عمليات إسرائيل المتدحرجة سواء ما ينفذه وحوش الجو من غارات على المدنيين الأبرياء وعلى الأرض من هجوم بري, والتي يظن الإسرائيليون أنها سوف تحقق أهدافها القريبة المدى من خلال كسر عظم المقاومة الفلسطينية، إلا أنها في الحقيقة قد قضت على آمال وبشائر السلام التي كانت تلوح في ذهن البعض وضمنوها بتصريحاتهم التي تؤكد أن العام 2008م قد ينبثق عنه ما ينهي أو يخفف من دائرة العنف المغلقة التي صنعها الاحتلال للأراضي الفلسطينية، وها هو العام الميلادي الجديد يقبل بمزيد من دماء الأبرياء الفلسطينيين المراقة على أرض غزة، والتي تحطم كل أمل في خلق نوع من التناسق أو حتى التناغم السياسي على مستوى المفاوضات المراوحة مكانها، ومن المعلوم أن الجانب النفسي والشحن التعبوي يلعب دوراً في تحريك الرأي العام الشعبي تجاه كل تحرك سياسي أو تفاوضي، فبعد هذه الهجمة البربرية لا يمكن لأحد من المعنيين بمفاوضات السلام أن يتحدث عن الجهد التفاوضي بعين مفتوحة، فقد قضى الإسرائيليون على معنويات المفاوضات قبل أن يقضوا على فحواها.
وفي الجانب الآخر من الموضوع تقف الإدارة الأمريكية وهي تحزم حقائبها للرحيل في نهاية عهدها غير المأسوف عليه مكتوفة الأيدي، وكأنها تقف في أرض محروقة من الوقت، فلا تمارس دورها المنشود والمفقود -أيضاً- في إيقاف هذا العدوان، أو لعب الحد الأدنى من العدالة ولو حتى على مستوى التصريحات، فما بالك بالجهود المتتالية من أجل عرقلة جهود وقف العدوان في مجلس الأمن من خلال التحيز المعهود لإسرائيل.
يقبل عام 2009 م وتقبل معه إدارة أمريكية جديدة, وتقبل معه -أيضاً- حكومة إسرائيلية قادمة، وواقع فلسطيني يراوح في مكانه مثبتاً حالة الانقسام والفرقة التي ساهمت في صنع المأساة والإحباط، ولكن السؤال: هل يقبل هذا العام ومعه أمل جديد أو حتى انفراجة على مستوى مفهوم العدالة الدولية وحقوق الشعب الفلسطيني المكلوم؟.
***