ركز نيتشه أحد فلاسفة التنوير في أوروبا على صناعة الرجل السوبر, وأشار إلى أن الحياة المعاصرة (في زمنه) غير قادرة على إنجاب رجال عظماء, مثل: نابليون وغيره من العظماء في شتى العلوم والفنون, وأكد على أن (الزواج عن طريق الحب) لا يليق بالرجال. يقول: (يجب ألا نسمح بزواج يقوم على الحب, فالحب لحثالة الرجال)!! ويشير في رؤية أخرى إلى أن الديمقراطية غير قادرة على النهوض بالأمم, لأنها تسمح لأنصاف الرجال بأن يتسلقوا دفة القيادة, ويرى أن بريطانيا أفسدتها الديمقراطية.
إن موقف نيتشه هذا, جدير بالتأمل والمناقشة والبحث, ليس مع ولا ضد, وإنما حينما نعد رأيه هذا (فرضية) بحثية, نخضها لمناهج البحث العلمي, هل الحب ينجب رجالاً ضعفاء؟ هل الديمقراطية ترفع رجالاً أقل قيمة على حساب الرجال العظماء؟ هل يمكن صناعة الرجل السوبر؟ هل الواقع يؤيد ما ذهب إليه نيتشه؟ أم يخالفه؟
ليس ما يمنع أن نحوّل المفاهيم الفلسفية إلى نتائج علمية يمكن قياسها, وهذا ربما يعد أكبر إنجاز علمي يمكن أن يقوم به البشر, بدلاً من الصدام الذي يتبناه البعض بين (الفلسفة والعلم).
وفي سياق آخر يقول الفيلسوف برجسون: (العقل ليس الأداء الصالحة لإدراك الحياة). إشارة إلى أهمية الحدس باعتبارها الشعلة التي تضيء العقل, إذا ما عددناه صفحة بيضاء.
أما شبنهور في كتابه (الإنسان كإرادة) فيرى أن إقناع الناس بالمنطق أمر غير مجد, بقدر إقناعهم عن طريق مصالحهم الشخصية ورغباتهم الملحة.
وثمة قضايا أكبر وأكثر تعقيداً لو ناقشها عالمنا العربي الآن, سيكون متأخراً 500 سنة عن بداية انطلاقتها, أما لو لم يناقشها فستستمر (أزمة العقل العربي) كما وصفها المفكر محمد عابد الجابري إلى أجل غير معلوم.
Ra99ja@yahoo.com