قمة مسقط الخليجية تنعقد في ظروف استثنائية ذات طابعين واتجاهين داخلي وخارجي كلاهما مهم ومؤثر، أما على المستوى الداخلي فهناك الآمال العريضة التي يصدح بها فواد أبناء وشعوب الخليج منذ سنين عديدة والتي تصبو إلى ترجمة هذه العلاقة الإقليمية إلى ما يمكن تسميته بالاندماج الكامل بين وحدات الخليج، والذي يأخذ بعين الاعتبار ضرورات التدرج والتنفيذ، سواء كان ذلك على مستوى العملة النقدية الموحدة والشأن الاقتصادي المرتبط بلا شك بما ضرب العالم من هزة مالية تؤثر وتتأثر باقتصاديات الخليج أو فيما يخص الأمن الاجتماعي المهدد بالعمالة الأجنبية المستوطنة داخل النسيج الاجتماعي أو على مستوى التنمية الاندماجية المشتركة وتوثيق أواصل ووشائج الروابط الثقافية والتاريخية التي تجمع شعوب وحدات مجلس التعاون الخليجي, وتشكل الأمل الأول في تحقيق ذاك الاندماج المرجو بين مدخلات ومخرجات العمل والمصلحة الخليجية العامة.
أما على المستوى الخارجي ونعني به ما يدور في الفضاء المحيط بالمنطقة الخليجية من أحداث وملمات ليست بمعزل عن الأمن والاستقرار الخليجي فإن أحداث غزة والهجمة الإجرامية المتوحشة التي تشنها إسرائيل على القطاع تأتي في مقدمة أجندة أعمال القمة التاسعة والعشرين لمجلس التعاون الخليجي انطلاقاً من المسئولية التاريخية الملقاة على دول التكتل الخليجي تجاه قضية العرب الأولى، ونظراً لما يملكه المجلس من منظومة علاقات متشعبة أعطت كياناته السياسية ثقلاً مهماً في التأثير بالقضايا الدولية من خلال ارتباطه برزمة علاقات تأثير متبادل مع العديد من وحدات صنع القرار الدولي وفي مقدمتها الاتحادات الإقليمية النافذة كالأوروبي وغيره, كما أن القضية الإيرانية والتي لازلت إرهاصاتها تشكل القلق والصداع الأكبر للمنطقة تتصدر قائمة الاهتمام والتأثير الخارجي، فامتلاك إيران للسلاح النووي وبالإضافة إلى ما قد يجره من سباق تسلح فإنه يشكل خللاً في موازين القوى سوف يحدث الكثير من الارتباك في منظومة الاستقرار الحالية، فكيف بالحديث عن إمكانية صراع مفتوح وعسكري مع القوى العظمى (في حال حدوث ضربة أمريكية أو إسرائيلية لإيران يكون الخليج ميدانها), ومع العراق يطول الحديث والشجن عن أمن الخليج بعد المخاوف المتكررة من تحقق النزعات الانفصالية فيما يسمى العراق الجديد الذي أذكيت به مشاعر الانسلاخ وتكوين دويلات ممسوخة تكون مسرحاً للتدخلات ومواطئ الأقدام للباحثين عن الاستيطان السياسي وتكوين قواعد إرسال القلاقل والتدخل الإقليمي.
الداخل والخارج عاملان أساسيان يشكلان وجه وملامح الركض الخليجي مع الزمان لا يمكن فصلهما عن الآخر وإن طغى أحدهما على أخيه، ولكل منهما منطلقاته وظروف تكوينه الخاصة، التي تنطلق حيناً من عين طموحات الوحدة والمستقبل وحنياً من زاوية الالتزام بالمحيط وتحمل مسئوليات الخارج والإقبال عليها.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244