقدسة. فالمملكة حمَّلها الله تعالى مسؤولية عظيمة لخدمة الحرمين الشريفين، وهو شرف عظيم لهذه البلاد المباركة، كما أنه ليس من المستغرب أن يلهج الجميع بالدعاء لهذه المملكة العزيزة قادة وشعباً.
