أعلنت ميزانية الدولة، وهي تحمل بشائر الخير، بمواصلتها برامج التنمية لمختلف القطاعات، إضافة لمشروعات جديدة اعتمدت، وبزيادة عن ميزانة عام 1429هـ بـ(65 مليار ريال)، حيث بلغت مخصصات الميزانية 475 مليار ريال، وهي أكبر ميزانية للمملكة.
تضمنت الميزانية عجزاً مقداره 65 مليار ريال، بسبب التحسب من استمرار انخفاض سعر برميل النفط دون 40 دولاراً، حيث حسبت ميزانية الدولة لسنة 1430هـ، على أساس 40 دولاراً للبرميل، وبكمية تصدير حوالي 8 ملايين برميل يومياً، حسب اتفاق دول أوبك بالجزائر مؤخراً.
إن العجز في ميزانية 1430هـ، يمكن بسهولة تغطيته، وهذا متوقع، فاجتماع أوبك الذي عقد في الجزائر، خفض إنتاج المنظمة 2.2 مليون برميل يومياً، وقد يكون هذا العرض كافياً، لمعادلة الطلب، وبالتالي تحسن أسعار النفط بداية عام 2009م، وقد يتجاوز سعر برميل النفط 50 دولاراً، فاستناداً لتصريح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- لصحيفة السياسة الكويتية، فإن السعر العادل لبرميل النفط 75 دولاراً.
إن العجز المتوقع في ميزانية الدولة لسنة 1430هـ سيختفي بل قد يتحقق فائض، عندما يصل مثلاً سعر برميل النفط إلى 50 دولاراً، وذلك حسب المعادلة الآتية:
8 ملايين برميل في 50 دولاراً للبرميل = 400 مليون دولار يومياً.
400 مليون دولار في 30 يوماً = 12.000.000 اثنا عشر مليار دولار شهرياً.
12 مليار دولار شهرياً في 12 شهراً = 144 مليار دولار سنوياً.
أو ما يعادل = 144 مليار دولار في 3.75 ريال = 540 مليار ريال سنوياً وإرادات نفسية.
ميزانية الدولة هي 475 مليار ريال - 540 مليار ريال = 65 مليار ريال فائض، إذا ما وصل معدل سعر برميل النفط عام 1430هـ إلى 50 دولاراً للبرميل.
اعتماداً على هذه المعادلة المتوقعة، فليس ثمة داعي أبداً لحالة التشاؤم من حدوث عجز، وبالتالي انعكاس حالة التشاؤم المفرطة هذه على سوق الأسهم، وانحدار أسعارها بشكل مريع، بناء على احتمال ضئيل الوقوف، كما يجب التنويه، بأن هناك فائضاً في ميزانية 1429هـ، بلغ 590 مليار ريال.
أحوال الدولة المالية من خلال ما تقدم تبعث على الاطمئنان، بل تبشر بالخير.
لنلقي نظرة على بعض مخصصات قطاعات الميزانية لسنة 1430هـ.
1 - قطاع التعليم والتدريب والبحوث:
خصص لهذا القطاع 122 مليار ريال، لمواجهة تكاليف التعليم والتدريب، في مختلف مستوياته، خصوصاً التعليم الجامعي، حيث أنشئت العديد من الجامعات في مناطق مختلفة من المملكة، لتسهيل الوصول للتعليم الجامعي، للراغبين في أنحاء المملكة المختلفة.
كما أن جزءاً مهما من هذا المبلغ، سيصرف على آلاف الطلاب والطالبات المبتعثين للخارج، بعد أن فتحت الدولة أبواباً واسعة للابتعاث الخارجي، ولكل التخصصات والمستويات كالبكالوريوس والماجستير والدكتوراه.
أما المرحلة المقبلة للابتعاث، فيجب فيها التركيز على الدراسات العليا، كالماجستير والدكتوراه خصوصاً في التخصصات العلمية المطلوبة، كالطب والهندسة والكنولوجيا، لسد الحاجة لمثل هذه التخصصات بأسرع وقت ممكن.
أيضاً المطلوب من وزارة التربية والتعليم، بأن تجد الخطى بالاستغناء عن المدارس المستأجرة، وذلك بأن تضع جدولاً زمنياً لتحقيق هذا الهدف، فالمباني المدرسية المصممة سلفاً، لها تأثير بالغ في نجاح العملية التربوية والتعليمية ولا يخفى ذلك على الجميع.
كذلك المطلوب من وزارة التربية والتعليم، تعديل أوضاع المدرسين والمدرسات، الذين يعملون ضمن مستويات أقل مما يستحقون نظاماً، وذلك ضمن جدول زمني بالتعاون مع وزارة المالية، يراعى الأقدمية، تاريخ المباشرة، مما يحقق حالة من الرضا والارتياح، وأيضا مضاعفة الاهتمام بالبحوث العلمية والمخترعين، لما لهذا القطاع من مردودات علمية ومالية لا تنقطع.
2 - قطاع النقل والاتصالات:
خصص لهذا القطاع مبلغ 19.200 مليار ريال، بزيادة بلغت 14.5% عن الماضي.
سيتم مواصلة العمل، وتنفيذ العديد من الطرق سواء كانت سريعة أو مزدوجة أو زراعية في أنحاء مختلفة من المملكة، فما زال البلد بحاجة للمزيد من هذه الطرق لربط أجزاء البلاد بعضها ببعض، على أن تراعى الجودة في التنفيذ والتقيد بمواعيد التسليم.
ما زال قطاع السكك الحديدية، يحتاج ويستحق المزيد من الاهتمام، فالمملكة كما هو معروف بلد واسع المساحة، في حاجة ماسة لربط أنحائها بسكك حديد حديثة، تساهم مساهمة فعالة في تنمية البلد وتطويره.
فسكة حديد حديثة تربط الخليج العربي بالبحر الأحمر، مهمة جداً لربط الموانئ الواقعة عليهما، لنقل البضائع بالسرعة المطلوبة، وأيضا نقل الركاب، مثلا من الدمام إلى جدة، خلال خمس ساعات، في قطارات سريعة تصل سرعتها حوالي 300 كم - ساعة، تستعمل الآن بنجاح في أوروبا واليابان، مما يخفف الضغط على الطرق البرية، وبالتالي تقليل تكاليف الصيانة، كذلك الضغط على النقل الجوي الداخلي، وتساعد على خفض أسعار السلع والخدمات، بسبب توفير السلعة أو الخدمة للمستهلك، بوقت مناسب، دون دفع تكاليف ضريبية للموانئ، كما أن السكك الحديدية، ستقلل من حدوث الحوادث على الطرق البرية والتي ينجم عنها خسائر بشرية ومادية كبيرة.
الأمل بأن يعطي هذا القطاع المهم في النقل، الاهتمام الذي يستحقه، بتحويل المؤسسة العامة للسكك الحديدة، إلى هيئة يناط بها تطوير هذا المرفق بأسرع وقت ممكن، ونظراً لأهمية هذا القطاع في النقل، سيبحث مجلس التعاون الخليجي قريباً ربط دول المجلس بسكك حديدية، فهل يتحقق ذلك قريباً؟ هذا ما يأمل الجميع.
كذلك سرعة تأهيل وتطوير مطاري الملك عبدالعزيز في جدة، ومطار الأمير محمد بن عبدالعزيز في المدينة المنورة، بالسرعة الممكنة، حيث لا يخفى أن هذين المطارين يعتبران بوابتي المملكة للحجاج والمعتمرين على مدار العام، كما أن مطار الملك خالد في الرياض، بحاجة للتطوير، كي يكون مهيئاً لاستقبال أعداد المسافرين المتزايدة، المطلوب تقديم خدمات في المطارات العاملة، تليق بالمستوى الحضاري والمدني للمملكة.
هذا والله الموفق،،،
باحث اقتصادي.