Al Jazirah NewsPaper Tuesday  23/12/2008 G Issue 13235
الثلاثاء 25 ذو الحجة 1429   العدد  13235
مصارفنا السعودية وتوازنات القوى العالمية 2-1
د. خالد محمد الخضر *

تقول القاعدة الاقتصادية إن قوة اقتصاد أي دولة في العالم مرهونة بقوة قطاعها المصرفي كما أنه لا جدال في أن قوة القطاع المصرفي هي قوة للاقتصاد الوطني ككل، ولا نأتي بجديد إذا قلنا إن الدور المصرفي الفاعل في كافة القطاعات الاقتصادية والمالية لأي بلد هو من أهم المقومات والدعائم التي تستند عليها اقتصادات الأمم والشعوب، ومما لا شك فيه فإن تفعيل الدور التنموي للقطاع المصرفي ووضع السياسات والآليات لتوفير الاحتياجات التمويلية وخصوصاً للقطاعات الإنتاجية هي من أهم الأسس التي تقوم عليها اقتصاديات الدول كما ذكرنا آنفاً، وأن القرار المؤيد من مجلس الوزراء الصادر في 29-02- 1428هـ الموافق 19-03-2007م، هو قرار يصب في تعزيز وتأييد هذا التوجه، وقبل الدخول في الرؤية في هذا التوجه وقراءة إيجابيات هذا القرار فإننا نضع أمام القارئ الإحصاءات الصادرة عام 2006م والتي تشير إلى أن القروض الممنوحة من المصارف السعودية وهي قروض شخصية (استهلاكية) وصلت إلى 84 مليار ريال أي حوالي 22% من قيمة الناتج المحلي تعد هذه القروض قروضاً استهلاكية وليست إنتاجية أو موجهة للقطاعات الداعمة للاقتصاد السعودي، ما أقصده أنها لم تكن قروضاً فاعلة وتدعم دفة وعجلة الاقتصاد الوطني وتحتل 80% من القروض الإجمالية التي منحتها المصارف السعودية وهي عكس التوجه العالمي لمعادلة القروض والتي يزيد فيها الإقراض للقطاعات الإنتاجية في الدول المتقدمة لأكثر من 90% وتنحصر تلك القروض الاستهلاكية في بحر الـ 10% أو تزيد قليلاً، حتى يتبين للقارئ أهمية دور القطاع المصرفي في كافة الدول فقد كشفت إحصائية رسمية أن إجمالي أموال المصارف السعودية الموجودة في الخارج بودائع واستثمارات بلغت 115 مليار ريال حوالي 30 مليار دولار، وأنا هنا يجب أن أؤكد على أهمية أخذ الحيطة والحذر وتشديد دور الرقابة على منح القروض حتى لا تقع البنوك في دائرة الإفلاس أو الخطر كما هو حاصل في كثير من دول العالم، ولا يزال دور المصارف السعودية دوراً هامشياً في قضية التمويل والإقراض نتيجة لعدم وضوح وشفافية الإقراض وكذلك عدم تأطير آلية القروض التأطير القانوني الذي يضمن أن تكون تلك الآلية آلية عادلة للطرفين وتضمن الحقوق والواجبات للمقرض والمقترض، وعند ذكر تجارب الدول المجاورة يذكر مركز الدراسات والبحوث الإستراتيجية في دولة الإمارات أن دور القطاع المصرفي في التنمية الاقتصادية لا يزال هامشياً ومتعثراً، ويرى التقرير أن إيرادات صادرات النفط القياسية والنمو الاقتصادي لدولة الإمارات لم تؤثر في فاعلية دور الإقراض ذلك أن القطاع الخاص لا يزال يعاني من مشكلات هيكلية خطيرة مثل ارتفاع كلفة عملياته المصرفية وضعف نظام إدارة المخاطر وتدني جودة الأصول حيث تحد هذه المعوقات من مقدرة القطاع المصرفي من أداء دوره في تعزيز النمو، ومن نافلة القول هنا أن نذكر ما تواجه المصارف قاطبة في الكرة الأرضية من خلال تداعيات الأزمة الاقتصادية الحالية، وحتى يكون مقالنا هذا مرتكزاً على مصارفنا السعودية فقد ذكر تقرير صادر عن شركة الخدمات المالية (هيرمس) أن قطاع البنوك السعودي ليس محصناً ضد الأزمة المالية العالمية، لكن تعرضه للأزمة محدود وذكر (أن التداعيات المباشرة من انهيار أسواق المال العالمية محدودة نسبياً وتتركز على بضعة بنوك قليلة، وليس بالحجم الذي يمكن أن تتطور المسألة معه إلى عدم قدرة القطاع أو أي من البنوك على الإيفاء بالديون) وأعود هنا إلى أن عملية الإقراض المنضبطة هي أحد أهم عوامل نجاح تفعيل العجلة التنموية ونجاحات المصارف لضمان حقوقها، ففي آخر كلمة لمحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي في 17-01-2007 حول الدور المصرفي في تمويل الإسكان ذكر أن تزايد مساهمة القطاع المصرفي في عملية تمويل الإسكان حال صدور نظام الرهن العقاري وتجدر الإشارة إلى أن حجم التمويل العقاري المقدم من المصارف التجارية بلغ نحو 13.4 مليار ريال حتى نهاية الربع الثاني من 2006 وقد أعطت المؤسسة موافقتها لعدد من المصارف لطرح منتجات التمويل العقاري، وقامت المصارف بمبادرة لإنشاء صناديق استثمارية عقارية...، واعتقد أن تفعيل هذا الدور الإقراض يعطي دوراً داعماً للاقتصاد الكلي في بلدنا ففي تجارب سبقتنا في دول أوربية وكذلك في سنغافورة بعض الدول الآسيوية والتي تم تطوير سياسة الإقراض المصرفية أؤكد هنا الإقراض المنضبط فيها وتوجيهها إلى القطاعات الإنتاجية الفاعلة في نمو الاقتصاد الكلي هو عمل محمود نتمنى أن ينتهج لدينا وأن تلعبه تلك المصارف وعلى سبيل المثال يجب أن تصب تلك الإقراض في دعم المنشآت الصغيرة وكذلك الصناعات الأساسية والتحويلية وكذلك الصناعات التحويلية الزراعية وما إلى ذلك، هناك بعض المعوقات التي تواجهها المصارف في عملية الإقراض للقطاع الخاص والقطاعات الإنتاجية وهي كثيرة نوجزها في الآتي: ضعف الضوابط الإلزامية على المقترض في حالة عدم سداده وتعثره عن السداد (قانون حازم لضمان سداد القروض)، ارتفاع درجة المخاطرة للمشروعات الصغيرة لافتقارها إلى الهيكلية الواضحة وعدم وجود دراسة جدوى اقتصادية مقنعة للطرف المقرض، عدم وجود تشريعات واضحة ومؤطرة لآلية الإقراض تضمن العدالة للمقرض والمقترض، ثقافة الإقراض ووضوح المعلومة للمقترض هي ليست بالدرجة الكافية المؤدية للتفاعل الإيجابي بين المقرض والمقترض، يمثل الإقراض طويل الأجل خطورة مرتفعة تجعل من البنوك أن تتخذ موقف المتردد والمحجم، انتفاء وجود جهة ضاغطة على المصارف للقيام بدورها التمويلي المناط بها بالشكل الفاعل، وفي حالة انتفاء وتقليص ومعالجة تلك المعوقات فإن البيئة الإقراضية للمصارف ستكون في أحسن حالاتها وهذا ما ننادي فيه... وللمقال بقية.

كاتب سعودي






Kmkfax2197005@hotmail.com*

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد