رغم أنه لم يُعرف بعد الصفقة التي عقدتها القوى الدولية مع الانقلابيين في موريتانيا التي تمَّ بموجبها إطلاق سراح الرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبد الله، وهل ستتواصل بنود الصفقة ليعود الرئيس إلى منصبه كما تصر أمريكا وفرنسا اللتان قادتا التحركات الدولية للإفراج عن الرئيس، أم يُكتفى بالإفراج عن الرئيس انتظاراً للانتخابات القادمة، أم يجري تقاسم للسلطة بين الجنرالات الذين خلعوا الرئيس، والرئيس ورهط الديمقراطيين من البرلمانيين والأحزاب الذين تحدوا المجلس العسكري، وظلوا على ولائهم للنظام الديمقراطي حتى تم الإفراج عن رمز النظام الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله.
الرئيس الذي رُفعت عنه الإقامة الجبرية وعاد إلى نواكشوط أعلن أنه سيُمارس مهامه كرئيس شرعي منتخب ديمقراطياً.. ما لم تكن هناك تفاهمات بين المجلس العسكري الحاكم والجهات الدولية التي نجحت في إطلاق سراح الرئيس أولاً، ثم رفع الإقامة الجبرية عنه.
نقول: يعني ذلك العودة إلى الصدام سياسياً وانقسام الساسة الموريتانيين، فالرئيس لا يملك وسائل ممارسة مهامه، لكنه يؤكد أنه عازم على مقاومة الانقلاب، وأنه لن يشارك في أية مشاورات دعا إليها المجلس العسكري الذي أطاح به، لأن ذلك سيكون إقراراً منه بشرعية الانقلاب العسكري حسب قوله.. أما جنرالات العسكر بقيادة العقيد محمد ولد عبدالعزيز فإنهم يصفون الرئيس سيدي ولد الشيخ بأنه رئيس سابق، وبما أن لكل من الفريقين أنصاره من أعضاء في البرلمان وأحزاب وجمعيات سياسية فإن الانقسام السياسي في البلاد واضح لا يمكن إغفاله، وهو ما سيوقع القوى الإقليمية في حرج كبير، خصوصاً الدول العربية والإفريقية، باعتبار أن الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية قد حزمت أمرها ووقفت إلى جانب الشرعية باعتبار أن الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله منتخب ديمقراطياً، وأن جنرالات العسكر غيَّروا النظام بانقلاب عسكري.. أما الدول العربية والإفريقية فقد كان رد فعلها ضعيفاً وغير مؤثر بل إن بعض الدول المجاورة لموريتانيا تعاملت مع ما حدث كأمر واقع وهو تعامل لا يمكن أن يكون مرضياً عليه إذا ما عاد الرئيس المخلوع.
وهنا مكمن الحرج، فهل يعود سيد ولد الشيخ بضغط غربي.. ويعود العرب والأفارقة للتعامل مع الأمر وكأنه أمر لا علاقة لهم به... أم يُحسِّنوا من أساليب فعلهم لترتيب البيت العربي والإفريقي الذي لا يزال بحاجة إلى عون الآخرين.
jaser@al-jazirah.com.sa