ما بين العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المستمر الذي يدخل اليوم يومه الحادي عشر، وبين العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان علاقة وثيقة، من خلال نهج وأسلوب العدو الإسرائيلي في شن العدوانين، فهدف عدوانه في جنوب لبنان كان كسر شوكة المقاومة اللبنانية، مثلما هو هدف العدوان على غزة الذي يرمي هو الآخر إلى إجهاض الإرادة الصلبة للمقاومة الفلسطينية.
التشابه الآخر والأكثر تأثيرا على الوضع في المنطقة هو المماطلة الإسرائيلية والدعم الأمريكي السافر والمعرقل لكل الجهود الدولية التي تنشط في مثل هذه الأوضاع التي تحدثها الحروب العدوانية التي تهدف إلى وقف المعارك وإنقاذ المدنيين من ويلات الحرب.
حرب صيف 2006م في جنوب لبنان ظلت إسرائيل تماطل أكثر من شهر ونصف وأمريكا تجهض كل المحاولات الدولية الهادفة لوقف إطلاق النار سواء في مجلس الأمن الدولي أو الاتحاد الأوروبي أو الجهات الدولية الأخرى، وبعد تكبد إسرائيل خسائر فادحة وظهور أصوات داخل إسرائيل تطالب بوقف الحرب لإنقاذ جنود إسرائيل وتنامي الرأي العام الإسرائيلي المناهض للبقاء في جنوب لبنان توقف العدوان على الجنوب.
الآن تتكرر المواقف نفسها، فإسرائيل تماطل وتمانع وقف عدوانها على غزة، والدبلوماسية الأمريكية مجندة لعرقلة أي تحرك دولي، على الرغم من ازدياد واقتراب الكثير من الدول والمنظمات إلى الإنصاف من خلال رفع الصوت والمطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة.
وهذا التحول لم يأت اعتباطا ولا استجابة للتحرك الدبلوماسي أو السياسي العربي، فالعرب ما زالوا يقصفون بعضهم البعض بأشد الكلمات بذاءة مثلما نسمع في المظاهرات.
ولكن لأن العالم يتابع بالصوت والصورة ما أحدثته المجزرة الإسرائيلية من إبادة بشرية وتدمير لكل مقومات الحياة في غزة، فأهلها محاصرون منذ أكثر من عام، وبعد أن نفد الغذاء وأصبح الماء الصالح للشرب معدوما، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي غارات مكثفة بالطيران الحربي وصلت في أسبوع إلى نحو ألف غارة من طائرات الإف 16 التي تحمل قنابل زنتها ألف طن، وقد عاثت هذه الطائرات فسادا وتدميرا في جميع مناطق قطاع غزة، وزرعت القتل في كل ركن وشارع وحي، وطال الموت المدنيين في غزة وهم في منازلهم التي هجروها إلى المدارس والمساجد للاحتماء بها، ومع هذا لاحقتهم غارات الطائرات وهم في المساجد..!!
ارتفاع حصيلة القتلى ونفاد الغذاء وانعدام الدواء وتعذر العلاج في المشافي الفلسطينية التي اكتظت بالمصابين، جعلت المجتمع الدولي بكل دوله، باستثناء الكيان الإسرائيلي وأمريكا، يطالب بوقف عدوان إسرائيل.. وفتح معابر غزة لإنقاذ الناس من الموت جوعا وعطشا، فالعالم كل العالم يتابع بالصوت والصورة المدنيين من أهل غزة يتعرضون للإبادة الجماعية وخاصة الأطفال وأمهاتهم والشيوخ الذين لم يجدوا ملاجئ تنقذهم من غارات إسرائيل، فبقوا في منازلهم لتخترق شظايا القنابل أجسامهم بعد أن اخترقت منازلهم.
العالم جميعه يطالب بوقف عدوان إسرائيل، إلا مجرمو الحرب في إسرائيل لم يستجيبوا ويرفضوا سماع نداء الإنسانية، لأنهم ببساطة يسعون لتحقيق أهدافهم التي أعلنوها التي تنحصر - مثلما يجاهرون - في قتل جميع مقاتلي حماس.. أو بالأحرى قتل كل أهل غزة لأنه في ظل اختلاط السكان ووضع غزة التي تعد أكثر بقعة في العالم اكتظاظا بالسكان.. فالمطلوب إسرائيليا حتى يتوقف عدوان إسرائيل هو قتل كل أهل غزة سواء بغارات الطائرات.. أو بالاجتياح البري لإعطاء المهمة لقذائف الدبابات.. أو الموت جوعا بعد إحكام الحصار.
jaser@al-jazirah.com.sa