حوار - عبدالرحمن السريع
نفى صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله المشاري آل سعود مدير المركز الوطني للقياس والتقويم بوزارة التعليم العالي، أن تكون أهداف المركز مادية، وقال سموه في حوار مع (الجزيرة) إن اختبارات المركز مكنت الجامعات من القبول الإلكتروني، مشيراً إلى إنجازات المركز في مجال الاختبارات المهنية، ومنها مجالات السياحة والهندسة والمعلمين، وأوضح أن المركز سيدخل قريباً اختبار اللغة العربية لغير أهلها أو الناطقين بغيرها، بعد نجاح تجربة اختبار اللغة الإنجليزية الشبيه بالتوفل. وأضاف أن المركز أنجز اختبار 124 ألف طالبة خلال خمسة أيام فقط، كما أصدر 100 ألف بطاقة ذكية خلال 17 يوماً، وتم تدريب نحو 2500 متعاونة ومشرفة؛ فإلى الحوار:
* ما زال المجتمع غير راضٍ عن الاختبارات التي يقدمها المركز؛ فما السبب في رأيكم؟
- يجب أن ننظر إلى الراضين وغير الراضين؛ فطبيعة البشر أنهم لا يكونون على رأي واحد، والملاحظ أن الأصوات المعارضة هي التي تظهر. وعدم الرضا قد ينتج في كثير من الأحوال عن عدم المعرفة الكاملة بالشيء، كما أن التجربة الشخصية السلبية قد تكون سبباً في عدم الرضا، وقد أثبتت دراساتنا أن الراضين أكثر من غير الراضين.
* ما فائدة الاختبارات لكل من الطالب والجامعة؟
- الطالب يستفيد من اختبارات المركز في إثبات مستواه الحقيقي في مجال الاختبارات، ويضمن معاملته بالمثل وبمعايير موحدة مع زملائه، ويضمن له العدالة والإنصاف والشفافية نتيجة تطبيق معايير موحدة على الجميع، وهي بطبيعة الحال اختبارات ذات شفافية في محتواها ونتائجها، ولا تخضع للمزاجية أو المحاباة. أما الجامعات فهي مستفيدة من الاختبارات من حيث جاهزية هذه المعايير المهمة في التنافس؛ فلم تعد الجامعات تحتاج إلى أن تعد وتطبق اختبارات خاصة بها، خصوصاً في ظل فتح المنافسة للجميع بغض النظر عن أماكنهم واختلاف استعداداتهم. كما مكنت الاختبارات الجامعات من العدل والإنصاف بين المتقدمين، وضمنت للجامعة اختيار أفضل المتقدمين ممن يتنافسون على مقاعدها. كما سهلت وجعلت من القبول الإلكتروني واقعاً ملموساً؛ الأمر الذي أراح الطلاب من عناء مراجعة الجامعات والسفر لدخول اختباراتها.
* ما طبيعة ارتباطكم بوزارة التعليم العالي والجامعات وكذلك وزارة التربية والتعليم؟
- المركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي، مركز مستقل إدارياً ومالياً، كما نص عليه القرار السامي. وهذا يجعل المركز يتمتع بصفة اعتبارية كاملة، ويتخذ قراراته بكل استقلالية من خلال مجلس إدارته. وجملة (التعليم العالي) في المسمى توحي بتخصصه الذي بدأ من أجله وهو خدمة التعليم العالي، والمركز بذلك يعتبر هيئة حكومية ذات كيان إداري ومالي مستقلين.
* يتهم البعض المركز بأن أهدافه مادية بحتة؛ فما سر هذا الاتهام؟
- لا أعلم سر هذا الاتهام إلا إن كانوا يعترضون على المقابل المالي لأداء الاختبار، وهذا في الحقيقة مما أجازه القرار السامي بأن يتقاضى المركز مقابلاً مالياً نظير عقد الاختبارات تتناسب مع تكاليف عقدها وتطويرها. والمركز لم يبالغ في هذا المقابل المالي، بل هو أقل من التكلفة الحقيقية؛ إذ إن هذا المقابل المالي هو المورد الأساسي للمركز. من ناحية أخرى يجب أن ينظر المجتمع إلى الفوائد والخدمات التي يقدمها المركز مقابل 100 ريال التي يدفعها، ومن أهمها: وصول المركز للطلاب وتخفيف عناء السفر لأداء الاختبارات التي كانت تقدمها الجامعات، وكذلك إراحة الطلاب من دخول اختبارات متعددة لكل جامعة، كما أن خدمات التوعية والتثقيف والتسجيل والتحقق من المعلومات كلها تقدم من قبل المركز مجاناً.
* مررتم هذا العام بتجربة اختبارات الطالبات؛ فما تقييمكم لهذه التجربة؟
- مر المركز هذا العام بتجربة جديدة في عدد من أبعادها، أولها التعامل مع أعداد كبيرة من الطالبات لأول مرة، وثانيها حداثة التجربة لدى المشرفات والمراقبات؛ مما يتطلب التدريب والاستعداد. ثالثها ضيق الوقت المتاح لعمل كل الترتيبات المطلوبة لضبط الاختبارات. رابعها وأكبرها عدم وجود إثبات شخصية خاصة لنسبة 85% من الطالبات. وبحمد الله تجاوز المركز هذا التحدي وتم اختبار 124 ألف طالبة خلال خمسة أيام في 32 مركزاً في جميع أنحاء المملكة، وقد تم تجهيز نظام البطاقة الذكية المحتوية على بيانات الطالبة وبصمة اليد وذلك بنظام الأجهزة المحمولة، وتم إصدار نحو 100 ألف بطاقة ذكية خلال 17 يوم عمل سبقت الاختبارات وذلك في 32 مركزاً، وتم تدريب نحو 2500 متعاونة ومشرفة، والتجربة كانت - بحمد الله وتوفيقه - ناجحة من جميع جوانبها.
* هل هناك أمل في إعطاء الطالبات فرصاً مساوية لما يحظى به الطلاب (البنون) في اختبار المركز؟
- اختبار الطالبات يحوي جزأين؛ جزء منهما للقدرات وجزء للتحصيل العلمي. ويمثل جزء القدرات 40% من الاختبار. والطلاب (البنون) لديهم فرصة في إعادة اختبار القدرات فقط وليس التحصيلي. وقد عرض المركز بدائل للتدريب على اختبار القدرات قبل دخوله؛ مما يزيل الخوف وعدم المعرفة بالاختبار. وهذا بالنسبة للطالبات الجادات كافٍ للتغلب على الميزة الموجودة لدى الطلاب. وحيث إن اختبارات الطالبات تحتاج إلى تجهيز كبير ومنها إصدار البطاقات الذكية، ولصعوبة عقد اختبارات للطالبات خلال العام الدراسي في الفترة المسائية؛ فقد قرر المركز أنه من المناسب الإبقاء على الأسلوب المعتمد في المرة الماضية واستحداث أساليب جديدة وإضافية للتدريب على الاختبارات بإشراف من المركز.
* ألا تعتقدون أنكم شجعتم معاهد التدريب والدروس الخصوصية ممن يدعون أنهم يقدمون التدريب بمبالغ لا يطيقها الطلاب؟
- ليس المركز من شجع ذلك، إنما شجعهم تعوّد الطلاب على الدروس الخصوصية، وعلى مَن يأخذ بأيديهم ويلقنهم نماذج معينة قبل الاختبارات. وعند النظر في أعداد من يتجهون إلى هذه المعاهد نجدهم قله قليلة مقارنة بمن تعودوا على الدروس الخصوصية. وطبيعة الاختبارات التي يقدمها المركز، بخاصة اختبار القدرات، لا ينفع معها ذلك التدريب القبلي البسيط، بل إن القدرات تُبنى لدى الطالب بشكل تراكمي خلال سنوات دراسته. والمركز من أجل ذلك أصدر دليلاً تدريبياً للتغلب على رهبة الاختبار وللتعرف على أنواع الأسئلة وطريقتها وكيف تستفيد من الوقت بشكل فاعل، وماذا يفعل عند التباس الأمر عليه في سؤال معين. كما طرح المركز عدداً من الاختبارات التجريبية التي يجب أن يؤديها الطالب وحده، وذلك للتدرب والتهيئة للاختبار الفعلي، وهي كافية بل أكثر فعالية من الدورات التدريبية.
* هناك من يعتقد أن اختبارات المركز قد حرمت الكثير من الطلاب والطالبات من القبول في تخصصات معينة؛ فما تعليقكم؟
- منذ أن بدأ التعليم الجامعي في المملكة والمنافسة على بعض التخصصات قائمة. هذا مثل ما هو موجود في كل أنحاء العالم، ومطلوب من كل من يرغب في تخصص معين أن يحقق شروطه أولاً ثم ينافس مع جميع من حقق الشروط على المقاعد المتاحة؛ فلا أعتقد أن شيئاً قد تغير. ما تغير هو فقط معايير المنافسة؛ إذ لم تعد نسبة الثانوية هي المعيار الوحيد للمفاضلة بل أصبحت هناك معايير جديدة صادقة وعادلة تزيد من المصداقية والعدالة في المنافسة. السؤال: إذا كنا نؤمن بعدالة ومصداقية هذه المعايير فلماذا نعترض عليها؟ إذن يجب تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وأن نؤيد كل ما يرفع مستوى العدالة والمصداقية، وأن ننظر كيف قُبل مَن قُبل في هذه التخصصات. الدراسات تثبت أن القبول، بناءً على معايير مشتركة ذات مصداقية، يكون أنفع وأصدق بكثير من الاكتفاء بمعيار واحد وهو درجة الثانوية التي بدأت تقل دلالتها بسبب اختلاف التقييم بين مدرسة وأخرى. باختصار يجب أن ينظر الطالب إلى مَن قُبل في تخصص معين كيف قبل ويسعى أن يكون مثلهم ويحقق ما حققوه بجده واجتهاده.
* إذن ما الدراسات والبحوث التي تقومون بها للتأكد من مصداقية وعدالة الاختبارات التي تُبنى عليها المنافسة؟
- يقوم المركز بشكل دوري ومنتظم بمجموعة من الدراسات لهذه الأغراض؛ فهو يقوم بدراسة وتحليل لكل اختبار لدراسة مدى ثباته وصحة بنوده وتوافقها مع سياق الاختبار وارتباطها بأهدافه. ويقوم بدراسات إحصائية لضبط تناغم النماذج المختلفة من الاختبارات وتعادلها، كما يقوم كل عام بدراسات الصدق من خلال دراسة الارتباط بين درجات الطلاب في الاختبارات وكذلك درجاتهم في الثانوية العامة من جهة، مع المعدل التراكمي لمن يقبل منهم في الجامعات؛ وذلك لمعرفة وتحديد قدرة هذه الاختبارات على استشراف أداء الطالب بالجامعة؛ الأمر الذي يمكن من خلاله التوصية بإعطاء النسب المناسبة لكل معيار وذلك للحصول على استشراف تراكمي لهذه المعايير. وهذا من شأنه زيادة مصداقية النسب المعطاة للاختبارات ودرجة الثانوية عند فرز طلبات القبول وإجراء عملية التنافس.
* هل تحقق الاختبارات (القدرات والتحصيلي) اختيار التخصص المناسب للطالب من حيث ميوله واستعداده؟
- اختيار التخصص ومناسبته يعتمدان على عاملين أساسيين هما القدرات والميول. وشق القدرات وهو الاستعداد العقلي والتحصيلي يقاس باختباري القدرات والتحصيلي، أما الميول فتحتاج إلى مقياس خاص به. ويعمل المركز حالياً على إصدار هذا المقياس الاسترشادي، وليس الإلزامي؛ ليعرف الطالب مدى مناسبته من ناحية الميل والبناء النفسي والاجتماعي للدراسة ومن ثم العمل في مجال معين. والجامعات تفترض أن من يقدم على تخصص معين فإنه يرغبه ويميل إليه ويبقى فحص الاستعداد العلمي من خلال درجات الاختبارين.
* قرأنا أن للمركز تعاملات مع جهات تعليمية ومهنية أخرى ويقدم لهم خدمات الاختبارات؛ فما هذه الجهات وما الاختبارات التي تقدمونها؟
- حيث إن المركز مؤسسة حكومية مستقلة متخصصة في القياس والتقويم؛ فقد طلبت منها جهات كثيرة التعاون ومساعدتها في إصدار وتطبيق مقاييس علمية ومهنية تطبق على خريجي الجامعات ممن يرغبون العمل بها. ولا يزال المركز في بداية مشواره في هذا الاتجاه ويقدر الحاجة الملحة إلى المقاييس العلمية التي تخدم العمل المتميز والتي تشجع التنافس على اكتساب المهارات المطلوبة لشغل هذه الأعمال؛ فالمركز وقع عقداً مع الهيئة السعودية للمهندسين لإجراء اختبارات خاصة بالمهندسين الذين يندرجون في مهنة الهندسة وذلك للتأكد من استحقاقهم لهذه الدرجات المهنية، والمركز أعد وانتهى من اختبارات خاصة بالمرشدين السياحيين لصالح هيئة السياحة والآثار. والمركز يعمل حالياً مع جهتين أخريين لإعداد مقاييس خاصة بهما سيتم الإعلان عنها عند الاتفاق عليها. كما لا ننسى أن المركز لديه مذكرة تفاهم مع مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع تؤهله لتقديم خدمات الاختبارات للمؤسسة وهو ما يجري العمل عليه حالياً لوضعه في موضع التنفيذ. كما أن المركز يتعاون مع وزارة التربية والتعليم في مجال القياس والتقويم وسيقوم هذا العام بإعداد وتطبيق اختبار المعلمين الجدد.
* وهل لديكم مشاريع أو اختبارات أخرى؟
- بحمد الله أعد المركز اختبار الكفايات للغة الإنجليزية وقد تم تطبيقه منذ سنتين وهو يوازي اختبار التوفل. وقد قطع المركز كذلك شوطاً كبيراً في اختبار الكفاية في اللغة العربية لغير أهلها وهو مشروع ضخم ويسير على خطى واثقة وعملية.
* هل يعني ذلك أن المركز قد وسع نطاق عمله وخرج عمَّا حُدد له؟
- المركز يحاول أن يسد النقص الحاصل في هذا المجال ويساعد الجامعات والمؤسسات التعليمية والمهنية بما يمكن أن يقدمه بحكم تخصصه. وقد احتوت المذكرة المرفوعة بإنشاء المركز على جملة من الاختبارات ومجالاتها المختلفة ومنها الاختبارات المهنية التي تكون مادتها ما يجب أن يحصل عليه خريج التعليم العالي من مهارات ومعارف؛ الأمر الذي ينعكس إيجابياً على مستوى التأهيل والتعليم لخريجي التعليم العالي.
* ما طبيعة الكوادر التي تعمل بالمركز؟ وما نسبة السعوديين منهم؟
- العاملون بالمركز هم من الكوادر السعودية المتخصصة ومن يتم تدريبهم على العمل داخل المركز. ومن ضمنهم عدد جيد من المتخصصين في القياس والتقويم من حملة الدكتوراه وممن لهم تجربة جيدة في هذا المجال، سواء من المتفرغين للعمل أو من المستشارين غير المتفرغين. كما يحوي المركز طاقماً متميزاً في العمليات وشؤون الطلاب والعمليات المساندة من مهندسي الحاسب والمعلومات والإدارة والمحاسبة. ويستعين المركز بالمتخصصين غير السعوديين في أضيق الحدود والحاجة الملحة والتي لا تتجاوز نسبتهم 3% فقط.
* كيف تتعاملون مع هذه الأعداد الكبيرة من الطلاب والاختبارات وأنتم مركز صغير؟
- المركز يتبنى منذ نشأته أساليب إدارية حديثة وتعاملات إلكترونية مع المستفيدين؛ مما يقلل الحاجة إلى أعداد كبيرة من الموظفين. لكن المركز كذلك يملك عدداً كبيراً من المتعاونين، سواء في كتابة الأسئلة والتحكيم والمراجعة أو الإشراف الميداني في أوقات الحاجة وهم يتلقون التدريب الكافي في المجال المطلوب منهم.
* هل يقوم المركز بصرف مكافآت للمتعاونين؟
- الجانب التطوعي وحب العمل والمشاركة جزء لا يتجزأ من مواصفات المتعاونين، ومع ذلك فإن المركز يمنح المتعاونين معه مكافآت مناسبة نظير استقطاعهم جزءاً من أوقاتهم ولضمان التزامهم بالعمل المناط بهم.