الرياض - «الجزيرة»:
صدرت الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2009 معلنة عن أكبر ميزانية بتاريخ المملكة، وقدرت النفقات عند 475 مليار ريال بينما قدرت الإيرادات عند 410 مليار ريال بعجز متوقع بحدود 65 مليار ريال سيتم تغطيتها من الاحتياطات في حال تحققها، وبالنظر إلى بنود الإنفاق العام يرى الكاتب الاقتصادي محمد العنقري أن ذلك يظهر بشكل واضح التركيز على الرقي بمستوى معيشة المواطن وتحقيق أعلى مستويات الرفاهية له.
وقال العنقري للجزيرة: إن حجم المشاريع المعتمدة الذي ارتفع بنسبة 36 بالمائة عن عام 2008 ليصل إلى رقم غير مسبوق عند 225 مليار ريال سيسهم بفتح فرص عمل كبيرة وواسعة للمواطنين والمواطنات وتحسين الوضع المعيشي العام لاستيعاب الطاقات الشابة وتطوير وتأهيل البنى التحتية، كما سيدعم القطاع الخاص خصوصا قطاع المقاولات سواء شركات أو مؤسسات كبيرة أو صغيرة مما يرفع من مستوى ربحيتها ويحسن من كفاءتها وهذا بدوره سيعزز الطلب المحلي على السلع والخدمات، وبالتالي يساهم بتحفيز الاقتصاد من الداخل مما يعوض التراجع المتوقع بنمو قطاع البترول وقطاع الصادرات المتمثل بالصناعات البتروكيماوية من خلال تسريع عجلة الاقتصاد من الداخل. مشيراً إلى أن الاقتصاديات الناشئة تعتمد على حجم الإنفاق الحكومي لرفع مستويات النمو والتغلب على أي ركود محتمل بسبب ما تعانيه الأوضاع الاقتصادية الدولية من حالة انكماش مريرة ويبتعد بذلك شبح الركود الاقتصادي وينتفي أي أثر سلبي للوضع الاقتصادي العالمي على اقتصاد المملكة ويحمي الاقتصاد السعودي من أي آثار محتملة مباشرة أو غير مباشرة.
وفي ما يخص اعتمادات التعليم والتدريب وما ركزت عليه الميزانية للعام القادم أوضح العنقري أن ذلك دليل الحرص على تأهيل الشباب السعودي ليكون قادراً على النهوض بمكتسبات تحققت والتي يجري العمل على إنشائها من خلال التوسع بالإنفاق على التعليم والتدريب بنسبة كبيرة من حجم الميزانية والذي وصل إلى 25 بالمائة بمعنى أن ربع الإنفاق يتجه لصالح الشباب وتأهيلهم بشكل متطور، وقال العنقري: إن حكومة خادم الحرمين الشريفين تعتبر المواطن الثروة الحقيقية وشباب الوطن هم أولى أولويات الملك المفدى لأن بناء الإنسان بنظره هو البناء الحقيقي للوطن وسلاح المستقبل للنهوض بالوطن والوصول به إلى مصاف الدول المتقدمة من خلال سلة واسعة من المشاريع بمجال التعليم العام والعالي والتدريب المهني وتوفير أفضل التقنيات والمباني والتجهيزات الملائمة ليتم تأهيل أجيال المستقبل على أحدث الطرق والوسائل العلمية المتقدمة، وأضاف: إن أخذ الإنفاق على التعليم جانب الاهتمام بالكوادر التعليمية من خلال اعتماد بناء مساكن لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات لتوفير سبل الراحة لهم وتوفير المناخ الملائم؛ لأنهم لبنة التعليم وركيزته ويلاحظ أن الإنفاق راعى كافة الجوانب المتعلقة بالمسيرة التعليمية سواء بالتجهيزات الأساسية والتقنية.
وتطرق محمد العنقري إلى قطاع النقل و ارتفاع الإنفاق فيه لتطوير الطرق الداخلية وربط معظم المناطق والمدن الرئيسية بطرق حديثة وتحسين واقع المنافذ سواء البرية أو الجوية أو البحرية من خلال المشاريع الجديدة وتطوير القائم منها، وقال: إن قطاع النقل عامل أساسي بتوفير الراحة للمواطن وكذلك خدمة الاقتصاد السعودي لأن المنافذ بوابتنا للعالم، وتتميز المملكة بكثرة المنافذ فيها واتساع رقعتها مما يتتطلب إمكانيات متقدمة في مجال خدمة النقل.
وهو ما ينطبق أيضا على التركيز على القطاعات الصحية حيث ركزت الميزانية على صحة المواطن والاهتمام بمختلف الجوانب الاجتماعية التي توفر سبل العيش اليسير للمواطنين من خلال بناء عشرات المستشفيات والمراكز الصحية وتطوير الموجود منها بخلاف دعم المراكز الاجتماعية لافتاً إلى ارتفاع الإنفاق للعام القادم بنسبة تفوق 15 بالمائة، مما أوصل المملكة إلى مركز متقدم عالمياً في مجال الرعاية الصحية والاجتماعية.
قطاع الزراعة والمياه:
بالرغم من عدم وجود ثروة مائية كبيرة وصعوبة القيام بمشاريع زراعية كبيرة إلا أن الإنفاق على هذه القطاعات يبقى كبيرا خصوصا المياه من خلال مشاريع التحلية المعتمدة على مياه البحر وشبكات التوزيع الكبيرة لتوفير المياه للمواطنين وللمشاريع الصناعية ويرتفع الإنفاق للعام القادم بنسبة كبيرة جدا قاربت 20 بالمائة وبزيادة قاربت 7 آلاف مليون ريال.
كما زاد التوسع بالإنفاق على الخدمات البلدية نتيجة اتساع المدن وحاجتها لتحسين الخدمات وتطويرها بنسبة فاقت 12 بالمائة تركزت بمجالات تنعكس مباشرة على خدمة المواطن وتوفير البيئة الصحية السليمة له من خلال مشاريع معالجة النفايات وغيرها من الخدمات المقدمة بحيث تصل للمواطنين في كل مكان بالمملكة، وقال محمد العنقري: إن ذلك سيساهم برفع كفاءة الشركات العاملة بهذا المجال من خلال رفع الاعتمادات المالية المقدرة للمشاريع المستقبلية، كما أن اعتماد الميزانية على تطوير المناطق الصناعية بالجبيل وينبع وتأهيلها لجذب الاستثمارات بثقة واضحة بمستقبل المملكة الاقتصادي وتوفير الأرضية المناسبة لها.
وأضاف بقوله: (يلاحظ دعم الصناديق الحكومية الصناعية والعقارية والزراعية بمبالغ واعتمادات ضخمة تساهم في تقديم الدعم للأفراد والوحدات الاقتصادية من أجل تدعيم قدرتها على توفير السيولة اللازمة للقيام بالمشاريع وعدم توقفها لأي سبب من الأسباب مما يعني حرص الحكومة على خطط التنمية المستدامة بدعم مستمر لمشاريع القطاع الخاص خصوصا في ظل الأزمة العالمية التي كبحت التوسع بالإقراض للمشاريع من قبل المصارف عامة.. كما روعي دعم بنك التسليف بمبلغ 10 مليارات أقر في أواخر العام الحالي لتقديم الإعانة لأصحاب المشاريع الصغير واحتياجات أصحاب الدخل المحدود).
وفي نهاية حديثة نوه العنقري بأن الميزانية المعتمدة للعام القادم 2009 تسمى بحق ميزانية المواطن بامتياز لتركيزها على توفير فرص العمل وعلى التعليم بشكل رئيسي وتوفير سبل الحياة الكريمة والعيش الرغيد واستغلال إيرادات وفوائض الدولة لتصل له بشكل مباشر عبر مئات البرامج الإنفاقية التي تم اعتمادها كما أنها ستسهم بنقل المملكة إلى مرحلة اقتصادية واجتماعية متقدمة من خلال استغلال انخفاض التكاليف من جهة والاستفادة من الفوائض المحققة بفضل حكمة خادم الحرمين الشريفين ببناء قوة مالية جبارة. من جهة أخرى كل ميزانية وأنتم بخير.