لقد تدفق الحبر مدراراً وهو يسطر ويسجل لقضية العرب المركزية -فلسطين- التي تلعب بها وبناسها الرياح. من كل حدب وصوب.. وجرى الغزير من المياه تحت الجسور كما يقولون. وتتالت الاجتماعات والمؤتمرات من أجلها وكل شيء مكانه يراوح!! ولقد ظل أسلوب الخطاب العربي
منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948 ثابتاً لا يتغير وهو أسلوب الشكوى والصراخ والولولة والتنديد.. والشعور بالقهر والاستلاب!
- ومع عدالة القضايا العربية المزمنة التي برزت في هذا القرن لم ينجح الخطاب العربي في التقدم ولو خطوة حاسمة نحو استعادة الحق العربي وإقناع الغرب والشرق. أو كبح جماح المطامع الإسرائيلية ووقف احتلال المزيد من الأراضي العربية ومنع الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط عسكرياً واقتصاديا والتخطيط على المدى البعيد لإلغاء الهوية التاريخية والثقافية والحضارية للأمة العربية بشكل كامل وشامل!
- قليل من الزعماء والسياسيين والدبلوماسيين والعسكريين والمثقفين العرب استطاعوا اختراق العقلية الغربية المتعاطفة مع إسرائيل منذ أن برز كيانها إلى حيز الوجود حتى الآن. فغالبية الدول والقوى الغربية والشرقية أيضا، وخصوصا التي تدعي أن هاجسها الحفاظ على أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط لا تزال تعتقد أن إسرائيل هي بؤرة حضارية مضيئة وسط بحر هائج ومتخلف من العرب والمسلمين المجبولين على العداء والفوضى والتأخر والإرهاب وزعزعة الأمن والاستقرار في هذه المنطقة وفي العالم.
- إن الهجمة مستمرة على هذه الأمة من كل حدب وصوب، لقد تآمر الشرق ممثلاً في الاتحاد السوفيتي السابق بوعوده الكاذبة لفترة نعرفها جميعاً. أما الغرب فمستمر منذ الحروب الصليبية في تآمره على العرب والمسلمين.. بل استطاعت العقلية الغربية والعقليات الشريرة الأخرى تشغيل دولة شقيقة مثل إيران وإطلاق يدها في العراق. وتركيا مع الأسف وجيشها وما يفعل في ربوع العراق البلد العربي، وذلك للتآمر على هذه الأمة المستباحة ونهش لحمها أو هكذا يظنون.. بالأمس عندما رأيت الرئيس الإيراني يجول في قصور العراق لتثبيت أقدام دولته التي فرحت بهذه الثمرة الناضجة التي سقطت بين يديها، عندها تذكرت إيوان كسرى وكيف انكسر! على يدنا وهجمة هولاكو. ثم لا ننسى صورة الرئيس الإيراني ومنظره مع الزعماء العرب يدعو للاستهجان ووزره يقع على من دعاه، لأنه أتى وهو يغزل خيوط التآمر العنكبوتية حول هذه الأمة، وخاصة للتآمر على قطر عربي شقيق هو لبنان بمساندة وتخطيط من أهم وأقرب الدول العربية إلى لبنان، وكذلك تقوية فئة من الفلسطينيين على أخرى، وكذلك اختراق أمن العراق الذي تفتح له حكومة المالكي أبوابه!
-وهو - وكما تدل المقدمات يسعى وغيره إلى خلق كماشة حول عنق العالم العربي والإسلامي وكأن ما سببته تركيا لهذا العالم العربي عندما هيمنت على مقدراته من مصائب طوال خمسمائة عام لا يكفي، أو ما أصاب العرب من دولة الفرس وعرش كسرى انوشروان قليل!
- إن هذا الإنسان العربي ينتمي إلى أمة عريقة أصيلة ذات تاريخ وجذور وتقاليد عظيمة أمة ينضوي تحت لوائها شعب كبير، أمة لها في العالم المعاصر أكثر من عشرين دولة.. وكل دولة لها حكومة ومؤسسات وكيان مستقل وحضارة ونهضة عظيمة!
- ومع كل هذا الزخم من المعطيات فهذه الأمة تعاني من القلق والارتباك والإحباط والتآمر.. لعدم قدرتها على مواجهة (دُوَيْلَةٍ) واحدة هي إسرائيل!! المدعومة بكل قوة من أمريكا منذ فترة طويلة.. واليوم تنظم معها - مع الأسف- شقيقتنا في الإسلام إيران بدور كبير خادع للمثقفين العرب بأنها أي إيران ضد الغرب وهذا غير صحيح وإنما هي لعبة محكمة حيكت في بلد عربي للالتفاف على القضية العربية وابتلاع المنطقة. ورغم ضخامة ووضوح المؤامرة على هذه الأمة.. فإن هذه الأمة - مع الأسف- تقبل وتستجدي الصلح والتطبيع مع إسرائيل بالرغم مما اقترفته إسرائيل من مذابح وجرائم.. اليوم وبالأمس بحق الإنسان العربي والمسلم في أكثر من بلد عربي!
- وتعقد المؤتمرات الكبرى والصغرى والوسطى لمجابهة مطامع وتحديات وعدوان إسرائيل ثم يسفر كل هذا عن لا شيء!
- ويبقى الكره والعدوان من إسرائيل ويبدأ الغرب في دفع كل متآمر على العرب إلى الميدان وتبدأ مثل إيران في محاولة اللعب على الألفاظ والمتناقضات ويقول الرئيس الإيراني: إن القدس محتلة.. (صح النوم) بعد نصف قرن من الاحتلال. أيها الصديق اللدود، لقد صحت الشعوب العربية وعرفت الصديق من العدو.. فلا يستطيع أحد أن يضحك على الشعوب بمثل هذه الكلمات، ثم لماذا لا تأتي من بوابة العرب الجامعة العربية وتقول ما لديك؟!
- لقد آن الأوان لبدء حوار منطقي وشجاع وجريء مع الغرب والشرق ومع الجميع حول قضية الأمن في منطقة الشرق الأوسط وأسباب التوتر والتفجر المستمر يجب أن يهتم كل عربي وكل مسلم في موقع المسؤولية بإعطاء صورة واضحة للعالم عن الوضع الغريب والشاذ للوجود والتصرف الإسرائيلي العدواني والاستفزازي في المنطقة العربية (الشرق أوسطية) وعدم اليأس من وجود من يستمع أخيراً إلى صوت المنطق والحق والعدل. لأن إسرائيل وغيرها لن تستطيع الاستمرار في خداع كل الناس كل الوقت ورغم كمية الشك، فليس لنا مندوحة من متابعة ما يجري من حولنا.. وعلى سبيل المثال:
- ما جرى من أحاديث أو مناقشات بين أمريكا والعرب وإسرائيل في مؤتمر أنا بوليس حول عملية إنقاذ السلام في الشرق الأوسط.
- أريد أن أتخيل فقط أن الحديث بين الدولتين (أمريكا وإسرائيل) كان عن حجم الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي الذي تقدمه أمريكا لإسرائيل قبل شطب موضوع السلام كلية من ذهن العالم وقبل توجيه ضربة تأديبية قاصمة لسوريا التي كشفت أوراقها بوقوفها مع إيران ودعمها لمليشيات حزب الله في لبنان ومحاولة تحويله إلى دويلة رغم وقوف العرب جميعاً ضد هذا الموقف ودورها في العراق.. ذلك الدور المتلبس - والذي يساعد إيران على التوغل في العراق وتمزيقه وتمكين الأقليات من حكمه.
- ولا شك في أن أمريكا قد حاولت الإشارة إلى أن ما تم إنجازه من خطوات في عملية السلام هو في صالح الجميع وأنه يستحسن تهدئة اللعب وإلغاء فكرة التصميم على بناء المستوطنات الجديدة في القدس.
- لكن إسرائيل كشرت في وجه الدولة العظمى وأفهمتها أن الحديث عن المستوطنات وحتى عن السلام لا يستحق من الوقت أكثر من دقائق، كما أن إسرائيل قد تكون أقنعت أمريكا بأنها تعرف وضع العرب وضعفهم وخلافاتهم وقبولهم في النهاية بالواقع مهما كانت غرابته وقسوته.. المهم والمطلوب هو أن على أمريكا أن (تغض الطرف) والباقي ستقوم به إسرائيل حسب الخطة المرسومة.. هذا في الماضي أما الآن فالأمر مختلف!.
آمل أن يكون هذا التخيل خاطئاً وفي غير محله.. ومهما يكن فإن دور الكلمة أصبح متهالكاً ولا قيمة له ما دام أن الخداع من الجميع هو سيد الموقف وفي مقدمتهم دولة إيران التي تسعى إلى إيهام جمهرة من المثقفين العرب أن المقصود بالتسلح النووي ليس العرب بل أمريكا وإسرائيل!
- إن ما سيبرز على السطح من أحداث قد تعيد عملية السلام - السراب إلى نقطة البداية بل ربما العودة بالمنطقة إلى حالة الحروب المدمرة. وتركها على حافة الهاوية تتمرغ بين لعبة اللاحرب واللاسلم! التي كانت سائدة يوماً ما! في هذا الشرق المكلوم- أو كما يقول المثل (الشرق المأكول المذموم)!!