الرياض - «الجزيرة»:
تأتي ميزانية الخير في وقت حساس يمر فيه العالم بأزمة طاحنة لتكشف عن مقدرة السعودية على مواجهة الأزمة بقوة متسلحة بالإدارة التي تتعامل بحكمة مع أموال الدولة وفق المصلحة العامة وما تتطلبه منها الظروف المحيطة.
الفائض الضخم في ميزانية العام 2008 نتج عن ارتفاع أسعار النفط التي سجلت متوسط 102 دولار خلال عام 2008 إضافة إلى زيادة الإنتاج التي فرضتها الظروف المحيطة، والتزام السعودية بدورها الريادي في سوق النفط العالمية وكونها صمام الأمان الذي يعتمد عليه في ضبط حركة الأسعار والتدفقات النفطية.
المحلل الاقتصادي فضل البوعينين قال للجزيرة: هذا الفائض القياسي جاء في وقت مهم، وحساس بسبب الأزمة العالمية الطاحنة ليؤكد قوة ومتانة الاقتصاد السعودي وسلامة الوضع المالي الذي أضيف له فوائض مالية ضخمة ستكون بمثابة الاحتياطيات في مواجهة الظروف المستقبلية. وإذا ما أضفنا إلى ذلك انخفاض الدين العام إلى 237 مليار ريال أي بما نسبته 13.5 في المائة عندها يمكن رسم صورة متينة ومتكاملة للوضع المالي والاقتصادي السعودي.
من المعزز للاطمئنان أن تبنى أرقام ميزانية العام 2009 على سعر متحفظ للنفط ومعدل إنتاج متوافق مع الاحتياجات الدولية، والتزامات المملكة أمام منظمة أوبك. وحول ذلك يقول البوعينين: الأرقام المتحفظة هي ما نبحث عنه في مثل هذه الظروف فهي لم تهمل المشروعات التنموية، ولا الإنفاق العام إلا أنها لم تفرط في التفاؤل اعتمادا على إيرادات العام 2008 بل اعتمدت على التحوط الحذر ومراعاة الأزمة العالمية والظروف المستجدة ما يجعلنا نسير وفق خطط مطمئنة برغم الظروف المتشائمة.
وأضاف (العجز المحدود المقدر بـ65 مليار ريال لا يعني شيئا مقارنة بالاحتياطيات من جهة وبالتوقعات المستقبلية من جهة أخرى.. فالتوقعات تشير إلى إمكانية تسجيل متوسط سعر النفط 50 دولارا لعام 2009 ما يعني اختفاء العجز المتوقع وتحوله إلى فائض بإذن الله)
ويرى البوعينين أن التوقعات المتحفظة لا تعني الإقرار بالعجز، ولكنها تعني حسن التعامل مع متغيرات الظروف وفق خطط تحوط تسمح بمتابعة خطط التنمية وزيادة النفقات بصورة منطقية ووفق دراسات شاملة مرتبطة بالواقع الحالي لا بالمستقبل المنظور. لافتا إلى أنه يجب ألا ينظر إلى هذا العجز المتوقع البسيط بصورة متشائمة بل يجب أن ننظر إليه من الجانب الإيجابي الذي يظهر حكمة القيادة في التعامل مع الظروف المحيطة بواقعية وحكمة وأمانة.