لم يفتأ مذيعو نشرات الأخبار في القنوات الفضائية في تصعيد نبرة أصواتهم لإعطاء الخبر قوة واهتماماً، ورافق الأصوات صور الضحايا والدم والوجع والقهر والنحيب وكل وجع عرفه الإنسان وشعر به.
والصحف تتابع في نشر أحداث غزة:
(دمار هائل ومزيد من الدماء بغزة)، (غزة في بحر من الدماء)، (مجلس الأمن يدعو إلى وقف العمليات العسكرية في غزة)، (إضراب شامل يعم الأراضي الفلسطينية)، (عدد الجرحى في تزايد مستمر جراء القصف الصهيوني المتواصل)، (يوم حداد وطني وإضراب عام في فلسطين احتجاجاً على جريمة العدوان الإسرائيلي)، (وعلى القيادة الفلسطينية التحرك بفعاليات شعبية فلسطينية عبر مسيرات شعبية سلمية).
موقف فلسطيني وآخر دولي، أما إسرائيل فترد على كل ذلك: (إسرائيل تتوعد بتوسيع العمليات وترفض وقف إطلاق النار)، و(الأحزاب الصهيونية تستثمر دماء قتلى مذبحة غزة في حملتها الانتخابية)، و(إسرائيل تستدعي الآلاف من جنود الاحتياط).
والموقف العربي الرسمي هو الدعوة للاجتماع والتداول وإرسال المساعدات للمتضررين، ووصف المجزرة ب(أسماء) و(صفات) واستنكار وإدانة...؟!
مجزرة غزة تنضم مجدداً إلى تاريخ حافل من المجازر في طريق طويل يخطوه الفلسطينيون عبر زمن يقارب القرن، وخلاله تطوى صفحات وتفتح أخرى من فصول مأساة مريرة موجعة، كلما تقادم الزمن كلما تعمقت أوجاعها وزاد ذلها وهوانها وانكسارها في حضرة الموت الإجباري والطرد واغتصاب الأرض والتدمير والقهر.
ثم ماذا بعد ذلك ستطوى أحداث غزة كما طويت غيرها، وسوف ننتظر حدثاً آخر، فلا حجم الإدانة وضخامة الاستنكار وامتعاض العالم سيوقف ما يحصل في غزة. ولن تقدم المظاهرات الشعبية سوى أصواتاً مرتفعة تطلب الخلاص والانتقام.
ما الذي نفعله ونحن نعايش قهراً جديداً: علينا الاستنكار وإحصاء الشهداء فهو كاف لأمة انحنت بعد شموخ.